تمثل السياسة العدوانية التركية منذ سنوات تهديداً مباشراً لسلامة حلف شمال الأطلسي «الناتو»، خاصة مع إصرار النظام على الانخراط في صراعات إقليمية وضعها في مواجهة مباشرة مع بعض أعضاء الحلف، وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول جدوى استمرار عضوية تركيا في الحلف ومدى التزامها بمبادئه التأسيسية. وعلى مدى عامين، زادت شكاوى «الناتو» من تركيا بشكل كبير بسبب قرارات مثيرة للجدل من بينها، شراء برنامج الصواريخ الروسي في يوليو 2019 على عكس رغبات الولايات المتحدة وأعضاء الناتو، بجانب اجتياحها شمال شرق سوريا في أكتوبر 2019، في أعقاب انسحاب القوات الأميركية من المنطقة، وقد عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن مخاوفهم بشأن التهديد الذي يمثله النظام في أنقرة على وحدات حماية الشعب الكردية، التي قادت القتال ضد تنظيم «داعش»، حيث تسبب الهجوم التركي في تعريض الأكراد والحرب ضد «داعش» للخطر. كما اشتبكت تركيا مع فرنسا واليونان في البحر المتوسط، رافضة مطالبة اليونان بحقوقها في المياه الإقليمية، وأصرت على الوصول إلى مصادر الغاز الطبيعي داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة الغنية الخاصة باليونان وقبرص. وأوضح تقرير لموقع «إنتر بوليسي دايجست» أنه في ضوء المادة الخامسة من معاهدة شمال الأطلسي، التي تنص على أن الهجوم على عضو واحد هو هجوم على الجميع، تشكل السياسة الخارجية العدوانية لتركيا تهديداً لأمن أعضاء الناتو. وبالتالي يجب على الحلف الآن أن يقرر ما إذا كان استرضاء السياسة الخارجية العدوانية لتركيا يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الصراع. وأمام توسع تركيا المتعجرف وضلوعها المستمر في الصراعات، فلن يكون أمام أعضاء «الناتو» خيار سوى الالتزام بالدفاع عن تركيا كجزء من اتفاقية الأمن الجماعي للحلف. ورأى التقرير أنه إذا كان الحلف يعتقد أن نظام رجب طيب أردوغان يستغل الناتو لتحقيق أهدافه التوسعية، فيجب على الناتو تعليق أو طرد تركيا لضمان سلامة المنظمة. ورغم أن البعض يرى أن تركيا عضو مهم يوفر الأمن الجغرافي الاستراتيجي نظراً لقربها من روسيا، لكن هذا القرب نفسه يخلق ضعفاً في الحلف إذا تصرف أردوغان ضد إرادة أعضاء الناتو. وإذا أخرج «الناتو» تركيا من صفوفه، فيمكنه ترسيخ أهداف الحلف ومعاييره للعضوية.
مشاركة :