الثروات الطبيعية.. قبل فوات الأوان!

  • 1/6/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تبدي الأمم المتحدة قلقاً من تضاؤل حجم الثروات الطبيعية؛ نتيجة المبالغة المفرطة في الاستهلاك. وقد شكلت لجنة علمية لتقدير حجم هذه الثروة ونسبة الاستهلاك البشري لها، وانعكاسات ذلك على الأجيال المقبلة. ترأس اللجنة البروفسور «مان جي شونسوك» من جامعة «كي-يوشو» اليابانية، والبروفسور «بارثا داسغويتا» من جامعة «كمبريدج» في المملكة المتحدة. وضعت اللجنة تقريرها العلمي وأكدت فيه استناداً إلى دراسات الاقتصاديين، أن تقديراتها لقيمة الثروات الطبيعية تبلغ 91 تريليون دولار. وقالت اللجنة إنه إذا قسمنا هذا الرقم على سكان الكرة الأرضية، فإن حصة كل إنسان منها تبلغ 13 ألف دولار. إلا أن ذلك أمر نظري. فالعالم مقسم إلى دول، والثروة الطبيعية داخل الدولة الواحدة تقسم على عدد مواطنيها. وفي ضوء ذلك وجدت اللجنة في دراستها أن الثروة الطبيعية لنيوزيلندا مثلاً إذا ما قُسمت على عدد مواطنيها، فإن حصة المواطن الواحد فيها تصل 380 ألف دولار. وتتحدث الدراسة عن الكونغو الديمقراطي الغني جداً بالمعادن المختلفة، وتقول إن ثروته من المعادن إذا ما قسمت على عدد السكان، فستزيد بنسبة 25 بالمائة عن المعدل العالمي، ومع ذلك تقول الدراسة إن المواطن الكونغولي فقير جداً. ولذلك أسباب سياسية خارج اهتمام هذه الدراسة. وعلى العكس من ذلك، فإن دولة مثل سنغافورة التي حرمتها الجغرافيا من أي ثروة طبيعية (حتى أنها مضطرة لاستيراد الرمل للبناء وإنشاء الحدائق العامة)، فإن قيمة الدخل الفردي فيها مرتفعة جداً، والمواطن فيها هو من أغنى إن لم يكن الأغنى دخلاً في العالم. وتقول الدراسة إن ثلثي الثروة الوطنية في سنغافورة لا علاقة لها بالطبيعة، بل إن ثروتها هي نتيجة البنية التحتية، والصناعة الحديثة المتطورة وبناء العمارات والخدمات السياحية. أي أن سنغافورة تعتمد على الثروة الإنسانية التي تتمثل في المهارات الفنية بدلاً من الثروة الطبيعية التي حُرمت منها. واستناداً إلى هذه الدراسة العلمية الأممية، فإن 47 بالمائة من الثروة الطبيعية مصدرها المعادن وخاصة النفط والغاز والفحم. وكذلك الحديد والنحاس والذهب وسواها. إلا أن هذه المعادن التي احتاجت إلى دهور حتى تكوّنت، بدأت بالنفاد، وليس لها من بديل.. اللهم إلا في كواكب أخرى محتملة. وتقول الدراسة إنه في الفترة بين عامي 1990 و2014 تراجعت نسبة الدخل الفردي من الثروة الطبيعية في 128 دولة من أصل 140، وإن هذا التراجع مستمر. وتختم الدراسة تحذيراتها العلمية بالإشارة إلى خطر استمرار التزايد في حجم انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون، نتيجة الاستهلاك المفرط للمحروقات (النفط والغاز والفحم)، وتتوقع أن تبلغ هذه الزيادة 7 بالمائة في الدول الصناعية المتقدمة، و44 بالمائة في بقية دول العالم، وذلك خلال العقدين القادمين. وتختم الدراسة بالقول: صحيح أن العالم سوف يكون أكثر غنى، لكنه من حيث الموارد الطبيعية سوف يكون أكثر فقراً. حتى في الدول الغنية اليوم بثرواتها المعدنية الطبيعية، فإن المخزون الطبيعي من هذه الثروة سوف يتراجع بنسبة 30 بالمائة. وبالنتيجة سوف ترتفع نسبة الثروة المالية وتنخفض نسبة الثروة الطبيعية. ومن أجل ذلك تشكل هذه الدراسة العلمية الأممية جرس إنذار لمعالجة الأزمة العالمية المقبلة قبل فوات الأوان.

مشاركة :