أحمد عثمان هل من الممكن أن ننظر إلى كتاب «مغامرة المنهج»، آخر مولفات « أدغار موران» على أنه (كتاب/ وصية) بما أنه يعرض في متنه (رسالة أخيرة)، إن جاز القول، يرى عبرها أن الحياة، المقاومة والسر شيء واحد؟ في الواقع، من الممكن النظر إلى كتابه الأخير (مغامرة المنهج)، الذي صدر خلال الأيام الأخيرة، على أنه الغوص الأكثر بساطة في نتاجه الضخم بأسره. فالسوسيولوجي والفيلسوف، الذي يتم عامه الرابع والتسعين هذا العام، نجح بقوة في إذابة عصور من الأبحاث الرئيسية والالتزامات المدنية الجلية والأفكار الأخلاقية أو الروحية في حياة واحدة. هذه «المغامرة»، مغامرة حياته، التي لم يزل حتى اليوم يتقاسمها مع كل شيء، تبدأ بطفولة تكتسي الحداد لوفاة أمه التي كان متعلقاً بها، وهو لم يبلغ العاشرة من العمر. في الفصل الأول ذي العنوان الشخصي: «البحث عن حقائقي»، يتذكر أدغار موران أيضاً – ما وراء حزن مراهقته الشديد – كيف، وهو يحيا في العالم «المسرنم» في ثلاثينيات القرن الفائت، عالم النازية والستالينية. نتيجة لذلك، يعتبر واحداً من هؤلاء «الباحثين عن الطريق الثالث»، ذلك الطريق المتماشي مع قراءاته الأولى (سيمون فيل، روبير آرون مجلة «اسبري» لامانويل مونييه...) تلك لحظة تلقينية رئيسية، كما هو معروف، تتمثل في مرحلة الاحتلال النازي لفرنسا التي سمحت لادغار موران من فهم أن التاريخ، رغما عن مظاهره القدرية، قد ينحرف في أي لحظة وبطريقة غير متوقعة. في عام 1940، يعلن هتلر إقامة «رايش (دولة) الألف عام». ولكن منذ خريف 1941، يجد الجيش الألماني نفسه غائصاً في الوحل، أمام موسكو. هذا التحول العسكري الحاسم الذي بدأ منذ عام 1942 اجتذب موران إلى إعادة النظر كليا في رؤيته تجاه مستقبل العالم. في نفس العام، انضم إلى المقاومة السرية. وبذلك، شعر بأنه يمتلك «الحقيقة كروح وجسد»، حسب الصيغة الشهيرة لـ آرتور رامبو. ... المزيد
مشاركة :