أبناء جهاديين فرنسيين في سوريا يواجهون خطر نسيانهم بعد تمضيتهم سنوات في مخيمات

  • 1/16/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يمضي ابن شقيقة مريم البالغ خمسة أعوام شتاءه الثالث في مخيم روج في شمال شرق سوريا، مثل حوالى مئتي فتى وفتاة فرنسيين محتجزين في هذا المخيم في ظروف صحية كارثية منذ سقوط تنظيم الدولة الاسلامية. استعادت فرنسا سبعة أطفال متحدرين من مقاتلين في التنظيم هذا الأسبوع. إلا أن وضع الذين لا يزالون في سوريا، يثير قلق عائلاتهم في فرنسا التي تواجه صعوبات للحفاظ على التواصل معهم. وتقول مريم (اسم مستعار) "لدينا فعلاً شعور بأنه يتم القيام بكل شيء كي ينسى هؤلاء الأطفال عائلاتهم وكي يصبحوا لا يعرفونها". وتضيف "حتى العلاقة السرية الضعيفة التي أقمتها مع ابن شقيقتي تزول". في المخيمات، أصبح الوصول إلى الهاتف نادراً جداً. في السابق، كان بامكان الأمهات المحتجزات الحصول على هواتف محمولة لإرسال صور ورسائل. لكن حالياً، أصبحن مرغمات على اللجوء إلى هاتف المخيم الذي يخضع لرقابة الحراس الأكراد. ويقول ألبر "لم أتلقَ أخبارا عن ابنتي من حزيران/يونيو إلى أيلول/سبتمبر". قبل عيد الميلاد، اضطر هذا الوالد لامرأة محتجزة والجدّ الى الاكتفاء "برسالة صوتية لا تتجاوز دقيقة بمعدّل مرة كل 15 يوماً". وتعيش باسكال ديكان الوضع نفسه وهي تتلقى رسائل "مرة كل أسبوع" من ابنتها البالغة 32 عاماً التي تعاني بحسب أقربائها، ورما في القولون، وأحفادها الأربعة الذين تراوح أعمارهم بين عامين و11 عاماً. - "ظروف غير إنسانية" - تقول مريم إن قلق العائلات بحجم "الصدمات التي تتعمق أكثر فأكثر" لدى عدد كبير من الأطفال. وتشير اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تقدم المساعدات في مخيمي الهول وروج، إلى أن الأطفال الأكبر سناً تعرضوا لعنف شديد عندما كان أهلهم يقاتلون في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية. ومذاك، يعاني كثرٌ منهم سوء تغذية - 13% منهم دون خمسة أعوام في مخيم الهول - أو أمراضا شديدة في الجهاز التنفسي في الشتاء. وأكدت لجنة حقوق الطفل في الأمم المتحدة في إشعار نُشر في تشرين الثاني/نوفمبر، أن هؤلاء الأطفال المحتجزين في "ظروف صحية غير إنسانية" و"المعزولين في خيم" حيث يفتقرون إلى مواد غذائية "أساسية"، معرضون لخطر "فوري". وتحدثت اللجنة عن "مخاطر أضرار لا يمكن إصلاحها، في حياتهم واندماجهم الجسدي والعقلي ونموّهم". واكدت الأمم المتحدة أن لدى فرنسا "القدرة والصلاحية لحماية حقوق هؤلاء الأطفال، عبر إعادتهم أو عبر اتخاذ تدابير أخرى" لحمايتهم. إلا أن باريس لم تستعد منذ آذار/مارس 2019 سوى 35 طفلاً، هم أيتام أو وافقت أمهاتهم على الانفصال عنهم. في هذا السياق، تُطرح هنا مسألة الحفاظ على الروابط بالنسبة للفرنسيات النادرات اللواتي وافقن على ترك أطفالهنّ يغادرون. وتؤكد مريم أن "في البداية" كانت الأمهات "يتلقين أخباراً عن أطفالهنّ الذين بدورهم يتلقون أخباراً عن أمهاتهم. كانوا يتمكنون حتى من تبادل رسائل صوتية ومقاطع فيديو". - "ضغينة وريبة" - لكن أحد أقاليم منطقة إيل-دو-فرانس على الأقل قرر وقف هذه المحادثات، بحسب العائلات. وتروي مريم "قرروا أن التواصل بات يجب أن يمرّ عبر الصليب الأحمر". وتضيف "أختي وابن أختي موجودان في المخيم منذ عامين... ولم ينجح الصليب الأحمر بعد في إقامة هذه الصلة. يا لها من طريقة قبيحة لقطع الرابط بين هؤلاء الأطفال وأمهاتهم". وقامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تشرين الأول/أكتوبر بعملية "جمع رسائل" في مخيم روج من آلاف النساء المحتجزات من كافة الجنسيات، بحسب متحدثة باسم اللجنة لوسيل ماربو. وأوضحت ماربو "أننا نقدم هذه الخدمة لأولئك الذين ليس لديهم بديل آخر". وتقول مريم "تخيلوا أن طفلاً لم يعرف سوى والدته خلال سنوات من المعاناة وفي ليلة وضحاها لم يعد يعرف عنها أي خبر. لا يعرف حتى ما إذا كانت على قيد الحياة أم لا". وتسأل "كيف يمكن لهذا الطفل أن يعيد بناء نفسه بشكل طبيعي من دون صدمات وضغينة وريبة". ويوضح أقرباء محتجزات ومحامون أن الأمهات بتن أقلّ ميلاً للانفصال عن أطفالهنّ، إذ إنهنّ مقتنعات بأنهنّ سيفقدنهم. وخلال عملية استعادة عدد من الأطفال هذا الأسبوع، تراجع بعضهنّ في اللحظة الأخيرة عن الانفصال عن أطفالهنّ كما حصل في حزيران/يونيو الماضي. - "غثيان" - تقول المحامية ماري دوزيه "فرنسا تتفاخر بسلخ سبعة أطفال من أحضان أمهاتهم وبفصل أشقاء بعضهم عن بعض، تاركةً خلفها مئتي طفل معرضين لخطر الموت. يا للعار!". في كانون الأول/ديسمبر، حاولت هذه المحامية التي تدافع عن عدة فرنسيات محتجزات، التوجه إلى مخيم روج مع زميلها لودوفيك ريفيير إلا أنها تراجعت عن الأمر بعد أن تمّت عرقلتها على الحدود. وتضيف دوزيه "ينبغي على بعض الأطفال الذين عادوا إلى فرنسا أن يعيشوا يومياً مع صورة أمهاتهم وأشقائهم وشقيقاتهم الصغار الذين يعانون تحت الخيمة التي كانوا يتشاركونها معهم. بعضهم لم يعد لديهم أي خبر عن أمهاتهم وإخوتهم الذين ظلوا في المخيم ويجهلون حتى ما إذا كانوا لا يزالون على قيد الحياة". وتعتبر أن "عمليات الاستعادة البطيئة هذه تثير الغثيان". وحاولت وكالة فرانس برس التواصل مع وزارة الخارجية الفرنسية وإقليم إيفلين نقطة وصول الأطفال من سوريا الذين يحطون في قاعدة فيلاكوبلاي، إلا أنهما لم يرغبا في التعليق. وتنتهج الخارجية الفرنسية منذ سنوات سياسة إعادة أطفال عبر النظر في كل حالة على حدة وتعتبر أن البالغين يجب أن يخضعوا للمحاكمة في مكان وجودهم. في شباط/فبراير 2020، وافقت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للمرة الأولى على النظر في دعوى مرفوعة ضد فرنسا بسبب رفضها إعادة أبناء جهاديين. ويُرتقب صدور قرار المحكمة هذا العام. ويحذّر المحامي إيمانويل داود وهو وكيل الدفاع عن نساء عديدات، من أن "ترك المواطنين الفرنسيين الجهاديين وأطفالهم في سوريا يمكن أن يؤدي إلى استعادتهم من جانب الجهاديين في المنطقة أو فرارهم بهدف احياء صفوف" تنظيم الدولة الإسلامية. كبو-ايدي/أم/ب ق

مشاركة :