قال مسؤول كبير في صندوق النقد الدولي مؤخرا إن الاقتصاد الرقمي والاستثمار الأخضر سيساعدان في ضمان انتعاش الصين المتوازن من وباء كوفيد-19. وقال هيلغ بيرغر، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي للصين ومساعد مدير إدارة آسيا والمحيط الهادئ، لوكالة أنباء ((شينخوا)) في مقابلة مكتوبة، إنه "في الصين، تماما كما هو الحال في العديد من البلدان الأخرى، رأينا الوباء يسرع من الاتجاهات الجارية للمبيعات المهاجرة عبر الإنترنت والمزيد من الفرص للعمل من المنزل". وأفاد بيرغر "لقد خفف هذا من بعض الآثار الاقتصادية الناجمة عن الوباء. كما تم استخدام التكنولوجيات الرقمية لجعل دعم السياسات للأسر والشركات الضعيفة أكثر فعالية"، مضيفا أن الرقمنة كانت تطورا مفيدا خلال هذه الأزمة الصعبة. وتكثف الصين جهودها لتطوير الاقتصاد الرقمي وزيادة الاستثمارات في "البنية التحتية الجديدة" مثل شبكات الجيل الخامس "5جي" ومراكز البيانات، والتي من المتوقع أن تجلب قوى دافعة جديدة للانتعاش الاقتصادي من الوباء. وذكر بيرغر أنه "عقب جهود الاستثمار الكبيرة التي بذلت في العقود الماضية، تواجه الصين عوائد متناقصة من استثمارات البنية التحتية التقليدية. مع ذلك، هناك مجال واسع للاستثمار الأخضر والبنية التحتية الذكية"، مبينا أن هذه هي المجالات التي يمكن للاستثمار العام أن يحقق فيها القدر الأكبر "لضمان انتعاش متوازن". ولفت مسؤول صندوق النقد الدولي إلى أن الاستثمار العام في البنية التحتية القادرة على التكيف مع المناخ سيدعم أيضا خلق فرص العمل وزيادة الدخول مع زيادة المرونة الاقتصادية والبيئية، الأمر الذي يساعد في انتقال الصين إلى مستقبل منخفض الكربون. وأوضح بيرغر أنه "بالإضافة إلى ذلك، فإن الدعم الحكومي للبحث والتطوير الأساسيين، إذا تم نشره بحكمة للحد من التدخل في الأسواق، يمكن أن يساعد في تعزيز الابتكار وزيادة الإنتاجية"، مشيرا إلى أنه إلى جانب الإصلاحات الأخرى، يمكن أن تساعد هذه السياسات في مواصلة الانتقال إلى نمو عالي الجودة بدأ قبل الأزمة. وذكر صندوق النقد الدولي في تقرير أصدره الأسبوع الماضي بعد الاستعراض السنوي الذي يجري بموجب المادة الرابعة للاقتصاد الصيني أنه من المتوقع أن يتوسع الاقتصاد الصيني بنسبة 7.9 في المائة في عام 2021 بعد نمو بنسبة 1.9 في المائة في عام 2020، مع استمرار النشاط الاقتصادي في العودة إلى طبيعته وبقاء تفشي كوفيد-19 محليا تحت السيطرة. وقال بيرغر "لقد خففت جهود الاحتواء القوية ودعم سياسات الاقتصاد الكلي والسياسات المالية من تأثير الأزمة وساعدت الاقتصاد على الانتعاش. بيد أن النمو مازال غير متوازن حيث سار التعافي في الاستهلاك الخاص بوتيرة أبطأ"، مشددا على أهمية تجنب سحب الدعم السياساتي قبل أوانه. وأكد "يجب أن تظل سياسات الاقتصاد الكلي توسعية بشكل معتدل، مع تحويل السياسة المالية التركيز نحو تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي وتشجيع الاستثمار الأخضر وبقاء السياسة النقدية تيسيرية". وأشار بيرغر إلى أنه من المهم في الوقت نفسه أن تدعم الإصلاحات الهيكلية الانتعاش على المدى المتوسط، مستشهدا بمزيد من الانفتاح في الأسواق المحلية، وإصلاح الشركات المملوكة للدولة وضمان الحياد التنافسي مع الشركات الخاصة. كما تعهدت الصين بتعزيز إدارة جانب الطلب وتوسيع الطلب المحلي من خلال الاستفادة من الإمكانات في نماذج الاستهلاك الجديدة في عام 2021. وأشار بيرغر إلى أن التحول من الإنفاق التقليدي على البنية التحتية إلى دعم الأسر من شأنه أن يساعد في تعزيز الاستهلاك. كما أنه يتماشى مع أهداف إستراتيجية "التداول المزدوج"، التي تعزز فيها الأسواق المحلية والخارجية بعضها البعض مع كون السوق المحلي هي الدعامة الأساسية. وقال بيرغر إن "الإصلاحات الرامية إلى ضمان وجود نظام أمان اجتماعي موثوق وفعال يستهدف التحويلات إلى الأسر ذات الدخل المنخفض أثناء فترات الركود الاقتصادي" ستكون مفيدة، مضيفا أنها ستجعل النمو "أكثر مرونة" عبر خفض معدل ادخار الأسرة المرتفع وإعادة تنشيط إعادة التوازن الاقتصادي نحو الاستهلاك الخاص. وشددت القيادة الصينية في مناسبات عديدة على أن "التداول المزدوج" ليس بأي حال من الأحوال حلقة داخلية مغلقة وأكدت مجددا أن الصين ستواصل الانفتاح على العالم على مستوى أعلى. ووقعت الصين مؤخرا على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة مع دول أخرى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأكملت مفاوضات اتفاقية الاستثمار مع الاتحاد الأوروبي، مما يدل على دعمها للانفتاح والتعاون والتعددية. وذكر بيرغر أنه "في حين أنه من السابق لأوانه التعليق على اتفاقية الاستثمار مع الاتحاد الأوروبي، فإننا بالتأكيد نرحب بالتزام الطرفين بتسهيل الاستثمار وفتح الأسواق"، مضيفا أن التنفيذ الناجح لاتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة سيحسن التكامل الاقتصادي، مما يوفر دفعة للتجارة في المنطقة. وتابع "في الوقت نفسه، كما قلنا في الماضي، لا يزال من المهم لجميع البلدان أن تواصل جهودها للسعي لإيجاد حلول متعددة الأطراف -- بما في ذلك من خلال إصلاحات منظمة التجارة العالمية -- نحو تجارة مفتوحة ومستقرة وشفافة وقائمة على القواعد".
مشاركة :