«الموت غرقاً على عتبات الفردوس الأوروبي» يتفاقم

  • 8/29/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

ارتفعت وتيرة المغامرين منهم بالهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وهلك الآلاف غرقاً على عتبات الفردوس الأوروبي، ووصل إلى أوروبا خلال سبعة أشهر حتى يوليو نحو 340 ألف مهاجر أغلبهم من السوريين في أسوأ أزمة هجرة تواجه القارة منذ الحرب العالمية الثانية، فيما هلك المئات في عرض البحر بحثا، وانقلب، أمس، قاربان كانا في طريقهما إلى أوروبا وعلى متنهما قرابة 500 مهاجر، انقلبا قبالة السواحل الليبية وسط مخاوف بمقتل المئات. وتم العثور ،الخميس، على جثث عشرات منهم في شاحنة شرقي النمسا، وهي حادثة ألقت بظلالها على القمة التي خصصها الاتحاد الأوروبي لدراسة الحلول المناسبة بهدف مواجهة الأزمة المتفاقمة. وقالت الشرطة النمساوية: إنها عثرت على جثث نحو 70 لاجئا في شاحنة كانت متوقفة على طريق سريع شرقي البلاد، مضيفة أن العدد النهائي للضحايا لم يعرف بعد، في حين أفادت تقديرات أولية أنهم لقوا مصرعهم اختناقاً داخل الشاحنة في إطار عملية تهريب للبشر. وعدت وزيرة الداخلية النمساوية يوانا ميكل-ليتنر أن هذا اليوم هو يوم أسود، مضيفة هذه المأساة أثرت فينا جميعا بعمق، المتاجرون بالبشر هم مجرمون، مؤكدة أن النمسا ستشدد الضوابط على الحدود وتكثف عمليات التفتيش على القطارات الدولية، ودعت دول الاتحاد الأوروبي الأخرى إلى عدم التساهل مطلقا مع تجار البشر. من جهتها، عبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن صدمتها، وقالت -على هامش انعقاد قمة لقادة دول غرب البلقان بالعاصمة النمساوية فيينا: إن ما حدث يعد تنبيها لأوروبا من أجل إيجاد حل مناسب لأزمة اللاجئين. وقالت ميركل: إنه تحذير لكي نبدأ العمل ونحل هذه المشكلة بسرعة وبروح أوروبية، أي بروح من التضامن لإيجاد حلول، مشيرة إلى أن دول غرب البلقان تواجه تحدياً هائلاً يتمثل في التعامل مع آلاف اللاجئين الذين يحاولون الوصول لدول الاتحاد الأوروبي. بدوره، قال رئيس لجنة العدل والشؤون الداخلية في البرلمان الأوروبي كلود مورايس: إن الاتحاد الأوروبي يواجه أزمة حقيقية لم يشهد مثلها من قبل، وإن سبب هذه الأزمة هو غياب التوازن، لأن بلدانا مثل ألمانيا تتحمل جزءاً كبيراً من القضية، مطالباً بتحمل أعباء اللاجئين على كامل رقعة دول الاتحاد. لا حل سحريا كما قالت مسؤولة السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني: إنه لا يوجد حل سحري فوري، ولكن الطريق للحل معروف، وأضافت أن أوروبا عليها أن تفي بمعاييرها لحقوق الإنسان، وأن تجد حلا. وتعرض القادة الأوروبيون لانتقادات شديدة بسبب إخفاقهم في معالجة مشكلة وصول مئات آلاف اللاجئين هذا العام، معظمهم من مناطق النزاع مثل سوريا والعراق وأفغانستان. ارتفاع وتيرة المغامرين وأمام تفاقم معاناة اللاجئين السوريين المنتشرين في دول الجوار إثر تراجع المساعدات المقدمة لهم، ارتفعت وتيرة المغامرين منهم بالهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، رغم المخاطر الداهمة التي تحدق بهم خلال هذا النوع من الرحلات. وتقول الأمم المتحدة: إن عدد اللاجئين السوريين تخطى أربعة ملايين يعيش معظمهم في دول جوار سوريا في فقر ويحلم بعضهم بالاستقرار في أوروبا بعد فقدان الأمل بعودة سريعة إلى الوطن. ويقول آندرو هاربر، ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأردن، لوكالة فرانس برس: إن ما يجري هو نتيجة عدم الاستثمار في دعم الدول المضيفة للاجئين وتأمين احتياجاتهم فيها، لذلك سيتوجه اللاجئون إلى حيث يجدونها فتوجه هؤلاء إلى أوروبا. وأضاف: إن لم تدعم دولة كالأردن لتلبية متطلبات العون والحماية وإن لم يحصل اللاجئ على مساعدة وحماية كافيتين فإنه بالتأكيد سيغادر إلى حيث يحصل عليها. وأشار إلى أن الدول المضيفة تعاني في التعامل مع اللاجئين السوريين نتيجة نقص الدعم الدولي، وعلى سبيل المثال فإن برامج المفوضية في الأردن ممولة بنسبة 35%. وتحتاج المفوضية إلى نحو 5,5 مليارات دولار هذا العام لمساعدة اللاجئين السوريين والدول المضيفة لهم، لكنها حصلت فقط على ما يغطي 41% من هذه الاحتياجات. في الأردن يعيش حوالى 86 % من جميع اللاجئين دون عتبة الفقر ولا يتخطى دخلهم 3,2 دولار في اليوم. أما في لبنان فإن 55% من اللاجئين يعيشون في ظروف سكن رديئة، بحسب المفوضية. من جانبه، يقول آدم كوغل، الباحث في قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الإنسان لفرانس برس: إن الكثير من اللاجئين السوريين الذين قابلناهم يفكرون في خوض الرحلة الخطرة عبر تركيا أو شمال إفريقيا إلى أوروبا. وأضاف: إن الكثير منهم قالوا: إن نقص المساعدات الإنسانية وعدم القدرة على العمل بشكل قانوني في دول الجوار يدفعهم مجبرين للاختيار بين العودة إلى سوريا أو محاولة الهجرة الخطرة. وفر أكثر من 1,1 مليون لاجئ سوري إلى لبنان ونحو 600 ألف إلى الأردن، بحسب الأمم المتحدة، بينما تقول المملكة إنها تستضيف 1,4 مليون سوري يشكلون 20% من عدد سكانها البالغ نحو 7 ملايين نسمة. ويقول هاربر: إن اللاجئين فقدوا الأمل بالحصول على المساعدة التي يحتاجونها، وهناك صعوبات في الحصول على عمل قانوني أو الحصول على خدمات صحية أو التعليم لذلك ليس أمامهم سوى العودة إلى سوريا أو الهجرة إلى أوروبا. ويرى أن هناك تحولاً كبيراً في توجهات اللاجئين السوريين منذ بداية هذا العام، حيث زاد عدد العائدين إلى سوريا، وتراجع عدد الفارين منها إلى دول الجوار. وأوضح على سبيل المثال أن عدد اللاجئين الذين يغادرون الأردن عائدين إلى سوريا هو الآن بمعدل نحو 200 لاجئ يوميا مقارنة بأقل من 200 لاجئ أسبوعيا في الأعوام السابقة. وأشار إلى أن القادمين لا يتجاوزون العشرات مقارنة بالآلاف في أعوام مضت. تجاهل العالم ويقول العشريني أبو اليمان، متحدثاً باسم تنسيقية مخيم الزعتري التي شكلها لاجئون سوريون في مخيم الزعتري (85 كلم شمال-شرق عمان) أن عائلات كثيرة غادرت الأردن إلى تركيا بغرض الهجرة لأوروبا عن طريق التهريب ودفعت مبالغ بآلاف الدولارات لقاء ذلك. وأضاف: إن إهمال العالم للسوريين في المخيمات ومعاناتهم الناجمة عن نقص الاحتياجات الأساسية من كهرباء ومياه وغيرها، هو السبب الرئيسي وراء اندفاعهم للهروب إلى دول غربية. وأشار إلى أن تجاهل العالم لنا دفع حتى المنظمات الإنسانية لسحب مساعداتها تدريجيا، واللاجئ الآن يفقد أبسط احتياجاته. واعتبر أبو اليمان، وهو طالب جامعي متخصص في التربية يطمح في إكمال تعليمه، إن الهجرة بأي شكل هي فرصة للحصول على مستقبل أفضل وتحقيق أحلام اللاجئين في تأمين مستقبل وحياة أفضل.. وأضاف: إن اللاجئين فروا منذ بداية الأزمة عام 2011 باعتبار أنه لجوء مؤقت أملا بالتغيير وبمستقبل أفضل، ومرت سنوات ولم يتغير شيء والحال يسوء، لذلك الهجرة هي الحل . أما محمد الحريري (34 عاما)، الأب لثلاثة أطفال، في مخيم الزعتري الذي يأوي نحو 80 ألف سوري، فيقول لفرانس برس: لم يبق أمام اللاجئ السوري إلا الهجرة. وأضاف: خدعنا، قيل لنا إن نظام الأسد سيسقط خلال أسابيع وإنه لا يسيطر إلا على ربع سوريا وخرجنا من بيوتنا على أمل العودة القريبة، ها نحن بعد خمس سنوات لا نزال مشردين في الخارج، والبلد دمرت ولا يبدو أن شيئا سيتغير. ويرى الحريري أن الهجرة مخاطرة لكن البعض لم يعد لديه القدرة على الاحتمال خصوصا مع تجاهل العالم معاناتنا ونقص المساعدات الإنسانية، ماذا ينتظرون منا، أن نموت بصمت؟ بالطبع السوري أمام خيارين العودة والموت في بلده أو الهجرة. غرق قاربين وفي السياق، ذكر تقرير إخباري، أمس الجمعة: أن قاربين كانا في طريقهما إلى أوروبا وعلى متنهما قرابة 500 مهاجر، انقلبا قبالة السواحل الليبية وسط مخاوف بمقتل المئات. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن أحد السكان المحليين، أنه تم نقل أكثر من 100 جثة إلى مستشفى في بلدة زوارة على الساحل الغربي لليبيا، فيما لا يزال مئات الأشخاص في عداد المفقودين. وأوضح التقرير أن خفر السواحل تمكنوا من إنقاذ 201 شخص، لكن يبدو أن الكثيرين قد حوصروا في القارب الأكبر. وكان القارب الأول يحمل نحو 50 شخصا على متنه، وأطلق نداء استغاثة في وقت مبكر من الخميس، أما القارب الثاني الذي غرق في وقت متأخر من اليوم نفسه، فقد كان يقل نحو 400 مهاجر على الأقل. وأفاد شهود عيان، أن الذين كانوا يستقلون القاربين بينهم سوريون، وبعضهم من بنجلاديش ومن دول أفريقية جنوب الصحراء الكبرى، لكن لم يتسن التحقق من تلك المعلومات من جهات مستقلة. وعثر على جثث 51 مهاجراً على متن قارب آخر غرق قبالة السواحل الليبية، الأربعاء. ويعد الطريق من السواحل الليبية إلى جنوب إيطاليا واحداً من أكثر الطرق التي يسلكها المهاجرون غير الشرعيين.

مشاركة :