أعربت تونس، رئيسة مجلس الأمن الدولي خلال كانون الثاني/يناير الجاري، الإثنين عن أملها في أن يُصدر المجلس "في أسرع وقت ممكن" قراراً تنتشر بموجبه بعثة دولية لمراقبة وقف إطلاق النار الساري في ليبيا منذ الخريف. وقال السفير التونسي في الأمم المتحدة طارق الأدب خلال مؤتمر صحافي "نأمل أن يتم اعتماده (القرار) في أسرع وقت ممكن" إذ "هناك زخم، لكنّه هشٌّ بعض الشيء". وأضاف "نحن بحاجة إلى تبنّي هذه الآلية (مراقبة وقف إطلاق النار) وهذا يعتمد على المفاوضات التي ستجري بين الأطراف الليبيين وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا استناداً إلى مقترحات الأمين العام". وتونس، العضو غير الدائم في مجلس الأمن لغاية نهاية العام 2021، تولّت في مطلع كانون الثاني/يناير الجاري الرئاسة الدورية لمجلس الأمن. وحتى اليوم لا يتضمّن جدول أعمال المجلس لغاية نهاية الشهر أي اجتماع بشأن ليبيا. وفي تقرير رفعه في نهاية العام المنصرم، دعا الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش إلى تشكيل لجنة مراقبين دوليين تضمّ مدنيين وعسكريين متقاعدين من هيئات دولية على غرار الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية. ولم يحدّد الأمين العام في تقريره عدد المراقبين الذين يجب أن تتألّف منهم هذه البعثة. وبموجب اتفاق توصّل إليه طرفا النزاع الليبيان في 23 تشرين الأول/أكتوبر، كان يفترض بهؤلاء المراقبين أن يشرفوا على وقف إطلاق النار الساري منذ الخريف والتحقّق من مغادرة كلّ المرتزقة والجنود الأجانب الأراضي الليبية في غضون ثلاثة أشهر، أي قبل 23 كانون الثاني/يناير الجاري. ووفقاً لمصادر دبلوماسية فإنّ الاتّحاد الأوروبي أرخى بثقله خلال الأشهر الفائتة لتشكيل بعثة فعّالة لمراقبة وقف إطلاق النار في ليبيا، لكنّ الأمانة العامة للمنظمة تفضّل أن يكون وجود الأمم المتحدة محدوداً في هذا البلد، في حين تدعو روسيا إلى عدم التسرّع في إصدار قرارات في مجلس الأمن بهذا الشأن. وفي الواقع فإنّ الأوروبيين يرغبون في أن تكون هذه آلية المراقبة معزّزة قدر الإمكان، بما في ذلك إمكانية أن يكون لها وجود على الأرض، في حين أنّ الأمانة العامة للأمم المتحدة تريد أن تكون المشاركة الأممية فيها بالحدّ الأدنى. ولا تمتلك الأمم المتحدة في ليبيا سوى بعثة سياسية صغيرة تضم حوالي 230 شخصاً. وتعتبر الدول الأوروبية الأعضاء في مجلس الأمن أنّ الآلية المرتقبة يجب أن تكون قادرة على مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار ورحيل المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا وأن لا يبقى هؤلاء في هذا البلد تحت مسمى "مستشارين عسكريين". وكانت مبعوثة الأمم المتحدة بالإنابة إلى ليبيا الأميركية ستيفاني ويليامز قالت في مطلع كانون الأول/ديسمبر الجاري إنّ حوالي 20 ألفاً من أفراد "قوات أجنبية و/أو مرتزقة" لا يزالون في ليبيا. وأضافت "هناك اليوم 10 قواعد عسكرية (في ليبيا) محتلّة كلّياً أو جزئياً من قبل قوات أجنبية". وغرقت ليبيا في الفوضى منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي وأدّت إلى سقوط نظام معمر القذافي العام 2011. وتتنازع الحكم في البلاد سلطتان: حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ طرابلس مقراً وتحظى باعتراف الأمم المتحدة، وسلطة يمثلها المشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق البلاد ويدعمها البرلمان المنتخب. وتتواصل المحادثات بين طرفي النزاع برعاية الأمم المتحدة لطيّ صفحة سنوات من أعمال العنف الدامية والتوصّل إلى اتفاق سلام دائم.
مشاركة :