الغضا من أشهر النباتات الصحراوية التي انتشرت قديماً، وحديثاً، في صحراء المملكة، ودول الخليج العربي، والشام، والعراق، والأردن، ويستخدمها الإنسان في الطبخ والطهي والتدفئة، وللأسف فإن هذه الشجرة الطيبة تكاد تنقرض من صحراء المملكة، والجهود المبذولة ما زالت دون المستوى المطلوب، إلا أنه في محافظة عنيزة اهتم المسؤولون بالمحافظة على هذه الثروة الجميلة، وقاموا بحفظها، ومنع الاحتطاب الجائر منها، وقد نمت بكثرة كما هو مشاهد بالصور بحمد الله. وذلك بسبب اهتمام بلدية محافظة عنيزة والجهات الأخرى ذات العلاقة بوضع أنظمة مشددة لحماية الشجرة التي تغنى بها الشعراء العرب في أبياتهم. وبالفعل استطاعت محافظة عنيزة استزراع شجرة الغضا لتكون أكبر محمية لشجرة الغضا في العالم. حيث أشارت الإحصاءات إلى أن شجرة الغضا أصبحت في النفوذ تتواجد وبكثرة بعد أن شارفت على الانقراض، وذلك من خلال الجهود المبذولة لحماية ذلك النوع الفريد من الأشجار، كما تقوم محافظة عنيزة سنوياً بإقامة كرنفال لشجرة الغضا. وشجرة الغضا كما نعرف تنتشر في مناطق الكثبان الرملية في كل مكان، لصحراء النفوذ والربع الخالي والدهنا ونفوذ الثويرات بمحافظة الزلفي وغيرها كثير. وللغضا فوائد كثيرة جداً حيث يستخدم ورقه لدباغة الجلود والذي يستخرج منه ما يسمى بالوفل الذي يستخدم للأطفال المواليد، كما يستخدم ورقه علاجًا لبعض الأمراض، ويصنع من خشبه بعض الأثاث، ويوضع ويستنبت على الطرق الصحراوية، للتصدي للرياح والرمال، حيث إنه يصبر على تقلبات الجو وعدم وجود الماء، كما يشكل غذاءً جيدًا للكثير من الحيوانات الصحراوية البرية.. ولهذا ولأهمية الغضا لدى سكان محافظة عنيزة وحبهم له والاهتمام به فقد نظم مشاة عنيزة (هايكنج)، وهو السير بالهواء الطلق أو الأودية أو صعود الجبال أو ما شابه ذلك.. وقد تم التنظيم لهذا (الهايكنج) ودعوة عدد كبير من مشاة وهايكنج مدن ومحافظات المملكة، الذين حضروا وشاركوا بهذه الفعالية الجميلة، من مدن بريدة وحائل والرياض والخبر والمدينة المنورة وجدة ومكة المكرمة ومن محافظات الزلفي وحفر الباطن والبكيرية والبدائع والرس والشيحية ومدن ومحافظات أخرى لم تسعفني الذاكرة بذكرها الآن. كان بداية هذا الهايكنج الحضور والتجمع في عصر يوم الجمعة الموافق 5-4-1442هـ، وكذلك المبيت في متنزه عنيزة الوطني الذي أسهم مشكوراً بهذه الفعالية الجميلة ليكون مقراً للمشاركين، بدأ المشاركون يتوافدون على المقر من عصر الجمعة كما ذكرت، وكان في الاستقبال رئيس وأعضاء مشاة عنيزة ومسؤول متنزه عنيزة الوطني الذين رحبوا بالضيوف ترحيباً ينم عن معدن طيب، وأخلاق كريمة، لا أستطيع وصفها حيث غمروا الضيوف كافة بالاستقبال الجيد، والترحاب الأجود، والاحترام الكامل وبتواضع وأدب عال، مما أضفى على هذا التجمع المبارك الفرح والسرور، وقدم المضيفون للضيوف خدمات كثيرة تنم عن كرمهم وطيب أخلاقهم حيث وفروا القهوة والشاي والماء والفواكه، وبعد أداء صلاة المغرب أُقيمت ندوة جميلة تحدث فيها مسؤول متنزه عنيزة الوطني عن المتنزه وتاريخه وخططه وأهدافه مع عرض للصور التي تحكي واقع هذا المتنزه، ثم بعد ذلك أقيمت ندوة مصغرة تحدث فيها عدد من الحاضرين عن بعض تجاربهم في المشي وفوائده والتقطت أثناء ذلك الصور التذكارية، الجميلة، ثم أديت صلاة العشاء وبعدها قُدِّم طعام العشاء الفخم، والمنوع، ودعي الجميع إليه بأدب وترحيب واحترام، وبعد ذلك تركت الحرية لمن أراد الجلوس وتناول الفاكهة أو الشاي أو الحديث، أو النوم، حيث أعدت صالات لذلك، كما سمح لمن أراد النوم في المتنزه في الأماكن الجميلة المعدة مسبقاً، لرواد المتنزه للجلوس بها في خصوصية تامة، وعند آذان الفجر نهض الجميع وأدوا الصلاة، ومن ثم قُدِّمت القهوة وبعدها الإفطار الفخم المنوع، وبعد الانتهاء شرع الجميع في الاستعداد للشروع في فعالية الهايكنج وكان ذلك في يوم السبت الموافق 6-4-1442هـ، واجتمع المشاركون أمام بوابة المتنزه في تمام الساعة السابعة حيث انطلقوا وبدؤوا فاعليتهم في هايكنج الغضا، حيث المشي داخل النفود وين أشجار الغضا لمدة (16) كم واستمر المشاركون بالمشي وهم يرددون الشكر والتقدير لمشاة عنيزة الذين أتاحوا لهم فرصة هذا التجمع الكبير الذي استفادوا منه فوائد عدة، منها الصحية، والنفسية، والرياضية، والثقافية، والتعليمية، والاجتماعية. استمر المشاركون بالمشي بالرغم من رداءة الجو في هذا اليوم -بحمد الله- حيث كان الهواء الشديد المحمل بالتراب هو المسيطر في ذلك اليوم لكن بتوفيق الله وهمة هؤلاء المشاركين وترحيب وكرم مشاة عنيزة، استطاع الجميع -بحمد الله- إنهاء المسافة حسب الوقت المقرر وهو الحادية عشرة والنصف، وبعد الوصول إلى مكان البداية ذهب الجميع إلى المتنزه الوطني للمشاركة في استزراع بعض الأشجار في مرحلته الرابعة، مساهمة من مشاة عنيزة وضيوفهم في ذلك، وبعد الانتهاء عاد الجميع إلى مقر إقامتهم وأدوا صلاة الظهر وبعدها استراحوا قليلاً ثم ذهبوا إلى مخيم السلوم الجميل، الذي يقع بين أشجار الغضا، وبعد الوصول إليه كان في استقبال الجميع صاحب المخيم أبو سليمان صاحب الابتسامة الأنيقة الجميلة التي تنم عن فرح وكرم لضيوفه، وبعد انتهاء توافد الجميع قدمت القهوة ومن ثم دُعِي الجميع لتناول طعام الغداء في السرادق الفخم، وكان الغداء منوعاً ولذيذاً بحق، وزاد في ذلك الترحيب المستمر والابتسامة الجميلة من أبي سليمان أدامها الله عليه ومنحه الصحة والعافية، وبعد انتهاء الغداء تجمع المشاركون في سرادق آخر فخم، لتوزيع الشهادات والتكريم من قبل محافظ عنيزة الكريم الذي حضر رغم معرفتنا بوجود ارتباطات لديه لكن لأهمية هذا التجمع وهذا النشاط أصر -جزاه الله خيراً- على الحضور والسلام وتقديم كلمة ترحيبية بالجميع وشكر مشاة عنيزة على هذا التنظيم الرائع، ثم قدم الشهادات للمشاركين وغادر المكان بعد أن طلب من مشاة عنيزة تنظيم فعاليات مشابهة يعود نفعها على الوطن والمجتمع وأفراده بفوائد كثيرة. ثم ودع المشاركون بعضهم بعضًا وأعضاء مشاة عنيزة والجميع يلهجون بالدعاء لمن أتاح لهم فرصة هذا الاجتماع، حيث التنظيم الرائع، والاستقبال الجميل، والكرم الأصيل، والحفاوة الزائدة، وتهيئة المكان المريح، والحصول على فوائد كثيرة من هذا الاجتماع الطيب. وفق الله مشاة عنيزة وشكر الله سعيهم وهنيئاً لمحافظة عنيزة بمثل هذا المحافظ، أخلاق وخبرة وعمل دؤوب وتشجيع ومتابعة ومشاركة، له مني شخصيًا التقدير والاحترام والدعاء له بالتوفيق ليقود هذه السفينة في عنيزة إلى بر الأمان بتوجيهات صاحب السمو الملكي أمير منطقة القصيم الأمير فيصل بن مشعل بن عبد العزيز - حفظه الله. وفي الختام أستميح من الجميع العذر لركاكة الأسلوب أو نسيان أحد.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشاركة :