تاريخ موريتانيا تكتبه صور ساسة في أحضان الأهل

  • 8/27/2015
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

يؤكد المؤرخ الموريتاني سيد أحمد ولد الأمير أن أولى الصور التاريخية التي التقطت في المجال الموريتاني تعود إلى نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. ويقول كلّ صورةٍ من الصور الموريتانية القديمةِ تحكي قصة وتروي حدثاً، إن لم يخطها قلم على ورق فقد سجلتها كاميرا وتركتها شاهداً على عصر ولّى. ويؤكد أن أغلب الصور الفوتوغرافية القديمة تعود إلى منتصف القرن العشرين وما تلاه من مدة استقلالِ البلادِ عن فرنسا. ويعتبر ولد الأمير أن الدور الأكبر والقسط الأشهر في نشر الصور التاريخية الموريتانية، وتداولها بين المتصفحين، واستقطاب اهتمام القراء وتعليقاتهم يعود الفضل فيه لموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك. ويشير إلى أن أبرز صفحة توثق تراث الصور الموريتانية القديمة هي صفحة الشاب الباحث المختار ولد إبراهيم ولد السيد، الذي له في هذا المجال قصب السبق والجهد المذكور والعناية التي لا تقارن بغيرها. حصلت الخليج من الباحث الشاب المختار ولد إبراهيم ولد السيد على صور ملتقطة خلال مدة الخمسينات والستينات من القرن الماضي وتؤرخ لجيل من الشخصيات الموريتانية التي لم يكن أصحابها ساعة التقاطها يدركون أنهم سيكونون رؤساء ووزراء في البلاد وشخصيات محورية في تاريخ المجتمع الموريتاني الحديث. بكل تأكيد لم تكن صفية بنت محمد سالم ولد امخيطرات، وهي من أوائل المدرسات في المدارس، ودرّست الكثير من المسؤولين الموريتانيين، تدرك أن لهذه الصورة قيمة تاريخية، إذ سيصبح طفلها الجالس في حضنها في الصورة وزير الاقتصاد الموريتاني الأبرز في تاريخ البلاد الحديث، وتولى وزارة الاقتصاد والشؤون الاجتماعية لأطول مدة، حيث أمسك ملف الاقتصاد خلال ثلاثة أنظمة (2005-2015)، ليتم انتخابه قبل أشهر مديراً عاماً للصندوق العربي للتنمية في إفريقيا. تميز سيدي ولد التاه بحجم الاستثمارات والمستثمرين الذين جلبهم للبلاد، وكان صمام أمان طوال عقد من الزمن لاقتصاد البلاد، خاصة أمام مؤسسات التمويل الدولية، التي عرف الرجل بجدارة كيف يحصل منها على مصالح بلاده. صفية بنت أمخيطرات تنحدر من عائلة موريتانية عريقة وهي بنت وزير الصيد 1966، وابنها وزير، ويعود لها فضل كبير في تعليم أجيال من الموريتانيين، أصبح الكثير منهم اليوم في واجهة المشهدين السياسي والاقتصادي في البلاد. الصورة الثانية للطفلة الناها في حضن والدها أشهر وزير خارجية في تاريخ البلاد الراحل حمدي ولد مكناس، الذي قاد الدبلوماسية الموريتانية إبان مدة التأسيس وخلال حرب الصحراء، ويعود له الفضل في إقناع العديد من الدول الإفريقية بقطع علاقاتها مع إسرائيل خلال السبعينات من القرن الماضي. في الصورة يحتضن حمدي ولد مكناس ابنته الصغيرة وقتها الناها، التي ستصبح أول وزيرة خارجية عربية في التاريخ. من الطريف أن الناها بنت مكناس، من بين إخوتها ورثت والدها في كل شيء، فقد ورثته في رئاسة الحزب السياسي الذي أسسه بداية التسعينات: حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم، الذي يعد حالياً ثاني أكبر أحزاب الأغلبية الرئاسية، كما تولت حقيبة الخارجية كأول امرأة عربية تتولى هذا المنصب عام 2009، لتحظى باهتمام إعلامي واسع عبر العالم، وهي الآن وزيرة التجارة في الحكومة الحالية إلى جانب رئاسة الحزب. في صورة ثالثة توثق الكاميرا جلوس الطفل محمدن ولد المختار ولد داداه، السفير الموريتاني الحالي في بلجيكا والاتحاد الأوروبي، في حضن والده الرئيس المؤسس المختار ولد داداه. وفي صورة رابعة يوجد المصطفى ولد محمد السالك ومعاوية ولد الطايع خلال زمالتهما في الدراسة الإعدادية في الخمسينات من القرن الماضي. ومن الطريف أن المراهقين في الصورة سيتعاقبان على رئاسة البلاد، إذ أصبح ولد محمد السالك أول رئيس عسكري للبلاد في 10 يوليو/تموز 1978، ليقود أيضاً زميل دراسته ورفيق سلاحه في الجيش العقيد معاوية ولد الطايع انقلاب عسكري يوم 12 ديسمبر/كانون الأول 1984، وليحكم البلاد لأكثر من عشرين عاماً، مسجلاً أطول مدة حكم يمضيها رئيس موريتاني في السلطة. وتعتبر فترتا حكم ولد محمد السالك وولد الطايع الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الرؤساء الموريتانيين، ولا تزال سياسات الرجلين تطبع بصمتها الواضحة في المشهد الموريتاني.

مشاركة :