الإضاءة هي إحدى عناصر العرض المسرحي التي تنقسم إلى أربعة: الديكور، والمهمات المسرحية، و الملابس والماكياج، والإضاءة، وكما يعرف المتخصصون، فالإضاءة هي تصميم فني، وليست مسألة ارتجالية على الإطلاق، فهي تتعلق بمساقط الضوء على الخشبة، من حيث الشكل، أما من حيث المضمون والفكرة، فالإضاءة فلسفة، وإيقاع لوني، يختلف من حيث الشدة والتباين، وهي عملية لها أهداف ووظائف، وتخضع للتذوق فني، كما أنها ذات ارتباط بقيم اللون التشكيلية. أصبح مصمم الإضاءة جزءاً لا يتجزأ من المسرح، بل هو المصمم الأخير في المسرح - كما يوصف- ويتوقع منه الجميع، أداء المعجزات والسحر. استخدم اليونانيون ضوء الشمس، كإضاءة طبيعية في مسارحهم، التي كانت تقام في الهواء الطلق، وكانت عروضهم تقام في أوقات مختلفة من نهار اليوم، للاستفادة من تبدلات ضوء الشمس، ويعتبر ذلك أول وأقدم تصميم مبكر للإضاءة في الفن المسرحي. البحث في تاريخ الإضاءة، يتلازم مع تطور الإنسان، واستخدام الشموع ومشاعل النفط والغاز في مرحلة قديمة جداً، مروراً بصناعة الكهرباء، التي أحدثت تحولاً كبيراً في فن الإضاءة، ليس هذا فحسب، فقد اكتسبت الإضاءة كفن تطوراً ملحوظاً في العصر التكنولوجي، مع تقدم برامج التصميم، وهو الذي مكن مصمم الإضاءة من السيطرة الفنية الكاملة على عملية الإضاءة، بوصفها ذات صلة بالحزم الضوئية وكل التفاعلات البصرية أو المرئية، من هنا، أصبح تصميم الإضاءة، تصميماً تقنياً خالصاً، لكنه في الوقت ذاته، يتطلب حسابات، لها علاقة بجميع جوانب وتفاصيل العرض المسرحي. في المسرح الإماراتي، كما هو حال المسرح العربي، كان تصميم الإضاءة مرتبطاً بتطور تقنياتها في المسرح الغربي، وقد عملت دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، عبر إشرافها على الحركة المسرحية، على الاستفادة من تقنيات الخبراء والمشرفين العرب في فن وتصميم الإضاءة، ومن هؤلاء السوري ماهر هربش، الذي كان يشغل مهنة مصمم إضاءة ورئيس قسم التقنيات المسرحية في المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، حيث أشرف في العام 2013، على برنامج تدريبي متخصص للمحترفين والهواة، يتضمن ورشة في الإضاءة المسرحية، هذه الورشة أشرف عليها الفنان محمد جمال، ويعتبر من أبرز مصممي الإضاءة في الإمارات، وحاز جوائز عدة في مهرجان أيام الشارقة المسرحية خلال دورات تدريبية متعاقبة. تضمنت الورشة تطبيقات عملية، عن بدايات استخدام الضوء على خشبة المسرح، وعرفت المشاركين بأنظمة التوصيل والتركيب، وشبكتي الإضاءة الثابتة والمتحركة، والوظائف المختلفة التي تقوم بها الإضاءة في بنية العرض المسرحي. أما الجانب العملي في الورشة فشمل جملة من التدريبات على الأدوات الأساسية في صياغة تصاميم الإضاءة مثل البروجكتورات، الكونترول، أنظمة التركيب، التوصيل، كذلك اشتغل المشرف على طرق تصميم الإضاءة وعلاقتها بزوايا المصادر الضوئية وتأثيراتها في مكونات الخشبة: الأشخاص، الأغراض، القطع الديكورية، الإكسسوارات ..الخ، كما استعرض في العديد من التمارين علاقة الإضاءة بالألوان ودلالاتها الجمالية والفكرية، وفي هذا الإطار اختبر المشاركون علاقة الإضاءة بالشخصية وبالمكان والزمان وعلاقتها بالحدث والصراع الزمني. وعلى صعيد المسرح، يولي مهرجان أيام الشارقة المسرحية اهتماماً خاصاً بفن تصميم الإضاءة، وعبر دوراته المتعاقبة كانت هناك جوائز متخصصة لتصميم الإضاءة، ومن ذلك على سبيل المثال: فوز خالد بشير بجائزة أفضل إضاءة عن مسرحية أوركسترا في الدورة الرابعة والعشرين من الأيام وهي من إنتاج مسرح خورفكان الوطني وإخراج مبارك الماشي. في السياق ذاته، فاز علي باروت بجائزة أفضل إضاءة، في الدورة الثالثة والعشرين من أيام الشارقة المسرحية، عن تصميمه للمناظر المسرحية في عرض التريلا لمسرح عجمان الوطني.. كما فازت بذات الجائزة مسرحية مقامات بن تايه وهي من انتاج مسرح رأس الخيمة الوطني. وكانت الإضاءة حاضرة في العديد من المهرجانات، كمهرجان الإمارات لمسرح الطفل، كما هو في دورته الخامسة التي جرت في العام 2010، حيث فازت مسرحية جنون الأشباح بجائزة أفضل إضاءة من تصميم محمد جمال، وهي من إنتاج مسرح رأس الخيمة الوطني، وسبق لمحمد جمال قبل نحو خمسة عشر عاماً أن فاز بذات الجائزة، عن تصميمه لإضاءة مسرحية (بيت القصيد) وذلك للخطة المبسطة، والموثرة في الوقت نفسه، والتي لعبت دوراً في تفعيل الأجواء النفسية والمكانية للعرض، وبيت القصيد من تأليف الفنان عبدالله صالح وإخراج أحمد الانصاري، وهي من إنتاج مسرح الشباب القومي للفنون بدبي. حضر فن الإضاءة كذلك، في هذا العام من خلال ندوة بعنوان (حداثة الضوء والإبهار المسرحي والسينمائي) وعقدها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في أبوظبي، احتفاءً بالسنة الدولية للضوء والتكنولوجيا 2015، وحاضر فيها كل من: خبير الإضاءة الإماراتي طالب راشد الصوري، مدير مسرح شاطئ الراحة، عضو لجنة المهرجانات بأبوظبي والمخرج المسرحي صالح كرامة.
مشاركة :