أمر مثير للاستغراب ذلك الموقف العاطفي لمن يبرر وجود المخالفين لنظام الإقامة ممن تأخروا في تصحيح أوضاعهم أو لم يتمكنوا؛ بأنهم ينتمون لدول إسلامية، وأن هذا البلد هو قبلة الإسلام فعليه أن يحتوي كل من يهرب من بلاده نتيجة تعسف طائفي أو حروب أهلية! ينطبق ذلك مثلا على إثيوبيا وأفغانستان، وقد برز هذا الموقف خاصة بعد شغب الإثيوبيين والمواجهة الأمنية المشكورة والموفقة معها، والمؤسف أن تجد برامج تلفزيونية تستدر العطف الأيديولوجي عبر لقاءات حول إسلام بعضهم وامتلاء المساجد بهم والله وحده يعلم إن كان بعض هؤلاء المخالفين قد هربوا بسبب تعسف طائفي أو لأسباب أخرى قد تكون جرائم ارتكبوها في بلدانهم! فمن يعرف تاريخهم ما داموا مخالفين مجهولي الهوية! ثم كثيرون منهم غير مسلمين، فهل يعني أن نقول لكل مجهول مخالف لمجرد أنه مسلم أو أعلن إسلامه أهلا وسهلا! ما هذا التفكير العاطفي الساذج؟ هل يعني كونه مسلما أنه صالح؟ نعرف جيدا أن كثيرا ممن يحملون الأسماء الإسلامية أفعالهم لا تمتُ إلى أسمائهم بصلة، كمجرمي القاعدة الذين يفجرون القنابل وسط الأبرياء ويمتهنون ترويج المخدرات وزراعتها -كما هو الحال في أفغانستان- هم مسلمون، فهل هم صالحون؟! صحيح أن بلدنا ولله الحمد أعزه الله بأنه قبلة المسلمين وإليه تتجه القلوب؛ لكن لا يعني أن نقبل بالفوضى على حساب أمننا وتنظيم أمر العباد ومعاشهم في مجتمعنا، ونقبل بكل من يأتي من بلاده بحجج الله وحده يعرف مدى صحتها من زيفها، فهذه البلاد ليست ملجأ للمجهولين ممن لا نعرف حقيقة هويتهم أو سيرتهم في بلدانهم لمجرد أنهم مسلمون! وتكفينا السنوات التي مضت وهم يسرحون ويرتعون وبعضهم يخربون، ونحن نعلم جيدا أن معدل الجرائم التي يرتكبها هؤلاء هي الأكبر، من ترويج مخدرات إلى دعارة إلى سرقات وغير ذلك، كونهم يدركون أنهم مجهولون وخارج النظام الإلكتروني وبالتالي يظنون أنهم خارج المحاسبة! وبغض النظر عن أهداف الحملة من توطين العمل وتنظيم مصالح العباد مواطنين ومقيمين؛ فهذه الحملة التصحيحية أمر ضروري، فوجود هؤلاء وتزايد أعدادهم في السنوات الأخيرة أمر مقلق وسبب من أهم أسباب خرق القوانين وتسيب الأنظمة، فهم باختصار قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة في ظل نموهم مقابل نسبة السكان من المواطنين، ولطالما كتبنا ننبه من خطر هؤلاء وتهديدهم وتهاون بعض المواطنين الذين تمثل لهم هذه الفئة أهمية كعمالة رخيصة! ولعلّ شغب الإثيوبيين دليل على خطورة ما كانت هذه البلاد تحتضنه في أرضها فمن يحب هذا البلد لا يخرب فيها ولا يرهب قلوب العباد، ماذا لو لم تبدأ هذه الحملة؟ ألا يمكن أن نجد هؤلاء يغزون يوما بيوتنا في وضح النهار! أخيرا؛ تطبيق القوانين والنظام ضروري، ولكن أنبه أن التعامل مع هؤلاء المخالفين يُترك للجهات الأمنية، أما المدنيون فدورهم يتوقف عند تقديم البلاغ فقط، ولا ننسى التعامل معهم بالإحسان والرفق لنترك ذكرى طيبـة عندهـم حين يغادورن. الوطن
مشاركة :