حاول أن تتفهم الناس في مختلف مراحل حياتهم، قد يبدو المراهقون غير محترمين، وقد يبدو الآباء مع أبناءهم الصغار مُزعجين، وقد يمشي العجوز ببطء أمامك. ربما كنت أنت ذلك المراهق منذ عشرين عاماً، وستكون ذلك المتقاعد في المستقبل. قبل عدة أسابيع كنت أتجول في صفحات أحد الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي وبدأت بملاحظة بعض التفاصيل السطحية بصراحة؛ من ناحية المظهر العام وقصات الشعر الغريبة والإيماءات في كثير من صوره، وكعادتي حين أتعامل مع أصدقائي أحب أن أكون صادقة في آرائي خصوصاً حين يطلبون ذلك. حين أخبرته بإيجاز عن رأيي وانتقادي لبعض تفاصيله على أنها جزء لا يتجزأ من النظرة العامة لشخصيته، رد مُبرراً (كل مرحلة لها تفاصيلها ومتطلباتها) … بالفعل هذا صحيح لكل مرحلة متطلباتها لكن السؤال من سَنَّ هذه المعتقدات؟ لتستمر الحياة على منوال من سبقونا أو مع منوال أقراننا؟ كثيراً ما يتمرد المراهقون على عادات وتقاليد مجتمعاتهم، وحين يُحاسبون على تصرفاتهم تجد أغلبهم مبررين موقفهم بذات الطريقة قائلين: (نحن بمرحلة مراهقة). أيضاً حين يقدِم الأربعيني على بعض التصرفات الطائشة، يبرر موقفه بأنه لربما يمر بفترة مراهقة متأخرة، بحكم أنه كان عاقلاً رزيناً حين كان يافعاً. بعد جلسة من التفكير والتأمل في حالنا كأفراد حين نطلق الأحكام والآراء على من حولنا أدركت أن تلك الكيفية التي يتعامل بها الناس تنبع من كيفية شعورهم تجاه المواقف أكثر من حقيقة تفكيرهم، وأننا بحاجة ماسة لأن نكون واعيين لأفكارنا، إن معرفة المكان الذي تأتي منه مشاعرنا سيساعدنا في تجنب لوم الآخرين من حولك، وتحمل مسؤولية مشاعرنا الخاصة. كل من علم الأعصاب و الجسد يشيران إلى أن الخبرة البشرية تنبع من الداخل إلى الخارج، وهذا يكشف سوء فهم كبير. وقائعنا لا تسجل بشكل مجهول في الدماغ. مستشارة التغيير التنظيمية (بيرز ثورستون) تقول: إن أفكارنا يمكن أن تصوّر وعلى نحو لا يمكن إنكاره، أن خبرتنا تأتي من شيء خارج أنفسنا، ولكن كل شيءٍ يأتي من الداخل، إدراك ذلك يعطينا الحرية النفسية و التسلية و الشفقة قبل أن نطلق أحكامنا على الآخرين أو نتذمر من تصرفاتهم. نحن جميعنا موجودون في مراحل مختلفة للرحلة ذاتها علينا أن نتعامل مع هذه المراحل بفن يجعلنا نستمتع بحياتنا بطريقة خلاقة وواعية فضلاً عن جعل حياتنا مستنسخة بحلوها ومُرها، والسر بسيط جداً علينا أن نركز أقل على الأشياء الخارجية ونركز بشكل أكبر على عقولنا وقلوبنا.
مشاركة :