الأحاديث النبوية منزهة عن التعارض

  • 8/28/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

منذ صدع الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- بدعوة الإسلام قبل نحو خمسة عشر قرناً من الزمان لم تنقطع الشبهات والمزاعم المغرضة ضد الإسلام ورسوله‮.‬ خصوم الإسلام لم‮ ‬يتوقفوا‮ ‬يوماً‮ ‬عن إثارة الشبهات المغرضة والمزاعم الكاذبة ضد ديننا الحنيف للتشكيك فيه،‮ ‬وتشويه صورته،‮ ‬وصرف الناس عنه‮.‬ افتراءات هؤلاء الخصوم تكشف جهلاً شديداً بتعاليم الإسلام السامية،‮ ‬وقيمه الفاضلة،‮ ‬وغاياته النبيلة‮. ‬كما تكشف عن حقد دفين‮ ‬يستهدف الإساءة للدين وأهله،‮ ‬الأمر الذي‮ ‬يستوجب مواجهة تلك الشبهات والمزاعم،‮ ‬وكشف زيفها‮. ‬ من تلك الشبهات والمزاعم الادعاء بعدم صحة السنة النبوية،‮ ‬وكذلك الادعاء بجواز الاستغناء عنها والاكتفاء بما جاء في‮ ‬القرآن الكريم،‮ ‬ولم تتوقف المزاعم عند هذا الحد،‮ ‬فهناك من المستشرقين من‮ ‬يصف السنة النبوية بأنها من اختراع المسلمين في‮ ‬العصور الأولى للإسلام،‮ ‬بينما‮ ‬يذهب آخرون إلى الادعاء بأن بعض الأحاديث النبوية متناقضة‮.‬ فما حقائق الإسلام التي‮ ‬تدحض تلك الشبهات،‮ ‬وتسقط تلك المزاعم،‮ ‬وتكشف مغالطات خصوم الإسلام وافتراءاتهم؟ يتصدى المفكر الإسلامي‮ ‬الدكتور محمود حمدي‮ ‬زقزوق وزير الأوقاف المصري‮ ‬الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء لهذه الشبهة قائلاً‮: ‬السنة النبوية هي‮ ‬المصدر الثاني‮ ‬للإسلام بعد القرآن الكريم‮. ‬والنبي‮ ‬صلى الله عليه وسلم مأمور في‮ ‬القرآن الكريم بتبليغ‮ ‬ما أنزل الله عزّ وجلّ إليه من الوحي‮ ‬القرآني،‮ ‬وهو في‮ ‬الوقت نفسه مأمور بتبيين الوحي‮ ‬القرآني،‮ ‬وهذا التبيين هو السنة النبوية التي‮ ‬تشمل قوله صلى الله عليه وسلم،‮ ‬أو فعله،‮ ‬أو ما أقره‮.‬ وقد أشار النبي‮ ‬صلى الله عليه وسلم نفسه إلى ضرورة التمسك بسنته في‮ ‬قوله صلى الله عليه وسلم في‮ ‬خطبته المشهورة في‮ ‬حجة الوداع‮: ‬تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي‮.‬ تدقيق ليس له مثيل إن علماء المسلمين في‮ ‬مختلف العصور لم‮ ‬يفرطوا إطلاقاً‮ ‬في‮ ‬ضرورة التدقيق الذي‮ ‬لا حد له في‮ ‬رواية الأحاديث النبوية‮. وقد وضع القرآن الكريم أمامهم أهم قاعدة من قواعد النقل التاريخي‮ ‬في‮ ‬قوله سبحانه تعالى‮: ‬يَا أَيّهَا الَّذِينَ‮ ‬آمَنُوا إِن جَاءكُمْ‮ ‬فَاسِقٌ‮ ‬بِنَبَأ‮ ‬فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ‮ ‬فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ‮ ‬نَادِمِينَ‮.. (‬سورة الحجرات: 6) وتتمثل هذه القاعدة المهمة في‮ ‬أن أخلاق الراوي‮ ‬تعدّ عاملاً‮ ‬مهماً‮ ‬في‮ ‬الحكم على روايته‮. ‬ وقد أفاد المسلمون إفادة عظيمة من هذه القاعدة،‮ ‬وطبقوها على رواة الأحاديث النبوية‮ ‬وكان تطبيق هذا المبدأ النقدي‮ ‬على رواة الأحاديث هو الذي‮ ‬تطورت عنه بالتدريج قواعد النقل التاريخي‮.‬ ويشير الدكتور زقزوق إلى أنه نظراً‮ ‬لأهمية السنة النبوية الشريفة بالنسبة للإسلام فقد بذل علماء المسلمين جهوداً‮ ‬خارقة لتوثيقها،‮ ‬وتمييز الثابت منها من‮ ‬غير الثابت،‮ ‬وأنشؤوا علوماً جديدة في‮ ‬الحديث النبوي‮ ‬لخدمة هذا الغرض،‮ ‬فهناك علم الرجال،‮ ‬وعلم الإسناد،‮ ‬وعلم الجرح والتعديل،‮ ‬وغيرها‮. ‬وكلها تتتبع رواة الأحاديث وتدرس أحوالهم،‮ ‬وما ظهر من أمرهم وما خفي‮ ‬للتأكد من مدى صدقهم فيما نقلوه عن الرسول،‮ ‬وخاصة أن النبي‮ ‬نفسه قد حذر من الكذب عليه حين قال‮: ‬من كذب عليّ‮َ ‬متعمداً فليتبوأ مقعده من النار‮.‬ ويوضح وزير الأوقاف المصري‮ ‬الأسبق أنه بعد الجهود المضنية لعلماء الحديث في‮ ‬سبيل توثيق الأحاديث النبوية اعتمد المسلمون ستة كتب في‮ ‬هذا المجال هي‮: ‬صحيح البخاري،‮ ‬وصحيح مسلم،‮ ‬وسنن كل من النسائي،‮ ‬وأبي‮ ‬داوود،‮ ‬والترمذي،‮ ‬وابن ماجه‮.‬ وهناك مؤلفات إسلامية عديدة أشارت إلى الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي‮ ‬يصل عددها إلى عشرات الآلاف‮.‬ ومن ذلك‮ ‬يتضح أن علماء المسلمين قد خدموا السنة النبوية الشريفة بما لا نظير له لدى الأمم الأخرى،‮ ‬وأن الشك فيها جملة وتفصيلاً‮ ‬أمر لا مبرر له‮.‬ دحض الأكاذيب وفي‮ ‬دحضه لشبهة وجود تعارض بين بعض الأحاديث‮ ‬يبرز الدكتور زقزوق عدة حقائق مهمة‮، ‬منها‮:‬ القرآن الكريم أكد في‮ ‬مواضع عديدة ضرورة الأخذ بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في‮ ‬قوله تعالى‮: ‬وَمَا آتَاكُمُ‮ ‬الرَّسُولُ‮ ‬فَخُذُوهُ‮ ‬وَمَا نَهَاكُمْ‮ ‬عَنْهُ‮ ‬فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ‮ ‬إِنَّ‮ ‬اللَّهَ‮ ‬شَدِيدُ‮ ‬الْعِقَابِ‮.. (‬سورة الحشر: 7).. وقوله تعالى‮: ‬مَّنْ‮ ‬يُطِعِ‮ ‬الرَّسُولَ‮ ‬فَقَدْ‮ ‬أَطَاعَ‮ ‬اللّهَ‮ (‬سورة النساء: 80). وقد اشتملت الأحاديث النبوية على ما أتانا به الرسول -صلى الله عليه وسلم-‮ ‬وما نهانا عنه‮. ‬ومن هنا فالسنة النبوية الشريفة ضرورية لا نستطيع أن نتخلى عنها وإلا كنا مخالفين للقرآن الكريم نفسه‮.‬ ليست هناك مشكلة في‮ ‬تمييز الأحاديث الصحيحة من‮ ‬غير الصحيحة،‮ ‬فهذا أمر قد بذل فيه علماء المسلمين جهوداً‮ ‬خارقة منذ قرون‮. ‬والسنة لا‮ ‬يمكن الاستغناء عنها لأنها الأصل الثاني‮ ‬للإسلام،‮ ‬ولا‮ ‬يجوز التخلي‮ ‬عن هذا الأصل بسبب توهم وجود تعارض في‮ ‬بعض الأحاديث النبوية‮. ‬فهذا التعارض‮ ‬غير حقيقي،‮ ‬ويمكن بيان وجه الصواب فيه بالتأكد من صدق الروايات بناءً على القواعد العلمية الدقيقة التي‮ ‬وضعها علماء الحديث في‮ ‬هذا الشأن‮.‬ السنة النبوية شارحة لما أتى مجملاً‮ ‬في‮ ‬القرآن الكريم‮ ‬فكيف‮ ‬يمكن التخلي‮ ‬عنها بناءً على أسباب متوهمة‮.‬ إننا نحن المسلمين نؤدي‮ ‬صلاتنا‮ ‬يومياً‮ ‬بالطريقة التي‮ ‬أوضحتها لنا السنة النبوية،‮ ‬وهذا التفصيل الوارد في‮ ‬السنة بشأن الصلاة كما نؤديها لم‮ ‬يرد في‮ ‬القرآن الكريم‮. ‬وهناك أمثلة كثيرة مشابهة‮.‬

مشاركة :