يدخل إدراج جماعة الحوثيين كجماعة إرهابية في اليمن حيّز التنفيذ ابتداء من الأسبوع المقبل لتنضم بذلك الولايات المتحدة إلى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وماليزيا الذين يصنفون الحوثي كجماعة إرهابية. ورحبت الحكومة اليمنية بتصنيف أميركا لميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانياً كمنظمة إرهابية أجنبية وككيان إرهابي دولي مدرج بشكل خاص بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224، وإدراج زعيم الميليشيات عبدالملك الحوثي، وشقيقه عبدالخالق بدر الدين الحوثي وعبدالله يحيى الحكيم على لائحة الإرهابيين الدوليين. وقال المتحدث باسم الحكومة اليمنية راجح بادي في تصريح خاص لـ"الرياض" إن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية خطوة ضرورية من أجل إعادتنا لمسار السلام، وقطع أذرع إيران في المنطقة، وحاجة أمنية وسياسية واقتصادية ملحة للأمن في اليمن والمنطقة والعالم. وأوضح أن القرار الأميركي ينسجم مع مطالب الحكومة اليمنية لمواجهة الأعمال الإرهابية للحوثيين ومعاقبتهم على نحو يساهم في التمهيد لبتر أذرع النظام الإيراني ودعم جهود الحكومة اليمنية والتحالف العربي في مكافحة الإرهاب الحوثي-الإيراني في اليمن وتهيئة الظروف الملائمة للتوصل إلى حل سياسي سلمي وفق المرجعيات الثلاث. وأشار بادي إلى أن العالم بدأ يدرك استحالة الوصول إلي سلام دائم في اليمن، في ظل بقاء التنظيم العسكري الإرهابي الحوثي، واعتماده على السلاح واندماجه الكامل ضمن الحرس الثوري الإيراني المصنف على لائحة الإرهاب الدولية، واستمرار تدفق الأسلحة الإيرانية بما فيها الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة. وأكد أن قرار الولايات المتحدة بتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، وصّف طبيعة ميليشيات الحوثي في الواقع، كما سيساهم في لفت انتباه العالم إلى طبيعتها الإجرامية، باعتبارها جماعة إرهابية تمارس كل أشكال العنف والإجرام والإرهاب بخلفية فاشية متطرفة وتتبنى أيديولوجية إرهابية عابرة للحدود ولا تعترف بمبدأ سيادة الدول وترفض الأطر القانونية والرسمية وقواعد النظام الدولي. وقال إن الوضع المأساوي التي وصلت إليه اليمن بفعل الحرب الحوثية الإرهابية وانقلابها على مؤسسات الدولة الشرعية، يتطلب بناء موقف دولي مشترك يستند إلى القرارات الدولية والقانون الدولي ويعمل على اتخاذ كافة الخطوات من أجل ردع النظام الإيراني. لافتا في هذا السياق إلى تداعيات الحرب الدموية التي تشنها ميليشيات الحوثي الإرهابية على الشعب اليمني وجرائم الحرب التي ترتكبها منذ أكثر من ست سنوات بحق اليمنيين بمختلف توجهاتهم وأطيافهم السياسية والاجتماعية، بما في ذلك الأقليات الدينية. وفي حين أكد المتحدث باسم الحكومة اليمنية، راجح بادي أن الحكومة ستواصل دعم جهود الأمم المتحدة الرامية لإنهاء الحرب وإحلال السلام وفق المرجعيات الثلاث، وكذلك دعم جهود المنظمات الإنسانية الدولية والأممية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المستحقين والمحتاجين، سخر بادي في الوقت نفسه بعض التقارير الممولة التي تبدي مخاوفها المفترضة من انعكاس قرار التصنيف سلباً على مسار المفاوضات السياسية وملف المساعدات الإنسانية في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية الإرهابية، لافتاً إلى أن قرار التصنيف أتى بعد توصل الإدارة الأميركية إلى قناعة واقعية باستحالة انخراط الحوثيين بجدية في أي مفاوضات سياسية تفضي إلى حل سلمي وفق المرجعيات القانونية اليمنية والدولية، مشيراً إلى أن ميليشيا الحوثي نسفت أكثر من خمس جولات من المشاورات وأفشلت جهود ثلاثة مبعوثيين أممين. قرار التصنيف لصالح الأميركيين يقول الباحث في شؤون الأمن القومي الأميركي، ريتشارد جولدبنيرغ لجريدة الرياض أن إدراج جماعة الحوثيين على قوائم الإرهاب هو أمر تطلبه المصلحة القومية الأميركية لعزل الجماعة الممولة والمرتبطة ارتباطاً وثيقاً بإيران بعد أن استنفد الحوثيون كل فرصهم واستمروا بالتحرّك بتبعية عمياء لإيران. من جانبه يقول جوناثان شانزر، كبير الخبراء في معهد "FDD" في واشنطن أنه كان يتوجب على الولايات المتحدة التحرك لمواجهة جماعة الحوثي بسبب استعدائها للولايات المتحدة وحلفائها في كل شيء بدءاً من شعاراتها إلى تحريضها الأيديولوجي لأتباعها وانتهاءا باستهداف المدنيين الآمنين في السعودية وطرق الملاحة الدولية. ويضيف شانزر، جماعة الحوثيين التي تستخدم الدين والسياسة كأدوات للتحريض تشكل خطراً حقيقياً يعمّق من أزمة زعزعة استقرار الشرق الأوسط. ويشير شانزر إلى أن منع المنظمات الدولية من التعامل مع الحوثيين لن يقود الوضع الانساني إلى ما هو أسوأ، فالحوثي أصلاً هو من يعمّق من المأساة التي يعيشها اليمنيون، وتجاهل مخاطره ومخاطر التدخل الإيراني في اليمن لن يزيد إلا من معاناة اليمنيين على المدى البعيد. مضيفاً، علينا في الولايات المتحدة أن نكون صريحين حول تحديد المسؤول عن زعزعة استقرار اليمن ومعاناة المدنيين، فمعلومات الاستخبارات الأميركية تؤكد أن جماعة حزب الله اللبنانية الارهابية دعمت ودرّبت الحوثيين بالإضافة الى أن حصة كبيرة من أموال الاتفاق النووي في العام 2015 ذهبت لتمويل هذه الجماعات وبالتالي عزلها وتصنيفها هو السبيل لوقف زعزعة الاستقرار التي تتسبب بها هذه الجماعات. تحذيرات لبايدن من التهاون مع إيران تتصاعد في هذه الأثناء أصوات السياسيين الأميركيين الداعين إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن إلى عدم التخلي عن أوراق الضغط على إيران، حيث قال وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر في مؤتمر شارك فيه عبر الانترنت أن التهاون مع إيران سيخلق توترا كبيرا يقود إلى تبعات سلبية في منطقة الشرق الأوسط. ودعا كيسنجر إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن إلى الحذر قائلاً "يجب أن لا نخدع أنفسنا بالاتفاق النووي للعام 2015 حيث أنه منفلت وغير متماسك من عدة جوانب". وقال كيسنجر "الحل الوحيد لإيران هو عدم استخدام الدين لتنفيذ أجندتهم التوسعية، وبينما يبدو القادة الحاليين لإيران غير مستعدين لذلك بعد فإن استمرار الضغوطات هو الحل الأنسب". وقال كيسنجر إنه على الولايات المتحدة تجنب التنازل عما تم تحقيقه مؤخراً إثر الضغط على إيران بالإضافة إلى أن التوحد الذي يشهده الشرق الأوسط اليوم ضد السلوك الإيراني المزعزع للاستقرار يؤكد أن سياسة الضغط على إيران كانت مساراً إيجابياً يجب أن نستمر بالسير عليه.
مشاركة :