نجحت المملكة التي عرفت دوماً بأنها العمق الاستراتيجي لشقيقاتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في تهيئة الأجواء الملائمة والمحفزة لنجاح الدورة الحادية والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون، التي عقدت في محافظة العلا يوم الثلاثاء 5 يناير 2021، بدءاً بتوفير كل ما يلزم لاستضافة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون ومن ناب عنهم، حفظهم الله ورعاهم، ولم تخيب مخرجات القمة التي وردت في بيانها الختامي، آمال وتطلعات مواطني دول المجلس، إذ صدرت جل تلك المخرجات متوافقة ورؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - يحفظه الله - التي أقرها المجلس الأعلى في دورته (36) في ديسمبر 2015، مؤكداً فيها على تعزيز العمل البيني المشترك بين دول المجلس بما يضمن تجاوز جميع المعوقات والتحديات التي تقف دون تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دول المجلس في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها المنشودة، بدءاً باستكمال متطلبات الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، وتحقيق المواطنة الاقتصادية الكاملة، بما في ذلك منح مواطني دول المجلس الحرية في العمل والتنقل والاستثمار والمساواة في تلقي التعليم والرعاية الصحية، وبناء شبكة سكة الحديد الخليجية، ومنظومة الأمن الغذائي والمائي، وتشجيع المشاريع المشتركة، وتوطين الاستثمار الخليجي. نجاح قمة العلا التي تزامن انعقادها مع ذكرى مرور 50 عاماً على تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تصادف مع جائحة غيرت مسار كثير من الأمور إقليمياً ودولياً، ومازال التخوف قائماً منها، وتوافق مع رغبة قادة دول المجلس وتطابق مع تطلعات وتوجهات المملكة التي لخصها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، حين أكد أن سياسة بلاده بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، «قائمة على نهج راسخ قوامه تحقيق المصالح العليا لدول مجلس التعاون والدول العربية، وتسخير كافة جهودها لما فيه خير شعوبها، وبما يحقق أمنها واستقرارها، آملاً دوام الاستقرار وتكاتف وتلاحم شعوب دول المجلس». وجاء بيان قمة العلا الختامي الذي خرج بإجماع دول المجلس مؤكداً ومشدداً على التنفيذ الكامل والدقيق لرؤية خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، التي سبق وأن أقرها المجلس الأعلى في دورته (36) في ديسمبر 2015م، ليظهر للعموم بعد نظر خادم الحرمين وحرصه الشديد على مصالح مواطني الخليج العربي حين طرح رؤيته في ذلك التاريخ وضمنها كل ما يلزم من إجراءات حكيمة وحازمة تضمن تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدة الخليج العربي وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في شتى المجالات. قمة العلا تفاعلت مع الحاضر الذي تعيشه دول المجلس فشددت على أن مواجهة جائحة كورونا ومعالجة تداعياتها تتطلب تعزيز العمل الخليجي المشترك وأكد على تفعيل دور «المركز الخليجي للوقاية من الأمراض ومكافحتها» الذي تم تأسيسه في هذه القمة، انطلاقاً مما تضمنته رؤية خادم الحرمين الشريفين، إضافة إلى تمكينه بشكل سريع من تنسيق العمل الخليجي المشترك لمواجهة جائحة كورونا وغيرها من الأوبئة، مع استمرار الخطوات التي قامت بها دول المجلس، ومجموعة العشرين برئاسة المملكة العربية السعودية، لمواجهة الجائحة وتخفيف آثارها محلياً وإقليمياً ودولياً، بما في ذلك مساعدة الدول الأقل نمواً في المجالات الصحية والاقتصادية. واعتمدت دول المجلس بالعلا قانوناً موحداً لحماية المستهلك مؤكدة عزمها العمل على وضع منظومة متكاملة لتحقيق الأمن الغذائي وأمن الطاقة واستكمال مشروع السكة الحديدية، ومبينة سعيها للاستفادة مما تم تطويره من أدوات متقدمة للتعاون في إطار مجموعة العشرين، خلال فترة رئاسة المملكة في عموم المجالات، سعياً لتحفيز الاقتصاد، وتفعيل أدوار قطاع الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني وتمكين المرأة والشباب بشكل أكبر في التنمية الاقتصادية، وتشجيع المبادرات المتعلقة بالاقتصاد الرقمي، وتكليف الأمانة العامة للمجلس بالمتابعة ووضع الخطط والبرامج لتنفيذ ذلك بالتعاون مع بيوت الخبرة المتخصصة كما اتفقت دول المجلس أيضاً على استمرارها في العمل على تنمية القدرات التقنية في الأجهزة الحكومية، وتعزيز أدوات الحوكمة والشفافية والمساءلة والنزاهة ومكافحة الفساد من خلال العمل الخليجي المشترك وفي كافة أجهزة مجلس التعاون ومكاتبه ومنظماته المتخصصة، وتعزيز التكامل العسكري بين دول المجلس تحت إشراف مجلس الدفاع المشترك واللجنة العسكرية العليا والقيادة العسكرية الموحدة لمجلس التعاون، لمواجهة التحديات المستجدة، انطلاقاً من اتفاقية الدفاع المشترك، ومبدأ الأمن الجماعي لدول المجلس وتعزيز الدور الإقليمي والدولي له عبر توحيد المواقف السياسية وتطوير الشراكات الاستراتيجية بين مجلس التعاون والدول والمجموعات والمنظمات الإقليمية والدولية بما يخدم المصالح المشتركة.
مشاركة :