مفتاح وضع حد لجائحة كورونا هو تحقيق مناعة القطيع عن طريق تطعيم حوالي 70 بالمائة من البشر. ورغم وجود العديد من اللقاحات في العالم، فإن الطريق إلى إنتاج كميات ضخمة من اللقاح درب مملوء بالمصاعب والمطبات. إنتاج اللقاح بكميات ضخمة ليس بالأمر الهين ما أن أعلن عن تمكن شركة بيونتيك الألمانية من تطوير أول لقاح مضاد لفيروس كورونا حتى ساد جو من التفاؤل والارتياح، بيد أنه لم تمر فترة طويلة حتى طغت الشكوك والأسئلة على السطح: من يتعين عليه تلقي اللقاح قبل غيره؟ وما هي أولويات الترتيب في أخذ اللقاح؟ وهل ستتوفر ما يكفى من جرعات اللقاح في الوقت المناسب؟ شراء معمل ليس الحل لا يجيب رئيس البحث العلمي في "رابطة مصنعي الأدوية القائمة على البحث العلمي" (VFA)، التي تضم حوالي 50 شركة ألمانية، رولف هومكي، على تلك الأسئلة وغيرها بشكل مباشر، ويقول لـ DW "أن تنتج بكمية صغيرة وعلى نطاق ضيق أمر مختلف تماماً عن الإنتاج بكميات ضخمة". هذا التحدي الكبير حاولت بيونتيك مواجهته عن طريق شراء مصنع إضافي في مدينة ماربورغ الألمانية من منافستها شركة نوفارتس. وعلى الرغم من أن المصنع فيه آلات تحتاجها عملية إنتاج اللقاح، بيد أنها لم تكن المطلوبة على وجه الدقة، حسب رأي رولف هومكي، هذا ناهيك عن الحاجة إلى تدريب العمال وفق معايير بيونتيك. ومن المنتظر أن تنطلق عملية الإنتاج في شباط/ فبراير المقبل. وقد أكد أحد مؤسسي شركة بيونتيك، أوغور شاهين، لمجلة "دير شبيغل" أن عملية الإنتاج معقدة، بحيث لا يمكن "بسهولة الانتقال من إنتاج الأسبيرين أو دواء السعال إلى إنتاج اللقاح؛ إذ يتطلب الأمر خبرة سنوات وتجهيزات إنشائية وتكنولوجية مناسبة". أهم المراحل العلمية لتطوير اللقاحات اعتماد على الموردين إنتاج اللقاح بكميات ضخمة يتطلب أيضاً مواد أولية، إذ "لا يمكن الاستغناء عن بعض مكونات النفط المكرر كمادة أولية ووسائط غذائية وما يلزم لعملية زرع البكتيريا ومواد كيماوية كثيرة، ثم معالجة الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) بعدة مواد أخرى". ومن هنا يأتي اعتماد صناعة العقاقير على الموردين. وحتى فيما يخص زجاجات تعبئة اللقاح فإن الأمر ليس بالسهل؛ إذ أن حفظ اللقاح ونقله يتطلب زجاجاً من نوع خاص، ولاسيما فيما يتعلق بالحفاظ على درجة حرارة معينة في حال لقاح بيونتيك-فايزر. صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عزت سبب النجاح الألماني في تطوير اللقاح إلى حقيقة أن الاقتصاد الألماني قائم على الشركات المتوسطة، لا الكبيرة، ما يمنح تلك الشركات هامشأً أكبر من السرعة والمرونة في الحركة والاستجابة لحاجة السوق. والسبب الآخر هو الصلة الوثيقة بين الباحثين العلميين والشركات المنتجة للقاح. "المشكلة ليست بنقص الجرعات" لا تستطيع شركة بمفردها تحقيق "مناعة القطيع" عن طريق تلقيح حوالي 70 بالمائة من البشر، حسب ما يجزم به رئيس "رابطة مصنعي الأدوية القائمة على البحث العلمي" (VFA)، رولف هومكي. ورولف ليس وحده من يتبنى هذا الرأي. أوغور شاهين، الذي كلما أنتجت شركته جرعات لقاح زاد ربحها، يشاركه الرأي. وهو يحمل السلطات والمنافسة المسؤولية، عندما يحذر من أن: "هناك فجوة بسبب عدم وجود لقاحات أخرى معتمدة". نجاح باهر للبحث العلمي في ألمانيا، وآخر تجلياته في شركة بيونتيك. وهذا يفسره نوعية البحث العلمي والقدرة التنظيمية واللوجستية المتميزة وميزات الشركات الألمانية من حيث كونها متوسطة الحجم. ويلفت رولف هومكي النظر إلى ضرورة ألا تصرفنا المشاكل الحالية عن رؤية ما تم تحقيقه: "إنه أمر رائع الانتقال من إنتاج كميات صغيرة لغاية البحث إلى إنتاج كميات ضخمة. وهذا تطلب ساعات طويلة جداً من العمل من قبل خبراء". يعلو النقد والاتهامات من كل حدب وصوب بعدم وجود ما يكفي من الجرعات. لكن رولف هومكي له رأي واضح في المسألة، إذ أن "النقص ليس في الجرعات، وإنما في سرعة عملية التلقيح نفسها". ديرك كاوفمان/خ.س
مشاركة :