ترى الشاعرة السعودية شقراء المدخلي أن الشاعر الحقيقي هو القادر على الإمساك بالعصا من المنتصف، وتطويع القصيدة وليس العكس. وتعد الشاعرة والناشطة الاجتماعية شقراء محمد مدخلي من أبرز وأعذب الأصوات الشعرية النسائية بالمملكة، تشف قصائدها الزاخرة بالمضامين العميقة عن تمكنها من أدواتها الفنية، إضافة لصدق العاطفة، وشفافية، ورقة الصور والأخيلة الشعرية المبتكرة والمكثفة. والمدخلي حاصلة على درجة البكالوريوس في اللغة العربية، ولها نشاط أدبي لافت يتمثل في صالون شقراء المدخلي الثقافي، كما أنها عضو مجلس إدارة النادي الأدبي بجازان سابقاً، وعضو منتسب بمركز الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الاجتماعي. شاركت في إحياء الكثير من الندوات والأمسيات الثقافية والأدبية، وكتبت العديد من الأوبريتات الغنائية الوطنية. كما توجت مسيرتها بعدد من الجوائز والشهادات التقديرية. صدر لها ديوان شعري بعنوان «أكاد أراني»، عن نادي الرياض الأدبي. التقتها اليمامة في الحوار أدناه حول تجربتها الشعرية وقضايا ذات صلة: *يقول درويش: لا نصيحة في الشعر، لكنها الموهبة، فمتى وكيف أفصحت موهبتك عن نفسها ؟ * هل يذكر المجنون أول مرة فقد فيها عقله؟ * أم هل يذكر العاشق أول قشعريرة حب مسته؟ - ما أعلمه أن شقراء بدأت البكاء المدوزن مذ كانت رضيعة في المهد حيث تحتم عليها أن تبكي بذات النسق الذي ترتل فيه أمها تهويداتها لتنام حتى إذا كبرت وبدأت الركض كانت خطواتها إيقاعاً كإيقاعات بحور الشعر الخمسة عشر فلما اكتملت و استوت وجعاً كانت أول تناهيدها قصيدة تامة في السادسة عشرة من العمر .. *ما أهم الروافد التي أسهمت في التشكل الوجداني والمعرفي لك كشاعرة؟ - أغاني الجدات ، صوت فاطمة وهي تردد : «أنا ناشرة أعلف و انته يا الحبيب كلف ...» زهراء _رحمها الله _خالتي الفاتنة التي موسقت الصبا وعلمتني أبجدية الكحل والنشيد. أهازيج قطف الخضير و هدير مواطير الماء في الحقول، طفولة بيضاء ومواسم كالعطر انسربت من بين أصابع الحناء. جميع ما حولي ينبض بالغناء فكيف لا أغني و كيف لا تضج قصائدي برعشات الفل و شهقات المطر ناهيك عما تشربته منذ الصغر من أحاديث المجنون، وقصائد كثير عزة، والراعي النميري، وعروة بن الورد، وغيرها مما تضج به الذاكرة العربية وما لقنتني إياه كتب التاريخ و الأدب. *أيهما قادك نحو الآخر، الشعر، أم دراسة اللغة العربية؟ - عشقي العربية أهداني الشعر وجنوني الشعري علمني العربية هذا على المستوى الشخصي أما أكاديمياً فلم أدرس العربية إلا في وقت متأخر جداً ولم تكن أكثر من إضافات ورقية، لأن العلاقة بيننا أقدم و أشهى وهي جميلة كما أظن خارج الأقواس . *كيف ترين واقع النقد في السعودية، والموجه الى أعمالك الشعرية خاصة ؟ *سأكذب إن قلت أني مطلعة كفاية على واقع الحركة النقدية في المملكة فأنا أكتفي بقراءة بعض الكتب والمقالات النقدية وسيكون من الإجحاف الحكم دون بحث. ولكن من خلال اطلاعي البسيط أستطيع القول أننا بحاجة للمزيد في هذا الجانب، فالساحة تعج بالكثير من الأعمال الأدبية التي تعد مجالاً واسعاً للدراسة والبحث، ولكن كمية التعاطي معها قليلة جداً أو معدومة ومن ضمن ذلك ديواني الشعري فلا أظن أنه حظي بشيء من الدراسة ولم تصلني سوى بعض القراءات المتخصصة .. *إلى أي مدى نجحت الشاعرة السعودية في تجاوز الهم الذاتي في كتاباتها إلى الهم العام؟ - الشاعر إنسان في المقام الأول رجلاً كان أم امرأة والشاعرة السعودية ليست استثناءً في ذلك فهي إنسانة أولاً وشاعرة ثانية ولطالما أدركت ذلك وبرعت فيه والشواهد كثيرة فالساحة تعج بالأصوات النسائية المعنية بقضايا المجتمع والأمة . *هل تؤيدين أن الشكل التقليدي للقصيدة العربية هو العائق أمام تجديد المضمون الشعري؟ - هذا السؤال يعيدنا لإشكالية الشكل الشعري التي شغلت الكثيرين ممن وقفوا على طرفي النقيض بين مؤيد ومعارض. وفي عقيدتي الشعرية أن الشاعر الحقيقي هو القادر على الإمساك بالعصا من المنتصف كما يقال و وحده القادر على تطويع القصيدة وليس العكس والواقع يعج بأسماء شعرية مبدعة استطاعت خلق التوازن بين الرأيين وكتابة القصيدة الحديثة المتحررة في قالب كلاسيكي بديع. *إذا كان ثمة انعطاف حاد في حياة شقراء المدخلي كشاعرة .. فما هو ؟ - حياتي مليئة بالمنعطفات الحادة والخطيرة التي لا يوجد بها لوحة تحذير واحدة! *صالون «شقراء المدخلي»، ما رؤيته، وأبرز نشاطاته ؟ - يهدف الصالون بشكل أساسي لخلق بيئة أدبية مجتمعية تفاعلية تعنى بالمواهب الشابة وتتيح للجميع عرض ومناقشة تجاربهم الكتابية ومبادراتهم المجتمعية. وقد تضمنت فعالياته السابقة أمسيات ومسابقات شعرية وفنية ومعرض تشكيلي، وبعض القراءات النقدية التي قدمتها أكاديميات متخصصات في الأدب والنقد، وأتمنى أن يحظى الصالون في القادم بمزيد من الدعم من الأسماء النسائية البارزة داخل و خارج جازان ليتمكن من مواصلة نشاطه بذات البريق ..
مشاركة :