واشنطن - اقتحم العشرات من أنصار الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب مساء الأربعاء مبنى الكونغرس (الكابيتول)، حيث كان النواب يستعدون للتصويت على فوز الديمقراطي جو بايدن بالرئاسة، ما اضطر أمن الكونغرس لاستخدام الغاز المسيل للدموع والتلويح بالسلاح لاجبار المحتجين على مغادرة القاعة، فيما ذكرت محطة 'إم.إس.إن.بي.سي' أن رئيسة مجلس النواب الأميركي الديمقراطية نانسي بيلوسي ورئيس بلدية العاصمة واشنطن طالبا بقدوم الحرس الوطني لإخراج المتظاهرين من الكونغرس.وقال النائب الأميركي دان كيلدي إن "أمن المجلس وشرطة الكابيتول أشهروا مسدساتهم بينما راح متظاهرون يطرقون على الباب الخارجي للقاعة"، مضيفا "صدرت لنا تعليمات بأن نستلقي على الأرض ونضع الأقنعة الواقية من الغاز".وأخلت الشرطة مجلسي النواب والشيوخ وتجول أنصار ترامب داخل أروقة الكونغرس، مما أجبر كلا المجلسين على تعليق المناقشات الخاصة بالتصديق على فوز الرئيس الديمقراطي جو بايدن بانتخابات الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني.وصاح محتج احتل منصة مجلس الشيوخ قائلا "ترامب فاز بتلك الانتخابات". وأظهرت لقطات مصورة الشرطة تطلق الغاز المسيل للدموع داخل المبنى.وعمت الفوضى مبنى الكونغرس بعدما كرر ترامب المقرر أن يترك منصبه في 20 يناير/كانون الثاني، مزاعمه الكاذبة بسرقة الانتخابات منه بسبب تزوير ومخالفات على نطاق واسع.وكان المشرعون يبحثون مسعى في اللحظة الأخيرة من جانب أعضاء مؤيدين لترامب للطعن على النتائج وهي خطة لا تحظى بأي فرصة للنجاح على الأرجح.وكان مايك بنس نائب الرئيس الذي ترأس الجلسة المشتركة لمجلسي الكونغرس، قد أٌجلي بالفعل من مجلس الشيوخ.وأبلغت شرطة الكونغرس المشرعين في قاعة مجلس النواب بأخذ الأقنعة من تحت مقاعدهم والاستعداد لوضعها. وأشهر الضباط أمام قاعة المجلس أسلحتهم.ووصف مذيع شبكة سي ان ان الأميركية جيك تابر تواجد حشود المتظاهرين المحيطة بمبنى الكونغرس بأنها محاولة للانقلاب، فيما نقلت الشبكة الإخبارية عن نائب الرئيس مايك بنس دعوته إلى وقف العنف والدمار في مبنى الكابيتول.وعلى اثر هذه الأحداث طلب ترامب من المواطنين "الحفاظ على السلمية"، بعد اشتباكات بين انصاره والشرطة واقتحامهم مبنى الكونغرس (الكابيتول). وغرد عبر تويتر "الرجاء دعم شرطة الكابيتول وإنفاذ القانون. إنهم حقا إلى جانب بلدنا. ابقوا مسالمين!".وطالب الرئيس المنتخب بايدن من الرئيس المنتهية ولايته بدعوة أنصاره لانهاء حصارهم لمبنى الكابيتول وهي الدعوة ذاتها التي وجهتها بيلوسي وزعيم الديمقراطيين بمجلس الشيوخ شومر لترامب لمطالبة كل المتظاهرين بمغادرة مبنى الكونغرس والمنطقة المحيطة به على الفور.ووجه ترامب لاحقا في تسجيل مصور على رسالة للمحتجين على تويتر طالبهم بمغادرة مبنى الكابيتول قائلا "عليكم العودة لمنازلكم الآن. لا بد أن يسود الهدوء".وفيما أفاد المتحدث باسم البنتاغون بإعلان التعبئة بقوات الحرس الوطني في العاصمة لتقديم الدعم لقوات إنفاذ القانون، أكد حكيم جيفريز زعيم كتلة الديمقراطيين بمجلس النواب الأميركي أن المجلس يعتزم العودة للانعقاد وإقرار نتيجة الانتخابات اليوم الأربعاء.وجاءت عملية الاقتحام بعد خطاب مشحون للرئيس المنتهية ولايته رفض فيه التسليم بالهزيمة وخاطب أنصاره في واشنطن عصرا. وقال للحشد من مناصريه إنه لن يستسلم مطلقا ولن يعترف أبدا بالهزيمة أمام جو بايدن، معيدا التأكيد مرة أخرى دون سند على أن الانتخابات شهدت تزويرا واسع النطاق.وتابع خلال تجمع ممول من حملته الانتخابية في متنزه قرب البيت الأبيض "لن نستسلم أبدا ولن نعترف بالهزيمة"، مضيفا إن "مئات الآلاف حاضرون. سنوقف السرقة".واحتشد الآلاف من أنصاره وبينهم أعضاء في جماعات يمينية متطرفة، في واشنطن للاحتجاج على اجتماع الكونغرس الأربعاء للتصديق على فوز بايدن بالانتخابات الرئاسية.وحمّس إريك ترامب، أحد أبناء الرئيس المنتهية ولايته، الحشود التي تلوح بأعلام بالتطرق لنظريات مؤامرة لا أساس لها. وقال سائلا الحشود "هل يوجد أي شخص هنا يعتقد بالفعل أن جو بايدن فاز بالانتخابات"، فرد المحتشدون صائحين "لا".وقال إريك ترامب "لا يهم. بوسعهم أن يكذبوا، بوسعهم أن يغشوا، بوسعهم أن يسرقوا. أبي بدأ حركة وهذه الحركة لن تموت أبدا".وصدقت كل الولايات الأميركية على أن بايدن، فاز بالانتخابات بعدد 306 أصوات في المجمع الانتخابي مقابل 232 صوتا لترامب. وتعثرت جهود الأخير للتشكيك في فوز بايدن في المحاكم في أنحاء البلاد.لكن النتائج واضحة وتشكل ضربة قاسية لرجل الأعمال السابق لذي يرفض الاعتراف بهزيمته، فيما يتعرض لانتقادات متزايدة حتى من داخل المعسكر الجمهوري.فقد هزم المرشح الديمقراطي لمجلس الشيوخ رافييل وارنوك السناتورة الجمهورية كيلي لوفلر ودخل التاريخ لأنه أول سيناتور أسود ينتخب في ولاية جنوبية.وجاءت تلك التطورات فيما اقترب الديمقراطيون من السيطرة على مجلس الشيوخ الأميركي الأربعاء من خلال انتخابات فرعية في ولاية جورجيا في وقت يستعد فيه الكونغرس للمصادقة على فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية على أن يتولى مهامه في 20 يناير/كانون الثاني خلفا لدونالد ترامب.وقال القس البالغ من العمر 51 عاما الذي يدير كنيسة في اتلانتا كان يشرف عليها مارتن لوثر كينغ لمحطة سي أن أن "ما حصل مساء أمس (الثلاثاء) رائع".أما المرشح الديمقراطي الآخر جون أوسوف فقد أعلن فوزه بالمقعد الثاني في مجلس الشيوخ في الانتخابات الفرعية بولاية جورجيا، مؤكدا أن انتصاره سيمنح الرئيس المنتخب جو بايدن السيطرة على المجلس.وقال أوسوف في بيان نشرته قنوات التلفزيون "جورجيا، شكرا جزيلا على الثقة التي أوليتها لي. يشرفني دعمكم وتقديركم وثقتكم وأتطلع لخدمتكم".وفي حال تأكد فوزه سيكون أوسوف البالغ من العمر 33 عاما أصغر سيناتور ديمقراطي منذ جو بايدن في 1973.وعندها سيحصل الديمقراطيون على خمسين مقعدا في مجلس الشيوخ تماما مثل الجمهوريين، لكن الدستور الأميركي ينص على أن نائبة الرئيس المقبلة كامالا هاريس سيكون لها الكلمة الفصل في التصويت لتميل الكفة لصالح الديمقراطيين.ويمثل أداء الديمقراطيين في هذه الولاية الجنوبية المحافظة تقليديا، صفعة قاسية للحزب الجمهوري. وإذا تأكد النصر المزدوج، فإن الجمهوريين، بعد خسارتهم البيت الأبيض سيخسرون أيضا مجلس الشيوخ.ونجح الديمقراطيون المدفوعون بفوز جو بايدن في الولاية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني وهو الأول منذ العام 1992، في حشد ناخبيهم خصوصا السود منهم وهو مفتاح أي نصر ديمقراطي.وفي دليل على الأهمية الكبرى التي تكتسيها هذه الانتخابات، زار بايدن وترامب الاثنين الولاية لدعم مرشحيهما.وقال ترامب خلال مهرجان انتخابي نظم مساء الاثنين في دالتون قد تكون هذه الانتخابات الفرعية "فرصتكم الأخيرة لإنقاذ أميركا كما نحبها"وفي مصادفة لافتة يجتمع الكونغرس بعد ظهر الأربعاء بتوقيت واشنطن لتسجيل تصويت الناخبين الكبار بشكل رسمي لصالح جو بايدن (306 في مقابل 232).وإن كانت نتيجة هذا الإجراء الدستوري الذي عادة ما يكون مسألة شكلية بسيطة، ليست موضع شك، إلا أن حملة ترامب الساعي لإبطال نتائج الانتخابات تضفي على هذا اليوم طابعا خاصا.ورغم اعتراف بعض الشخصيات الجمهورية البارزة ومن بينها زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أخيرا بفوز جو بايدن، ما زال بإمكان ترامب الاعتماد على الدعم الراسخ لعشرات البرلمانيين.ووجه ترامب تحذيرا مبطنا إلى نائبه مايك بنس الذي يقع على عاتقه إعلان جو بايدن فائزا في الرئاسة الأميركية.وكتب في تغريدة الثلاثاء "يتمتع نائب الرئيس بسلطة رفض الناخبين الكبار الذين تم اختيارهم عن طريق التزوير"، لكن هذا غير صحيح.وسيرأس مايك بنس الجلسة المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ التي ستصادق على تصويت الناخبين الكبار، لكن الدستور ينص على أن دوره يقتصر على "فتح" الشهادات المرسلة من كل من الولايات الأميركية الخمسين لنقل أصوات الناخبين الكبار فيها. ويمكن فقط لأعضاء الكونغرس الاحتجاج على نتائج بضع الولايات، إلا أن الضغوط الرئاسية تضع مايك بنس في موقف حرج.وأمتنع جو بايدن عن التعليق على هذه الضغوطات غير المسبوقة. وسيلقي كلمة الأربعاء تتمحور على الاقتصاد.
مشاركة :