بيروت ـ أ ف ب: شهد وسط بيروت مساء أمس تظاهرة حاشدة دعا إليها المجتمع المدني في إطار سلسلة تحركات متواصلة منذ أسابيع بدأت احتجاجا على أزمة النفايات وتطورت إلى تنديد بالفساد ومطالبة بتغيير الطبقة الحاكمة. وفي ظاهرة نادرة في بلد متعدد الانتماءات السياسية والطائفية، جمع منظمو التحرك المنتمون إلى مجموعات مختلفة ناشطة في المجتمع المدني على وضع التظاهرة في خانة رفض جميع السياسيين والأحزاب، في وقت تعبر شريحة واسعة من اللبنانيين عن شعور واضح باليأس إزاء عجز السياسيين عن إيجاد حلول لكل الأزمات الحياتية، من النفايات مرورا بالكهرباء والمياه والرواتب وفرص العمل وغيرها. وقال لوسيان أبو رجيلي، أحد منظمي التجمع في ساحة الشهداء في وسط العاصمة، "نحن ضد الطبقة السياسية كلها. ليست تظاهرة حزبية. هي مطلبية لكل شعب لبنان، لكل الأحزاب" . وبدأ حراك المجتمع المدني في نهاية يوليو بعد أن غزت النفايات شوارع بيروت ومناطق أخرى في أزمة نتجت عن إقفال مطمر رئيسي للنفايات جنوب العاصمة بسبب رفض الأهالي المقيمين في محيطه له، وعن انتهاء عقد شركة "سوكلين" المكلفة جمع النفايات من دون التوصل إلى إبرام عقد جديد. ومنذ ذلك الحين، يتم جمع النفايات بشكل متقطع وترمى في أماكن عشوائية، مثل مساحة أرض ملاصقة لمرفأ بيروت وتحت الجسور وفي أراض مهجورة، من دون معالجة وفي شروط تفتقر إلى أدنى معايير السلامة الصحية. ولم تتوصل الحكومة إلى حل للأزمة بسبب انقسام السياسيين، وسط تقارير عن تمسك العديد منهم بالحصول على حصص وأرباح من أي عقود مستقبلية. وقال أستاذ علوم الاقتصاد في الجامعة الأمريكية في بيروت جاد شعبان إن تظاهرة أمس "أكبر تظاهرة من نوعها" . وتابع "أعتقد أن الحشد الشعبي الذي رأيناه مختلف عن غيره. إنه غير مسيس. لم نر مثل هذا التحرك من قبل" . وأضاف إن الحراك "يجمع كل الناس الذين قرفوا من السياسيين" . وتابع شعبان "هذه الحكومة ساقطة، مجلس النواب غير شرعي. الحكومة التي شكلت على أساس إنها حكومة وحدة وطنية لم تقم بشيء" . وجاءت أزمة النفايات لتضاف إلى الأزمة السياسية الناتجة عن شغور في موقع رئاسة الجمهورية منذ مايو 2014 بسبب انقسام المجلس النيابي الذي يفترض أن ينتخب الرئيس وعجزه عن تأمين نصاب أو أكثرية الثلثين المطلوبة لإنجاز الانتخاب. وانتشرت الشعارات المؤيدة للحراك المدني على مواقع التواصل الاجتماعي. وعقد اجتماع أمني صباح أمس في مقر وزارة الداخلية أعلن بعده "إنشاء غرفة مشتركة بين الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي" بهدف اتخاذ كل التدابير اللازمة لحفظ الأمن" خلال تظاهرة الأمس، مشددا في الوقت نفسه على احترام حرية التعبير. وذكر أسعد ذبيان، أحد منظمي الحملة، أن "هناك 500 متطوع بين المتظاهرين سينسقون مع قوى الأمن وسيحرصون على عدم حصول أعمال مخلة بالأمن" . وكان منظمو حملة "طلعت ريحتكم" حددوا الجمعة أهدافهم من تظاهرة الأمس بـ "محاسبة جميع من أمر وأطلق النيران على المتظاهرين العزل، واستقالة وزير البيئة محمد المشنوق لفشله في تفادي مشكلة النفايات، وإجراء انتخابات نيابية" . ودعا ذبيان "الذين لا يزالون في منازلهم ألا يترددوا في النزول إلى الشارع" ، قائلا "هذا بلدكم، هذه أرضكم، كلنا محرومون من الكهرباء والماء. انزلوا من أجلكم، من أجل أولادكم، من أجل بلدكم" . كما شارك عدد كبير من الفنانين اللبنانيين في التحرك.
مشاركة :