مع استمرار العقوبات الغربية ضد موسكو، تواجه العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا التي لم تكن سيئة إلى هذا الحد يوما بسبب الأزمة الأوكرانية، اختبارا جديدا مع انتهاء العطلة الصيفية بسلسلة من الملفات الخلافية. وبحسب "الفرنسية"، فإن المفوضية الأوروبية تعتزم إجراء مشاورات حول النزاع المرتبط بالغاز بين كييف وموسكو بعدما وصل إلى "طريق مسدود"، وتحريك المحادثات حول منطقة للتبادل الحر بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، التي تدينها روسيا معتبرة أنها تهديد لاقتصادها. واعتبر بيار فيمون الباحث في معهد كارنيجي والأمين العام السابق للإدارة الدبلوماسية الأوروبية، أنهما الملفان الوحيدان اللذان توافق موسكو على التفاوض بشأنهما. وأضاف فيمون أنه من المعروف أن هذه المفاوضات ليست سهلة لأن الروس يتسمون بالصعوبة، والأوكرانيون يقاومون من جانبهم. لكن المفوضية تريد أن تتجنب بأي ثمن "حرب غاز جديدة" بين موسكو وكييف هذا الشتاء حتى لا تتعرض شحنات الغاز الروسي إلى أوروبا التي يمر نصفها عبر أوكرانيا للخطر، ويرى مختصون أن التوصل إلى اتفاق بحلول تشرين الأول (أكتوبر) أمر لا مفر منه. وفي هذه الأجواء، يزور الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو بروكسل اليوم ليطلب دعم الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد زيارة الإثنين الماضي إلى برلين للحصول على دعم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. ومن المقرر أن يستأنف اليوم ماروس سيفكوفيتش نائب رئيس المفوضية المكلف الطاقة مشاوراته مع أوكرانيا التي لم تتسلم الغاز من مجموعة "غازبروم" الروسية منذ أشهر وذلك على هامش قمة في فيينا، وينتظر أن يعقد لقاء مع ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي مطلع أيلول (سبتمبر). وكان نوفاك أكد في وقت سابق أن أوكرانيا غير قادرة على الاستعاضة عن الغاز الروسي، على الرغم من تراجع استهلاك الغاز لديها. وقال وزير الطاقة الروسي خلال مقابلة مع إحدى القنوات المحلية إن الاقتصاد الأوكراني لا يمكنه الاستغناء عن الغاز الروسي، مضيفا أن قيام أوكرانيا بشراء الغاز الروسي وضخه إلى مستودعات تخزين الغاز الأرضية هو ما يؤمن بشكل عام إمدادات مستقرة من الغاز إلى أوروبا. وأشار نوفاك إلى أهمية القيام بضخ الغاز إلى مستودعات الغاز الأرضية خلال فصل الصيف لتأمين إمدادات مستقرة من الغاز إلى أوروبا خلال فصل الشتاء، منوها إلى ضرورة وجود ما بين 18 و20 مليار متر مكعب من الغاز في المستودعات الأرضية للحفاظ على الإمدادات المستقرة خلال الشتاء. وبحسب شركة الغاز الروسية "غازبروم" فقد بلغ سعر الغاز لأوكرانيا في الربع الثاني من العام الجاري 247.18 دولار لكل ألف متر مكعب. أما الملف الثاني الشائك بين الأطراف الثلاثة فيتعلق برفع الجزء الأكبر من الرسوم الجمركية بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي في الأول من كانون الثاني (يناير) المقبل. وتعارض موسكو ذلك بشدة مؤكدة أن المستوردين الأوروبيين سيغرقون أسواقها بفضل اتفاق مماثل وقائم أصلا بين روسيا وأوكرانيا. وأرجأت بروكسل وكييف دخول منطقة التبادل الحر حيز التنفيذ لمحاولة تهدئة المخاوف وإيجاد حل تفاوضي. ودعت سيسيليا مالمستروم مفوضة التجارة الأوروبية الوزراء المكلفين بالملف إلى اجتماع في بروكسل في السابع من أيلول(سبتمبر). وقال فيمون إن المفاوضات التجارية صعبة والروس اتخذوا مواقف مبدئية ولم ننجح يوما في الخوض في التفاصيل أو التفاوض حول أمور عملية. ويتوقع في هذه الأجواء المتوترة أن يؤدي قرار جديد بفرض عقوبات على روسيا مطلع أيلول (سبتمبر) إلى مزيد من التعقيد في الأوضاع. وعلى الطرف المقابل، ينتظر أن يمدد الأوروبيون حتى نهاية السنة الإجراءات التي تستهدف 151 شخصا يحظر منحهم تأشيرات دخول وجمدت ودائعهم في الاتحاد الأوروبي، وبينهم عدد كبير من المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتسمم مسألة العقوبات منذ أكثر من عام العلاقات بين بروكسل وموسكو المتهمة بدعم المتمردين الموالين لها عبر مدهم بالأسلحة والقوات فيما تنفي روسيا ذلك. وردت موسكو بفرض حظر يشمل منتجات الصناعات الغذائية الأوروبية، وكانت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مددت حتى كانون الثاني (يناير) 2016 العقوبات الاقتصادية على روسيا لتتمكن من تقييم مدى تطبيق اتفاق مينسك في نهاية العام. ووفقا لفيمون فإنه إذا تواصل التصعيد على خط الجبهة واستولى الانفصاليون على أراض جديدة، فإن الذين لم يؤمنوا يوما بالعقوبات سيقولون إنه يجب تمديدها وحتى تعزيزها في 2016 وسيطرحون قضية تقديم دعم أكبر لحكومة كييف.
مشاركة :