وحيد حامد.. كاشف خبايا الجماعة

  • 1/3/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تميز الكاتب الراحل وحيد حامد عن باقى أقرانه بقدرته على دراسة الماضى وقراءة الواقع واستشراف المستقبل، فهو من القلائل الذين غاصوا داخل تفاصيل وخبايا مكونات المجتمع المصرى بشرائحه المختلفة، واستطاع تقديم هذه الشرائح داخل قوالب فنية متعددة وممتعة، إلا أن تميزه الأكبر كان من خلال اقتحامه عالم الجماعة المحظورة بقدرة وشجاعة محارب من "محاربين النينجا" الذين لا يقهرون.ونجح وحيد حامد في دراسة تاريخ وتفاصيل الجماعة المتأسلمة ظاهريًا والمسيسة واقعيًا، بل ودراسة التركيبات النفسية للشخصيات المنضمة لهذه الجماعة ودوافعهم النفسية والاجتماعية والمادية للانضمام لهذه الجماعة المحظورة،حتى وان كانت لم تكن محظورة، فنجح في تقديم النموذج القيادى المستغل النفعى لقيادات هذه الجماعة من خلال فيلم "طيور الظلام" الذى أبعد فيه الكاتب الراحل من خلال رسم شخصية "على" المحامى الذى تخرج من كلية الحقوق وتلقفته الجماعة كى يصبح أحد رجالتها المدافعين عن أعضائها أمام المحاكم والمستفيدين منها ماديًا، ومن خلال شخصية على كشف الغطاء عن ما كانت تقوم به الجماعة من عقد صفقات وعمل توازنات مع النظام الحاكم واستغلال حاجة الشارع المصرى متسترين وراء الدين ووراء المعارضة للنظام بحجة حماية الدين والفقراء من بطش الأنظمة.وحينما أراد حامد أن يصل إلى أعماق الجماعة لم يكتفِ بـ"على" في طيور الظلام، بل قرر أن يدخل بنفسه إلى عش طيور الظلام الجارحة ليتناول قصة حياة رئيسهم ومؤسس جماعتهم حسن البنا وما قدمه للعالم من تأسيس تلك الجماعة المحظورة التى اتخذت من الدين مطية للوصول إلى السياسة والحكم، فقدم حامد الجزء الأول من مسلسله "الجماعة" الذي قدم خلاله مراحل تأسيس الجماعة منذ عشرينيات القرن الماضى على يد زعيمهم حسن البنا، وما وقع من أحداث سياسية واجتماعية في تلك الفترة وما أقترفته يد الجماعة وأعوانها منذ تأسيسها،وهو ما لم يستطع حامد تفصيله بشكل كامل على اوراقه من خلال جزء واحد من المسلسل فاضطر لتقديم الجزء الثانى من المسلسل مع منتصف العقد الثانى من الألفية الثالثة وبعد أن انزاح كابوس حكم الجماعة لمصر في عامهم المشؤوم، ليقدم لنا حامد تفاصيل حياتية ونفسية مهمة ومؤثرة في تاريخ قيادات الجماعة مثال زينب الغزالى وسيد قطب إمام الجماعة وكاتبها ومفكرها وأحد مراجعها الأساسية في استخدام العنف ضد المجتمع، ليقدم لنا وحيد حامد دراسة كاملة متانية ووافية لأسباب تكوين هذه الجماعة ودوافع ظهورها الشخصية والاجتماعية بالنسبة لمؤسسها حسن البنا ودوافع غيره من قيادتها في الاستمرار في إنجاح الجماعة في الشارع المصرى كتعويض لهم عن سعيهم لايجاد مكانة لهم داخل المجتمع حتى ولو بالكذب، بل قدم حامد خبايا الجماعة وما يدور في الغرف المغلقة التى تستعصى حتى على أبناء الجماعة نفسهم من المنضمين الجدد أو غير القياديين، وهو العالم الذى يشبه عالم الأسرار الماسونى أو عالم عبدة الشيطان، ولكن في شكل آخر وتحت عنوان أخر يتخذ من الدين ستارًا له والدين منه براءة.

مشاركة :