بعد أن أصدر صندوق النقد الدولي تقريرا يؤكد فيه توقعات بعودة استهلاك الفحم بشكل مرتفع مع خروج العالم من الأزمة الاقتصادية التابعة لكوفيد 19، دعا مختصون في الطاقة المتجددة إلى ضرورة سرعة التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، التي تتحقق بالاعتماد على 4 مصادر هي الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وطاقة المياه، وطاقة المد والجزر، وبذلك نقلل الاعتماد على مشتقات الوقود الأحفوري بنسبة ٧٥%.وأوضح المختصون في الطاقة خلال حديثهم لـ «اليوم» أن الآثار الصحية والبيئية للطاقة المتجددة لا تنتج أي انبعاثات على الإطلاق ولا تستخدم أي وقود أحفوري، بعكس محطة توليد الطاقة التي تعمل بالفحم، والتي ينبعث منها 3.5 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، بالإضافة إلى ثاني أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين والجسيمات.وأطلقت محطات الطاقة، التي تعمل بالفحم 1.364 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في عام 2015 وهي مسؤولة عن 43% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. وتعد محطات توليد الطاقة بالفحم أيضا أكبر مصدر لانبعاثات الزئبق في العالم.وقالت المحللة الاقتصادية د. أشواق دقنة: إنه قبل 17 عاما، كان الفحم يمثل 56% من إجمالي توليد الكهرباء في الولايات المتحدة وفي السنوات الخمس عشرة الماضية، شهدت صناعة الكهرباء تحولا كبيرا نحو الطاقة المتجددة، إذ استحوذت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على 52% من إجمالي توليد الكهرباء الجديدة في عام 2014 و69% في عام 2015. وخلال نفس السنوات، استحوذ الفحم على 1% و0% على التوالي من الجيل الجديد. وأضافت إنه بمجرد أن أصبح الفحم مصدر قوة لتوليد الكهرباء، بدأ في التراجع، ويرجع الفضل في ذلك في الغالب إلى التوافر الرخيص للغاز الطبيعي وزيادة شعبية مصادر الطاقة المتجددة (وانخفاض التكاليف بشكل متزايد).وأشارت إلى أنه في عام 2013، كان متوسط تكاليف البناء لمحطة الطاقة الشمسية الكهروضوئية على نطاق المرافق 3705 دولارات للكيلوواط، وفقا لإدارة معلومات الطاقة، مقارنة بـ 2934 دولارا لمحطات الطاقة النموذجية التي تعمل بالفحم.وقال الأستاذ بكلية الاتصالات والإلكترونيات بجدة ياسر مياجي: إن هناك أربعة بدائل لتوليد الطاقة المتجددة وهي في الواقع مصادر قوة بالمملكة وتتلخص هذه البدائل في الطاقة الشمسية، عن طريق استخدام أشعة الشمس لتوليد الطاقة الشمسية المركزة (CSP) أو الطاقة الكهروضوئية (PV)، التي تصنف أنها واحدة من أكثر مصادر الطاقة استدامة.وأضاف إن المصدر الثاني هو توربينات الرياح، إذ بلغت السعة الإجمالية لتوربينات الرياح التي تم تركيبها في عام 2018 نحو 597 جيجاوات، وفقا للجمعية العالمية لطاقة الرياح. وتستخدم الرياح بواسطة أشعة الشمس المباشرة لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في المناجم. ويمكن تسخير الطاقة المنتجة لإرسال الطاقة عبر الشبكة لأنواع عديدة من عمليات التعدين.وأشار إلى أن ثالث المصادر هو الماء وهو مورد مهم للغاز الطبيعي والفحم والنفط واليورانيوم. إذ ينتج عن استخراج الوقود من مواقع المناجم مياه صرف سامة. وأخيرا فإن الآلات ومواقع التشغيل المعتمدة على الطاقة المتجددة، تمكن من تقنيات الطاقة الخضراء من إنشاء طرق أكثر فعالية لتوليد الكهرباء لاستخدامها في المناجم. وينطبق استخدام الطاقة المتجددة على تدابير مبتكرة مثل: سيارة كهربائية ومحطات توليد الطاقة الهجينة.أما فيما يخص الآثار الصحية والبيئية فنوه بأن مصادر الطاقة المتجددة تبرز لتكون في المقدمة، بينما يتم إنتاج واستخدام المواد الكيميائية السيئة (أحماض الهيدروفلوريك والهيدروكلوريك) أثناء عملية تصنيع الألواح الشمسية، ويتم تصنيع الألواح الشمسية نفسها من السيليكون (العنصر الثامن الأكثر شيوعا في الكون) والمعادن الأرضية النادرة، بمجرد إنشاء الألواح ونقلها إلى موقع العمل، فهي لا تنتج أي انبعاثات على الإطلاق ولا تستخدم أي وقود أحفوري مقارنا بينها وبين متوسط انبعاثات محطة توليد الطاقة التي تعمل بالفحم، والتي ينبعث منها 3.5 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، بالإضافة إلى ثاني أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين والجسيمات.وأوضح أن محطات توليد الطاقة بالفحم أيضا تعد أكبر مصدر لانبعاثات الزئبق في العالم، إذ تتدفق إلى الأنهار والبحيرات والمحيطات وتسبب صعوبة في تكاثر الأسماك والطيور والثدييات، وكذلك العثور على الطعام. ويمكن لمشغلي محطات توليد الطاقة بالفحم تقليل الانبعاثات من خلال إجراء تغييرات على كل من المعدات والعمليات، مما يؤدي إلى إنشاء محطة طاقة أكثر كفاءة، ولكن العديد منهم لم يتخذوا هذه الخطوة بعد. حتى مع ذلك، من الصعب تخيل محطة طاقة تعمل بالفحم في نفس مجال الطاقة الشمسية.وقال خبير الطاقة المتجددة عادل المطيري إن قيام المملكة بتنفيذ مشاريع قيد العمل بإطلاق أربعة مشاريع لإنتاج الطاقة الشمسية تصل إلى 1200 ميجاواط، في خطوة طموحة لتنويع مصادرها من الطاقة وتوفير بدائل عن إنتاج الكهرباء من مشتقات الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى برنامجها الوطني للطاقة المتجددة، وتطلعها الفعال في توطين سوق الطاقة المتجددة بالمملكة هي أهداف قوية لرفع حجم إنتاج تلك الطاقة بما يدعم اقتصاد المملكة وتطوير الكوادر البشرية من خلال تحقيقه للتوسع الاستثماري في قطاعات جديدة، وكذلك استقطابه لاستثمارات الشركات العالمية والمحلية وتأسيس التقنيات المتقدمة وتوطينها.وأشار المطيري إلى 4 مصادر تحقق سرعة التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة عن طريق الاعتماد على الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والاعتماد على طاقة المياه، والاعتماد على طاقة المد والجزر، وبذلك نقلل الاعتماد على مشتقات الوقود الأحفوري بنسبة 75%، ولمواكبة ارتفاع معدل النمو السكاني والاقتصادي في المملكة، الذي يتبعه ارتفاع في معدل استهلاك الطاقة، سواء كان ذلك في الوقود أو الكهرباء أو تحلية المياه، وللمحافظة على الموارد الحالية وتحقيق التوازن وتلبية متطلبات الحياة للأجيال القادمة وتحقيق التنمية الاقتصادية.
مشاركة :