يسعى الرئيس الأمريكي المنتخب إلى تمكين الولايات المتحدة من الخروج من أسوأ أزمة عرفتها منذ ثلاثينيات القرن الماضي، عبر حزمة المساعدات الاقتصادية القادمة، التي من شأنها السماح لملايين الأمريكيين بتخطي عقباتهم المالية الراهنة. ووفقا لـ"الألمانية"، وعد الرئيس الأمريكي المنتخب بالتحرك سريعا فور تسلم مهامه في البيت الأبيض في 20 كانون الثاني (يناير) الحالي، وإنفاق آلاف مليارات الدولارات لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي سببتها الجائحة. وسيعطي بايدن الأولية لتسريع وتيرة التلقيح على ما قال الأسبوع الماضي خلال مؤتمر صحافي في معقله ويلمينجتون في ولاية ديلاوير. ويجمع خبراء الاقتصاد على أن وتيرة الانتعاش الاقتصادي ستكون رهنا بوتيرة تلقيح السكان ضد فيروس كورونا المستجد. لكن ينبغي انتظار عدة أشهر لكي تستعيد المطاعم والفنادق وشركات الطيران نشاطا مقبولا، وفي انتظار ذلك سيحتاج الاقتصاد إلى مساندة إضافية. وأكد بايدن أنه من الضروري تخصيص الأموال الآن، متحدثا عن خطة إنقاذ شاملة. ومن شأن هذه المساعدات الكبيرة تجنب أن تغذي الأزمة نفسها مع استمرار الفيروس في تقليص نشاط الشركات الصغيرة التي تقوم تاليا بصرف موظفين، ما يحد من قدرة المواطن الشرائية فينعكس على الاستهلاك ونشاط الشركات. وبقي معدل البطالة مستقرا في كانون الأول (ديسمبر) عند نسبة 6.7 في المائة، لكنها المرة الأولى التي لم يشهد فيها الوضع تحسنا منذ أيار (مايو). والأسوأ من ذلك هو خسارة 140 ألف وظيفة خلال الشهر الأخير من عام 2020 ما يعني أن كثيرا من العاطلين عن العمل توقفوا عن البحث عن فرصة جديدة ولم يتم إحصاؤهم. ويتقاضى نحو 20 مليون أمريكي مساعدة بطالة أو تعويضا عن خسارة المدخول في كل برامج المساعدة المتوافرة. وأقرت الولايات المتحدة خطة مساعدات جديدة نهاية كانون الأول (ديسمبر) بقيمة 900 مليار دولار، ورأى بايدن أن الخطة غير كافية وأكد مرارا أنها مجرد سلفة، مؤكدا الحاجة إلى مساعدة مباشرة للعائلات والشركات الصغيرة. وكان الأمريكيون تلقوا مطلع كانون الثاني (يناير) 600 دولار للشخص، وقد يحصلون على شيك جديد لا تعرف قيمته حتى الآن، وكان بايدن أعرب عن تأييده مرات عدة لمبلغ ألفي دولار قبل إقرار خطة التحفيز الأخيرة. ويرى بايدن أن "عشرات مليارات الدولارات" ضرورية للسماح للسلطات المحلية والوطنية بالمحافظة على عمل المدرسين وعناصر الشرطة والإطفاء والعاملين في مجال الصحة العامة. وأكد الرئيس الديمقراطي المنتخب أن ثمة حاجة إلى أموال أيضا للسماح للمدارس بإعادة فتح أبوابها. ويسعى بايدن إلى زيادة الحد الأدنى الفيدرالي للأجور ليصل إلى 15 دولارا، أي ضعف مستواه الحالي "7.25 دولار"، إذ قال "أكرر منذ فترة طويلة أنه تنبغي مكافأة العمل وليس الثروات في هذه الدولة". وكان قد أشار في حملته الانتخابية إلى نيته فرض ضرائب إضافية على الشركات الكبرى في البلاد والأفراد الذين يزيد دخلهم السنوي على 400 ألف دولار، إلا أن إقرار الإجراءات التي يسعى إليها بايدن رهن بالكونجرس، حيث سيتمتع الديمقراطيون بأغلبية صغيرة ولا سيما في مجلس الشيوخ، الأمر الذي يعني أن الرئيس لا يمكنه تحمل أي انشقاق في معسكره. وسيعود إلى جانيت يلين التي ستصبح وزيرة للخزانة تولي المفاوضات مع أعضاء البرلمان باسم الحكومة. وستمثل يلين الثلاثاء المقبل أمام مجلس الشيوخ الذي سيبت بعد ذلك في مسألة تعيينها. وفي حال اعتماد خطة التحفيز الجديدة هذه، قد تؤدي إلى تجاوزات جديدة في المالية العامة التي كانت تعاني عجزا قياسيا بين شهري تشرين الأول (أكتوبر) وكانون الأول (ديسمبر). وأسهمت خطة أولى أقرت في غضون أسبوعين نهاية آذار (مارس) عندما لجمت جائحة كوفيد - 19 النشاط الاقتصادي بشكل مفاجئ، في رفع النفقات العامة. وبلغت قيمة هذه الخطة 2200 مليار دولار وهي أكبر خطة تحفيز اقتصادي في الولايات المتحدة وشملت مساعدات للعاطلين عن العمل وقروضا للشركات الصغيرة وشيكات مباشرة للأسر الأمريكية. من جهة أخرى، حذرت هيئة تنظيم النقل الجوي الأمريكي من أنها ستفرض غرامات تصل إلى 35 ألف دولار على أي راكب يتسبب في مشكلات بعد حوادث وقعت في طائرات في الأيام التي تلت اقتحام أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب الكونجرس. يأتي هذا التحذير الصادر عن "إدارة الطيران الفيدرالية" قبل أيام من تنصيب الديمقراطي جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة في 20 كانون الثاني (يناير). وتلجأ إدارة الطيران الفيدرالية عادة إلى مجموعة من العقوبات بدءا بتحذير بسيط وصولا إلى الغرامات. لكن الوكالة حذرت مساء الأربعاء من أنها لن تمر بعد الآن بمرحلة الإنذارات، وأنها "ستتخذ إجراءات قانونية ضد أي راكب يهاجم أو يهدد أو يرهب أو يتدخل مع أفراد الطاقم". ويواجه الشخص المعني عقوبات يمكن أن تصل إلى 35 ألف دولار وعقوبات سجن، وسيتم تنفيذ هذا النهج الجديد حتى نهاية آذار (مارس). وقالت الوكالة في بيان "لاحظت إدارة الطيران الفيدرالية زيادة مقلقة في الحوادث، يعطل جراءها ركاب الخطوط الجوية رحلات بسلوك يتضمن تهديدا أو عنفا". وعلى سبيل المثال، أشارت شركة "ألاسكا إيرلاينز" إلى أنه في 7 كانون الثاني (يناير) رفض عديد من الركاب على متن رحلة جوية بين واشنطن وسياتل وضع الكمامات وكانوا مشاكسين، وقاموا بمضايقة أفراد الطاقم. ووفقا لـ"الفرنسية"، قال ناطق باسم الشركة "إن سلوكهم كان غير مقبول"، ومنعت الشركة بالتالي 14 راكبا من الاستعانة بخدماتها في المستقبل. من جهته، أفاد رئيس شركة دلتا أمس، بأن شركته لن تسمح للمسافرين المتجهين إلى واشنطن بين عطلة نهاية الأسبوع و20 كانون الثاني (يناير)، يوم تنصيب بايدن رئيسا، بالسفر وبحوزتهم أسلحة نارية. وقال إد باستيان الرئيس التنفيذي للشركة لشبكة "سي إن بي سي"، "نحن في حالة تأهب قصوى بسبب الأحداث التي جرت في الأسبوعين الماضيين في واشنطن". وعلى غرار المتاجر التي تحصنت ووضعت كتلا أسمنتية في العاصمة الفيدرالية واشنطن، تتخذ الشركات إجراءات لمواجهة أي أعمال عنف محتملة. وأعلن موقع "إيربي أن بي" لحجوزات الشقق إلغاء الحجوزات وتجميدها على منصته في واشنطن خلال أسبوع تنصيب بايدن.
مشاركة :