زميل وصديق عزيز استيقظ صباحا في هذه الأيام العصيبة التي تعيش فيها أسرته الكبيرة دون خادمة وخرج إلى البقالة وهو نصف نائم اشترى جريدة وبدأ مهمة البحث عن مكتب للاستقدام لينهي هذه المسألة العويصة في أقرب وقت ممكن.. لم تكن المهمة صعبة فإعلانات مكاتب الاستقدام بألوانها الفاقعة وأرقام جولاتها المكتوبة بشكل بارز تخطتف المشهد مهما كان الخبر المنشور بجانبها. المهم أن صاحبنا اختار واحدا من المكاتب المعلن عنها وذهب إليه ووقع معهم العقد ودفع له المبلغ المعلوم الذي شارك أكثر من طرف في تجميعه، وقال له صاحب المكتب إن الخادمة سوف تكون موجودة خلال شهرين أو ثلاثة، وعاد وهو يشعر بأن جميع مشاكل هذا العالم قد انتهت ولم يعد بينه وبين الحياة الطبيعية التي كان عليها سوى شهرين أو ثلاثة. طبعا بعد شهرين عاد ووجد المكتب مغلقا وكأنه لم يكن موجودا في يوم من الأيام، طبعا أن متأكد بأن أغلبكم كان يتوقع هذه النهاية منذ السطر الأول.. ولكن القصة ليست أبدا في إغلاق المكتب فجأة بل في فتحه من الأساس!، فقد ذهب صاحبنا يشكو في وزارة العمل فقالوا إن هذا المكتب ليس مصرحا له بالاستقدام ونشاطه لا يتعدى الخدمات العامة والتعقيب أو ما شابهه فسألهم: كيف يستطيع نشر إعلانات كاذبة في الصحف؟ وكيف يرفع لوحة أكبر من ساحة مدرجات الكرة أمام مكتبه ويعلن أنه للاستقدام فأجابوه أن هذه مسؤولية وزارة التجارة وليست مسؤوليتهم. ذهب إلى وزارة التجارة فراجعوا أوراقهم ليكتشفوا بأنه ليس مكتب خدمات عامة ولا مكتب استقدام بل هو شركة مقاولات: حفر، بناء، ترميم، وكل شيء من هذا القبيل، هناك اكتشف صاحبنا بأنه ليس المشتكي الوحيد على هذا المكتب في وزارة التجارة بل سبقه مجموعة من الحالمين الذين ذهبت أموالهم ولم تأت شغالاتهم، وكانت ساعات انتظار النتيجة في ممرات وزارة التجارة فرصة جيدة لتبادل وجهات النظر بين المنتظرين حول المسؤول عن الطاسة الضائعة: هل هي وزارة التجارة أم العمل؟، وما هو دور وزارة الثقافة والإعلام بخصوص الإعلانات في الصحف؟، وبينما الشباب في أخذ ورد وتحليل للموقف المعقد جاء إليهم موظف وزارة التجارة ليعلمهم بنتيجة الشكوى فوقفوا جميعا له وسألوه بصوت رجل واحد: (هاه بشر بنت ولا ولد؟)، فأجاب بأن الوزارة كتبت خطابا لإمارة المنطقة للبحث عن صاحب هذا الترخيص وأنها تأمل منهم أن يساعدوا في البحث عنه لاسترداد حقوقهم.. وبس خلاص.. كما يقول الفيلسوف شعبان عبدالرحيم!.
مشاركة :