ترأس البطريرك يوحنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، صباح اليوم الجمعة، قداس رأس السنة الميلادية في الكاتدرائية المريمية بدمشق. عاون البطريرك في الخدمة الأسقف موسى الخوري والأسقف أفرام معلولي ولفيف من الكهنة والشمامسة. رُفعت في القداس الصلاة من أجل السلام في العالم، كما وكانت للبطريرك عظة في نهاية القداس تطرق فيها إلى ما تواجهه البشرية من تحديات في ظل انتشار الوباء وإلى الوضع العام لافتًا إلى قضية مطراني حلب المخطوفين يوحنا إبراهيم وبولس يازجي. كما تطرق البطريرك إلى الوضع العالمي في مواجهة الوباء قائلًا: "نفتتح السنة الجديدة والوباء يضرب من أقاصي الأرض إلى أقاصيها. وأمام هول المشهد تحني البشرية النازفة قلبها وكيانها ضارعةً إلى سيد الحياة والموت أن يرأف بجبلته. تحني البشرية قلبها أمام الوباء الحاضر الذي مضى ليؤكد أن البشر سواسية رغم كل اختلاف دينًا، حضارةً، جنسيةً، لغةً، جغرافية، جنسًا، عرقًا ولونًا". وتابع: "تترنّح البشرية أمام الجائحة التي مضت، رغم مرارتها، لتقول إننا جميعًا كبشر ركاب قاربٍ واحد وضعه الله وسط موج الكرة الزرقاء. أتى الوباء الحاضر لينخس ضمير من ينسى أو يتناسى أننا نتقاسم شيئًا من مصيرٍ واحدٍ على هذه البسيطة. أتى الوباء ليذكر، ورغم كل مرارته، أن البشر مدعوون للتسابق في التكاتف في مواجهة كل خطر لا إلى التسلح والاقتتال المر والعنف والإرهاب. لقد حشت البشرية بطون الأرض سلاحًا من كل نوع ووصلت في بعض الأحيان إلى التفنن في التمترس خلف الإيديولوجيات وترجمت كل هذا حروبًا وقلاقل واضطرابات تآكلتها". واستكمل: "نصلي أن يكون الوباء الحاضر، الذي نسأل الله أن يشفق على جبلته ويزيله سريعًا، نصلي أن يكون ولو مجرد صدمةٍ إيجابية تستفيق منها البشرية من منطق التعادي إلى منطق التكاتف، من منطق المواجهة إلى منطق اللقيا، من منطق الاستقواء على الغير إلى منطق التعاضد، من منطق تأليه الفكر الذي يسابق كل شيء إلى منطق تعقُّلِ المبروء أمام جلال الباري، من منطق التهافت إلى التسلح للفتك بالآخر إلى منطق التسلح بالآخر للنهوض معًا ولمواجهة حلاوة الدنيا ومرها بسلام القدوس وحلاوة خيريته". وتطرق إلى الملف السوري مصليًا من أجل السلام في سوريا قائلا: "في رأس السنة الميلادية نصلي من أجل السلام في سوريا. نصلي من أجل سوريا التي عانت مرارة الحرب ومرارة التهجير والإرهاب والعنف. نصلي من أجل هذا البلد الذي يرزح تحت وطأة المصالح ويدفع من حياة أبنائه فقرًا وبؤسًا وحصارًا اقتصاديًا. نصلي من أجل الأم الثكلى والأخ والأب الملتاع لفقدان أحبةٍ جارت عليهم قسوة الزمن الحاضر. نصلي من أجل وحدة ترابه. نصلي ونعمل من أجل تخفيف وطأة الدمار التي ما لبثت تظهر هجرةً مرةً. لقد تاقت سوريا إلى أيام سلامها. ومن حقها ومن حق إنسانها أن يعيش بأمان في أرض الأجداد. نصلي من أجل أن تعود سوريا، وهي عائدة بإذنه تعالى، إلى سابق عهد سلامها. وندعو الأسرة الدولية إلى الرفع الفوري للعقوبات الاقتصادية وللحصار الاقتصادي الآثم الذي لا يستهدف إلا شعبًا أراد العيش بكرامة".أما بالنسبة للبنان دعي البطريك يوحنا العاشر إلى تشكيل الحكومة وجاء في عظته قائلا: "في رأس السنة الميلادية، نصلي من أجل لبنان والاستقرار في لبنان. نصلي من أجل شعبنا في لبنان الذي يرزح تحت الضائقة المادية وتحت وطأة انفجار مرفأ بيروت. وندعو من أجل تشكيل الحكومة اللبنانية بأسرع وقت وكما ينص الدستور بعيدًا عن منطق التحاصص والاقتسام وذلك رأفةً بالإنسان الذي يرزح تحت شبح وواقع انهيار العملة الوطنية. الكل ينتظر، وعلى رأسهم أهالي وذوو المتوفين والمتضررين، ولهم الحق بذلك، ما ستسفر عنه التحقيقات في ملف المرفأ وفي الملف الاقتصادي عامة. ومن هنا الدور المحوري للقضاء وللهيئات المختصة، بعيدًا عن التسييس وعن التعاطي بمنطق النكاية، في الكشف عن ملابسات ما حصل سواء بالمرفأ أم بالمال العام وتفعيل منطق المحاسبة سواسيةً وعلى الجميع".ولفت إلى ملف المخطوفين قائلًا:"نعيّد اليوم لميلاد المسيح بالجسد، وفي القلب غصة المخطوفين كل المخطوفين ومنهم أخوانا مطرانا حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي المخطوفان منذ نيسان 2013 وسط صمتٍ دوليٍّ مستنكر ومشجوب. نصلي جميعًا من أجل كشف ملابسات هذا الملف ووضع خواتيمه المرجوة ونضم قلوبنا إلى قلب الرعية العزيزة في حلب التي تنتظر كلمة رجاء بخصوص راعييها المطرانين اللذين لم يكونا إلا راية سلامٍ ومصالحةٍ وسط أزيز الضغائن والحروب"
مشاركة :