يتطلع منتخب تونس لكرة اليد إلى تعويض إخفاقاته الأخيرة في كأس العالم لكرة اليد والظهور بوجه مشرف، وذلك مع انطلاق مشاركته في النسخة السابعة والعشرين للبطولة التي تحتضنها مصر من الثالث عشر إلى الحادي والثلاثين من شهر يناير الجاري. تونس- حطت بعثة المنتخب التونسي الرحال بالقاهرة استعدادا لخوض أولى مبارياتها ضمن الدور الأول والتي تضعها وجها لوجه أمام منتخب بولندا الجمعة. وتلعب تونس مباريات الدور الأول ضمن المجموعة الثانية التي تضم أيضا إلى جانب بولندا كلا من البرازيل وإسبانيا حاملة لقب دورتي 2005 و2013. وستعتمد في تلك المواجهات على 20 لاعبا تتراوح أعمارهم بين 19 و39 عاما، ينشطون في البطولة المحلية وخارجها. ويعول المدرب على لاعبين مثل مصباح الصانعي (النادي الأفريقي) ومروان شويريف (ترامبلاي الفرنسي) وأمين بنور (دينامو بوخارست). وشهدت تحضيرات المنتخب التونسي الكثير من العوائق، فإلى جانب إصابة لاعبه أمين بالنور، محترف نادي دينامو بوخارست الروماني بفايروس كورونا وتأكد غيابه عن المسابقة، أعلن حارس المنتخب وقائده مكرم الميساوي، قبل أيام من انطلاق التحضيرات اعتزاله اللعب دوليا ما مثل ضربتين قاصمتين للمنتخب. ورغم العوائق التي واجهتها تونس خلال المرحلة الإعدادية، أبدى مدرب المنتخب سامي السعيدي تفاؤله بقدرة تونس على مقارعة المنتخبات الكبيرة في التظاهرة العالمية الأضخم في كرة اليد. وقال السعيدي “نملك مجموعة من اللاعبين الشبان الذين منحناهم الثقة كاملة لمقارعة المنتخبات الكبيرة في هذا المحفل العالمي الأضخم في كرة اليد. نحن راضون تماما عن تحضيرات المنتخب قبل أيام قليلة على انطلاق المنافسات وذلك بفضل الأجواء الإيجابية التي تشهدها المجموعة”. وتابع “نعول كثيرا على المباراة الأولى أمام بولندا الجمعة باعتبارها مفتاح التأهل إلى الدور الثاني، نعمل على الخروج بنتيجة إيجابية فيها قبل مواجهة البرازيل وهي لا تقل وزنا عن المباراة الأولى”. تعد كرة اليد اللعبة الشعبية الثانية في تونس بعد كرة القدم، وحققت منذ تأسيس الاتحاد التونسي للعبة مع استقلال البلاد في العام 1956، عشرة ألقاب أفريقية آخرها عام 2018 ووصلت إلى نهائي 2020، كما حققت أفضل ترتيب لها عالميا باحتلال المركز الرابع في مونديال 2005 على أرضها. ورغم أنها لم تتوج، تشارك تونس للمرة 14 تواليا في البطولة العالمية لكرة اليد، هذه المرة بقيادة جهاز فني تونسي خالص. هي ثمرة عمل منذ العام 1990 بحسب ما يقول مدرب الحراس رياض الصانع (55 عاما) الذي يعتبر أن “تونس تربعت على عرش أفريقيا”. ويشدد الصانع الذي يملك في رصيده 11 مشاركة في بطولة العالم كلاعب ومدرب، على أن كرة اليد تطورت “بتعدّد المنشآت الرياضية وأهمية الاستراتجية وسياسة الدولة تجاه هذه اللعبة، وكذلك من خلال إنشاء مراكز التكوين وتدعيم النوادي”. وبالفعل، فقد قامت السلطات ببناء مجمعات رياضية ووفرت قاعات لاختصاصات كرة اليد والسلة والطائرة. إثر المشاركة في كأس العالم في إيرلندا 1995، تميز اللاعبون التونسيون وأصبحوا لافتين، ما مكنهم من الحصول على عقود احتراف في دول أوروبية و”تم فتح آفاق جديدة للعبة في تونس وخصوصا مع بداية سنوات الألفين حين أصبح هناك محترفون في نوادي مثل برشلونة ومونبلييه”. ومن تلك الأندية التي ساهمت في تطور كرة اليد التونسية وتنتشر في مناطق عدة نذكر، المكنين وبني خيار والمهدية ومنزل تميم. وظهر لاعبون متميزون تمكنوا من الاحتراف في أندية أوروبية كبيرة، على غرار وسام حمام في مونبلييه الفرنسي عام 2005، ووائل جلوز في برشلونة الإسباني عام 2014. وعليه، يؤكد السعيدي الذي عيّن في أغسطس الماضي خلفا للإسباني طوني جيرونا أن “ثقافة كرة اليد متجذرة” في تلك المناطق. والسعيدي واحد من الذين انتقلوا من لعب كرة القدم إلى اليد “لأنه لم يكن هناك مدارس تحتضن الصغار للتدريب”، عكس ما هو عليه الحال الآن. ينشط في تونس حوالي 12.500 لاعب في رياضة كرة اليد في مختلف الدرجات، كما يحترف نحو 400 لاعب ولاعبة في بطولات عربية وأوروبية، ويدرب العديد من المدربين التونسيين في دول خليجية. منهم حارس المنتخب مروان مقايز (37 عاما)، الذي بدأ مشواره في الأحياء الشعبية بمدينة بني خيار (شرق)، و التي تعتبر معقلاً للعبة، ثم انتقل إلى العاصمة وخطى نحو الاحتراف. رغم أنها لم تتوج، تشارك تونس للمرة 14 تواليا في البطولة العالمية لكرة اليد، هذه المرة بقيادة جهاز فني تونسي خالص يؤكد مقايز قائلا “هناك تواصل وثيق بين الأجيال، وعملية التأطير تمر من هنا، لذلك نتحدث عن تقاليد كبيرة لكرة اليد في بلادنا”. ويضيف الحارس الذي شارك في ثماني بطولات عالمية “كنت أتابع منذ صغري، تألق رياض الصانع حارس المرمى في كأس أفريقيا 1994 واليوم أصبح مدربي في المنتخب”. وشارك منتخب “نسور قرطاج” أيضا أربع مرات في الألعاب الأولمبية، وضمن منذ العام 1995 مكاناً في البطولة الدولية مع قرار زيادة عدد الدول الأفريقية المشاركة في البطولة، باعتباره ضمن الفرق الثلاثة الأولى في أفريقيا. يدعو السعيدي إلى تشجيع الناشئة على حب هذه اللعبة والإقبال قائلاً “يجب استغلال التظاهرة (بطولة العالم) وبث المقابلات لاستقطاب الأطفال وتشجيعهم لممارسة اللعبة”.
مشاركة :