بينما أفلح الوباء في تعطيل عجلة الصفقات، إلا أن الصفقات الكبيرة منها عادت بقوة خلال الأشهر القليلة الماضية، ما أدى لتسجيل عمليات الدمج والاستحواذ لرقم قياسي ناهز 3.6 تريليون دولار خلال النصف الثاني من عام 2020. ومع أنها تقل بنحو 5 %، عما تم تسجيله في 2019، لكنها تشكل تعافياً واضحاً، بالمقارنة مع النصف الأول، عندما أوقف انتشار فيروس كورونا، نشاط القطاع تماماً. وأبرمت الشركات، ما يزيد على 2.3 تريليون دولار من الصفقات منذ بداية شهر يوليو الماضي، بزيادة قدرها 88 %، بالمقارنة مع النصف الأول. كما تجاوزت النشاطات خلال الفصلين الثالث والرابع من العام الماضي، نحو تريليون دولار، مسجلة رقماً لم يحدث غير مرة واحدة منذ عام 1988، عندما تجاوز عقد الصفقات هذا الرقم خلال فصلين متعاقبين، بحسب «فاينانشيال تايمز». ويقول بيرس بريكارد، الشريك في مؤسسة فريشفيلدز القانونية: «كغيرنا من الشركات، شهدنا سنة من نصفين، حيث تأثر النصف الأول بشدة من التهديدات الأولية للفيروس، ومن ثم بانتشاره ثم عدم اليقين الذي صاحب ذلك. ومنذ بداية الربع الثالث، شهد القطاع مستوى من الثقة يشير لرغبة المستثمرين في عقد الصفقات». وبصرف النظر عما أحدثه الوباء من دمار، وعدم توقع مديري القطاع لتنفيذ أي صفقات خلال هذه السنة، نجحت شركة سيلزفورس الأميركية للبرمجيات، في الاستحواذ على تطبيق الدردشة سلاك، مقابل 27.7 مليار دولار. ويؤكد القائمون على عقد الصفقات، تحسن النشاط خلال النصف الثاني من العام الجاري، بفضل الأنباء التي تُعد بمعالجة التطعيمات للوباء. ويرى أنو أينغار، مدير العمليات الدولية للدمج والاستحواذ في «جي بي مورجان»، أنه وباستثناء وباء «كورونا»، يعتبر المناخ مواتياً للغاية لإبرام الصفقات، حيث ارتفعت أسواق الأسهم وانخفضت أسعار الفائدة وزادت رغبة مستثمري الأسهم في الدفع بعجلة النمو. ويقول بيتر أورزاق، الرئيس التنفيذي لشركة لازارد المتخصصة في الاستشارات المالية: «لو حدثني أي شخص بأننا سنواجه وباءً، وأن عمليات الدمج والاستحواذ ستصمد مقارنة بالسنة الماضية، لملأني الاستغراب». يُذكر أن الرسوم التي يتم جنيها من عمليات الدمج والاستحواذ، ُمنيت بتراجع قدره 5 % لنحو 30.4 مليار دولار، وفقاً لتقديرات مؤسسة ريفينتيف الأميركية العاملة في تزويد بيانات سوق المال والبنية التحتية العالمية. وتتضمن بعض الصفقات التي تم إنجازها خلال الربع الأخير من العام الماضي، صفقة شراء «أس آند بي جلوبال»، مجموعة «آي أتش أس ماركت» التحليلية، مقابل 44 مليار دولار واستحواذ «أيه أم دي»، على منافستها «أكسلنكس» لصناعة الرقاقات، وكذلك شركة «أسترازينيكا» البريطانية السويدية على «أليكسيون» الأميركية مقابل 39 مليار دولار. وفي كل من هذه الصفقات، استخدم المشتري، الأسهم الخاصة به عملة رئيسية، مستفيداً من انتعاش أسواق الأسهم. ويعتقد ستيفان فيلدجويز، المدير في قسم الدمج والاستحواذ لدى «جولدمان ساكس»، أن العديد من الصفقات مدفوعة برغبة الشركات في تنويع محافظها. ويقول: إن التوازن الآن تحول نحو، وجهة نظر الشركات في توسيع وتنويع المحافظ وزيادة ميزانياتها، أكثر أهمية من التركيز على فرص النمو. وبصرف النظر عن إجمالي عدد عمليات الدمج والاستحواذ في أميركا، انخفضت القيمة الكلية لهذه الصفقات، بنسبة قدرها 21 % إلى 1.4 تريليون دولار، للسنة بكاملها. وبالمقابل، ارتفع نشاط العمليات إلى 989 مليار دولار في أوروبا وبنحو 15 % إلى 872 مليار دولار في آسيا. وربما يعود السبب في أوروبا، لامتلاك بعض الشركات سيولة ضخمة، ما حدا بها للبحث عن فرص للاستحواذ على الشركات التي عجزت عن الصمود في وجه وباء «كورونا».
مشاركة :