أحّيا العراقيون الذكرى الأولى لمقتل نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس، والجنرال الإيراني قاسم سليماني بمراسم اتسمت بالانضباط، وتفادي تصعيد عسكري بآخر أيام الرئيس دونالد ترامب، في وقت دعت كتلة «الفتح» حكومة الكاظمي للعودة للاتفاق الاقتصادي مع الصين. في خطوة تضمنت استعراضا للقوة بمواجهة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وإشارات على الرغبة في تفادي الدخول بتصعيد عسكري مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي تستعد لمغادرة البيت الأبيض، أحيا الآلاف من أنصار الفصائل المسلحة المنضوية في «الحشد الشعبي» العراقي، الذكرى السنوية الأولى لمقتل نائب رئيس هيئة «الحشد» أبومهدي المهندس، والجنرال الإيراني قاسم سليماني بمراسم اتسمت بالانضباط في العاصمة بغداد أمس. واكتظت الشوارع المحيطة بساحة التحرير، مركز المظاهرة الرئيسية، بمئات الالآف من المتظاهرين، رغم الإجراءات الأمنية المشددة، وإغلاق عدد كبير من الطرق والجسور والساحات وسط بغداد. وركزت الهتافات على تخوين رئيس الحكومة العراقية، والمطالبة بتنفيذ قرار البرلمان بإخراج القوات الأميركية. وحملت الحشود لافتات طالبت بالقصاص من منفذي الضربة التي شنتها طائرة مسيرة بدون طيار بأمر من ترامب، وأودت بحياة سليماني والمهندس قرب مطار بغداد 3 يناير الماضي. وأكد فالح الفياض رئيس هيئة «الحشد الشعبي»، أن «الهيئة تحرص أن يشمل القصاص كل من نفذ جريمة المطار، وتطاول على رمز الشعب»، مشدداً على ضرورة تنفيذ قرار البرلمان بإخراج القوات الأميركية من البلاد. وشاركت عدة ميليشيات في التظاهرات، أبرزها «كتائب حزب الله»، و«النجباء»، و«البدلاء»، و«عصائب أهل الحق»، و«بدر»، وجماعات أخرى تعرف عادة بـ«الميليشيات الولائية»، في إشارة إلى ارتباطها بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ولتمييزها عن فصائل مسلحة أخرى ضمن «الحشد الشعبي» مرتبطة بمرجعية النجف. وتشهد العاصمة بغداد، منذ أكثر من 10 أيام، توتراً أمنياً وخلافاً بين الحكومة وفصائل مسلّحة مرتبطة بإيران، متهمة بقصف المنطقة الخضراء، بينما تحاول الحكومة ضبط تلك الفصائل ومنعها من تنفيذ أي هجمات جديدة، ما دفع إلى تكثيف الانتشار الأمني بشكل متزايد، وإعلان حالة التأهب في عموم مناطق العاصمة، خصوصاً في محيط المنطقة الخضراء. وجرى رفع صور وجداريات في شوارع بغداد وعدد من المحافظات، فيما أعلنت الحكومة العراقية اعتبار اليوم عطلة رسمية في أرجاء البلاد التي عاشت توترا متصاعدا خلال الأسبوع الماضي بعد هجوم صاروخي استهدف السفارة الأميركية، ووصف بالأكبر منذ سنوات، وأعقبه تلويح أميركي بتوجيه رد حاسم ضد الفصائل العراقية وإيران. حزب الله وجاء ذلك في وقت واصلت كتائب «حزب الله» العراقية تصعيدها ضد الكاظمي بموازاة إعلانها الإحجام عن أي خطوات ضد السفارة الأميركية. وذكر الأمين العام للكتائب، أبوحسين الحميداوي، في بيان بمناسبة ذكرى سليماني والمهندس، أن «حضورنا اليوم في الميدان هو رسالة تفويض، أنْ عجّلوا بالثأر فدمنا مازال يغلي». وأضاف الحميداوي: «لن يكون هناك اقتحام للسفارة الأميركية هذا اليوم، ولن تتم الإطاحة بهذه الحكومة، فمازال في الوقت متسع». وبالتزامن مع إعلان الحكومة العراقية أنها شرعت في حملة لنزع السلاح المنفلت غير المرخص، شدد الحميداوي على عدم السماح بـ«العبث بسلاحها». وتابع أن «سلاحنا أكثر ضبطا وتنظيما من أرقى الجيوش والمؤسسات العسكرية على مر التاريخ، وهو أكثرها شرعية وعقلانية، وسيبقى بأيدينا إلى أن يشاء الله، ولن نسمح لأحد، كائنا من كان، أن يعبث بهذا السلاح». كما دعا رئيس «تحالف» الفتح البرلماني، هادي العامري، الكاظمي إلى جدولة إخراج القوات الأميركية والأجنبية، معتبرا أنه لا مساوة على تطبيق القرار ولا استقرار إلا بتنفيذه. وأعرب العامري المرتبط بطهران عن أسفه لعدم اتخاذ الخطوات اللازمة أو المطلوبة لإخراج القوات. وفي جانب آخر من الصراع بين الفصائل الموالية لطهران والكاظمي المنفتح على محيط العراق العربي والمدعوم من الولايات المتحدة، طالب العامري الحكومة بتميكن بكين المنافس الرئيسي لنفوذ واشنطن. ودعا العامري الحكومة العراقية إلى «العودة للاتفاقية الصينية التي تعطلت لأسباب مجهولة، مع أننا اليوم في أمس الحاجة لها». استعداد وتحذير من جهته، قال رئيس الوزراء العراقي، أمس الأول، إن الجيش العراقي منسجم ومستعد في أي لحظة لحماية الشعب، وإن كل الجيران ودول العالم مستعدون لدعم العراق ونهضته. في موازاة ذلك، حذر رجل الدين البارز مقتدى الصدر من استهداف البعثات الدبلوماسية. وقال زعيم التيار الصدري، عبر «تويتر»، إن «بعض الجهات وبعض الدول تريد إدخالنا في بوتقة التصعيد العسكري والأمني. وأقول: يُمنع منعا باتا استعمال السلاح خارج نطاق الدولة، ويُمنع استهداف أي من البعثات الدبلوماسية أيا كانت بل مطلقا». وأضاف: «كل من يفعل ذلك فهو عاص لأوامرنا وقرارتنا بل هو يضر بأمن العراق أرضا وشعبا، وينفع قوى الشر والظلام لجر البلاد للعنف، وجعله ساحة للصراعات الإقليمية والدولية. لتعلموا أن العراق وشعبه بحاجة للسلام والسيادة، ولن نركع إلا لله تعالى». إنفاق وتهديد وفي طهران، كان لافتا أن السلطات الإيرانية التي تراهن على «تحسن الأجواء» خلال عهد الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن اكتفت بكلمات رثاء ودعوات للثأر، وتأهب بمواجهة احتمال شن ترامب أو إسرائيل لضربة جديدة ضدها. وكشف مساعد قائد «الحرس الثوري» الإيراني لشؤون العمليات، اللواء محمد رضا نقدي، أن بلاده أنفقت 17 مليار دولار على أنشطتها، الدبلوماسية والثقافية والدفاعية في المنطقة خلال الـ 30 عاما الماضية. وفي وقت سابق، هدد قائد سلاح الجو الإيراني، أمير علي حاجي زاده، بأن «كل الصواريخ الموجودة في غزة ولبنان تمت بدعم إيراني»، مؤكداً أنها الخط الأمامي لمواجهة إسرائيل. وفي خضم التوتر الإقليمي بين إيران والجماعات المتحالفة معها في العراق واليمن وسورية ولبنان وغزة من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، نظمت جماعة «أنصار الله» الحوثية مسيرة جماهيرية حاشدة لإحياء ذكرى سليماني والمهندس في معقلها بمحافظة صعدة شمال اليمن أمس.
مشاركة :