كان وما زال هذا المنهج منذ ابتكره صاحبه سيغموند فرويد سنة 1896م مثار جدل كبير في الأوساط المعرفية والفلسفية وشغل حقولا كثيرة تناقش الفرويدية كظاهرة فكرية حاولت أن تعطي تفسيرات فكرية ليس فقط في حقلها الإكلينيكي وإنما تمددت لتشمل قضايا الحياة والأديان، الظاهرة الفرويدية شكلت تلاميذ وضعوا اللبنة الأساس للنظرية. فرويد الذي صاغ تصوراته الفلسفية من مختبر العيادة وبلور نظرياته ليصك لنا مفاهيم مهمة حول الذات الأنا، الهو، الأنا الأعلى. وكما يشير الفيلسوف الفرنسي بول ريكور في صراعاته وتأويلاته وهو أحد أبرز الفلاسفة الذين حاولوا أن يناقشوا الفرويدية مع فلاسفة آخرين يقول ثلاثة أحداث كسرت نرجسية الإنسان أولها كوبيرنوكس الذي حطم مركزية الأرض، وثانيها داروين، وثالثها فرويد الذي كشف لهذا الإنسان الذي كان يدعي معرفته بكل الشيء بأنه لا يعرف نفسه. أما قارة اللاوعي فهو اكتشاف تاريخي قدم فتوحات جمالية ونفسية ليس فقط في الحقل السيكولوجي وإنما في حقول الجماليات والآداب والفنون. فرويد كغيره من المفكرين المبدعين الذي شكلوا تلاميذ حولهم بين الأرثوذكس وبين اليسار. فرويد أول من استخدم عقار المورفين في علاج المرضى لكنه لم يتوغل فيه كثيرا وكانت فرصة له ليبرز نجوميته كطبيب مرموق ولكن لوفاة صديقه الذي كان يستخدم هذا المخدر بنصيحة من فرويد رغم أنه لم يكن سببا رئيسا لوفاته فقد كان يعاني من مرض عضال إلا أن هذا الحدث سبب إحباطا نفسيا لفرويد وتوجه مع بروير في فيينا واكتشف مع صديقه تداعي الأفكار بدل التنويم المغناطيسي للمرضى وتوغل فرويد فيه أكثر إلى أن ابتكر نظرية التحليل النفسي ونظرياته حول الأعصبة والبارانويا. ابتدأ بكتابه الكبير التحليل النفسي وهو أول تفسير علمي للأحلام ابتدأ فيه فرويد بتفسير أحلامه الشخصية رافدا أفكاره بالنظريات الفلسفية كما يقول عنه اريك فروم كان فرويد فيلسوفا غير محترف وكتاب تفسير الأحلام هو أضخم كتبه على الإطلاق والذي قاده بالتالي ومع تلاميذه إلى بلورة نظريته حول التحليل النفسي، وقد كان يعتبر التحليل النفسي تطورا غير مسبوق في علم النفس، نعم ربما كان نيتشه وكانط وغيره من الفلاسفة الأخلاقين ممهدين لظهور التحليل النفسي الذي يعتبر الآن من كلاسيكيات علم النفس والدراسات الاجتماعية. تكمن أهمية فرويد في دخوله بنظرية التحليل النفسي إلى الاشتغالات الأنثروبولوجية والاجتماعية لذلك لا غرو إذا اعتبرنا أن أقطاب التحليل النفسي الثلاثة وهم: سيغموند فرويد، وكارل يونغ، وإريك فروم فلاسفة أيضا. أهم اكتشاف لفرويد على الإطلاق هو اكتشافه لقارة اللاوعي أو ما يسمى العقل الباطن. بعض أفكار فرويد في النظرية الجنسية حتى الآن لم يثبت عدم صحتها كما في تحليه أيضا للنرجسية. فرويد توغل في أعماق الشخصيات الإنسانية بما فيها من نزعة أيروسية ونزعة ليبدوية وقد استفاد من شخصيات دوستوفسكي لما تحمل شخصياته من تعقيدات إنسانية وتعمق رغم أن تلامذته الذين خرجوا عليه، وأقصد أدلر وكارل يونغ إلا أنه ما زال متربعا على عرش التحليل النفسي حيث إنهم لم يستطيعوا تجاوزه. أول من قدم نقدا لفرويد خارج الحقل النفسي، الفيلسوف الروسي ميخائيل باختين في بدايات القرن العشرين، لكن للأسف لم يكترث له كثيرا وتوالت النقودات على فرويد بعدها. سيغموند فرويد
مشاركة :