استطاعوا أن يستثمروا فترة الإغلاق كما تسمى أو فترة الحظر والجلوس في المنازل فيما عاد عليهم بالمنفعة الحقيقية والعميقة من حيث إنتاج ما يميلون له والارتقاء بهواياتهم إلى درجة الاحتراف أو إلى درجة نالت إعجاب الكثيرين وأبهرتهم فأشادوا بها. فيما اتجه آخرون من ذوي التفكير الايجابي إلى القراءة المكثفة والغوص في المعلومات بما أثرى فكرهم وعقولهم ومداركهم وسعة مخزون اطلاعاتهم. ولفت نظر العالم ذلك الطفل البريطاني الذي لم يتجاوز الثامنة من عمره، عندما أقدم على فكرة أكبر من عمره، فأعد كتابًا عن الكورونا خلال الاغلاق منتهزًا الفرصة المفروضة بشكل ايجابي جميل، فانصرف إلى القراءة فقرأ خمسين كتابًا خلال الفترة، فبرز اسمه كأفضل قارئ في مارثون القراءة. لكنه لم يكتفِ بذلك الانجاز الرائع، بل راح يفكر فأبدع فكرة هي الأجمل ضمنها كتابه «لنتعرف على أعياد الميلاد في ظل كوفيد». رسم من خياله فتى يقوم بنشر الفرح والأمل والتفاؤل في عيد الميلاد ليملأ الأجواء بهجة وليخرج أقرانه من الكآبة التي فرضتها الأجواء. هذا الطفل الصغير يملك حجمًا من الأمل مدفوعًا بروح التفاؤل والقدرة على تجاوز شهور الحظر والخوف والرهبة من الكورونا، فأراد بوعيه الذي جاوز عمره الصغير «8 سنوات» أن يوزع هذا الأمل وروح التفاؤل وأن يؤسس بين الأطفال شعورًا مستمرًا بالإيجابية مهما كانت الظروف قاسية وشديدة الكآبة. مثل ما قام به هذا الطفل نعتبره نموذجًا ولا أروع من الدرس الايجابي العملي الخالي من المحاضرات والتعليمات والتوجيهات ليس للأطفال فقط، بل للكبار قبل الصغار، في كيفية تحويل لحظة السلبية الشديدة اجتماعيًا وصحيًا إلى لحظة انتاج مثمر وحقيقي تدفع وتضخ إلى روح من يمارس الانتاج ويبدع في هذه الظروف طاقات ايجابية خلاقة تغذي فيه قدرة الصمود والصبر واستثمار كل ظرف بقسوته ومرارته وتحويل مجراه إلى شيء ايجابي كما فعل. لن نكون مثاليين هنا فنزعم أن فترة الإغلاق وأن التباعد لم يتركا شيئًا في النفوس وفي الشعور وأن الخوف من الاصابة لا وجود له، ولكننا نسأل هل نستطيع أن نبدع وهل أبدعنا ما يمكن أن يخفف إلى حد كبير من مشاعر الاختناق ومن مشاعر العزلة عن الناس ومن الاحساس بشيء من الكآبة، هذا هو السؤال المفتوح الآن؟؟ لقد اكتشفنا جميعًا على سبيل المثال جانبًا إيجابيًا ومهمًا لم نكن نستطيع ان نتحدث عنه سابقًا لأننا لم نجربه ولم نمارسه، وهو امكانية العمل والإنتاج وأداء المتطلبات الوظيفية في معظم إن لم يكن مجمل الأعمال عن بُعد. حتى ان مؤسسات مرموقة وبعد دراسات راحت توصي باعتماد العمل عن بُعد في المجالات والأعمال التي تم فيها العمل عن بُعد بنجاح تام، بل أحيانًا بإنتاجية أكثر. وهذا طبعًا ليس من إيجابية الكورونا ولكنه من إيجابية التفكير والبحث العملي عن حلول للاستمرار وديمومة الأعمال والاقتصاد في الوظائف وغيرها كثير، فكان العمل عن بُعد اكتشافًا ممكن الاستمرار فيه حتى بعد تجاوز الجائحة، لما يوفره من نفقات مثلاً ومن تكاليف على المؤسسة ومن وقت أيضًا للموظف والعامل عن بُعد أيًا كان عمله، بل لقد قال بعض المسؤولين إن العمل عن بُعد تميز بالدقة وسرعة الإنجاز وإتقان المطلوب. ما أحوجنا في هذا الزمن وكل زمن ولحظة إلى التفكير الإيجابي.
مشاركة :