بطريرك الموارنة يدعو عون والحريري إلى إنهاء القطيعة

  • 1/17/2021
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - حث البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أكبر رجل دين مسيحي في لبنان، في قداس اليوم الأحد، الرئيس ميشال عون على عقد اجتماع مصالحة مع رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري لتشكيل حكومة وإنهاء حالة الجمود السياسي في البلاد.وتأتي دعوة الراعي وسط قطيعة بين رأسي السلطة في لبنان (رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة وإن كان الحريري مكلفا ولم يتول مهامه بعد مع تعثر تشكيل الحكومة) عمّقت جراح لبنان الذي يرزح تحت وطأة أسوأ أزمة اقتصادية وجمود سياسي لأكثر من عام وفي وقت لم تعد فيه البلاد قادرة على تحمل أزمة جديدة.ومازالت الكتل السياسية المتصارعة عاجزة عن الاتفاق على حكومة جديدة منذ استقالة الحكومة في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب مما ترك سفينة لبنان بدون ربان وهي تغوص أكثر في الأزمة الاقتصادية.وبلغت التوترات بين عون والحريري اللذين تبادلا اللوم علنا في ديسمبر/كانون الأول 2020 بعد عدم الاتفاق على تشكيلة الحكومة، ذروتها الأسبوع الماضي عندما أظهر مقطع فيديو مسرب عون على ما يبدو وهو يصف الحريري بالكاذب.وقال البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في قداس اليوم الأحد إن "حالة البلاد والشعب المأسوية لا تبرر على الإطلاق أي تأخير في تشكيل الحكومة".وأضاف "في هذه الحالة نتمنى على فخامة رئيس الجمهورية أخذ المبادرة بدعوة دولة رئيس الوزراء المكلف" إلى اجتماع.وجرى تكليف الحريري السياسي السنّي المخضرم برئاسة الحكومة للمرة الرابعة في أكتوبر/تشرين الأول 2020 وتعهد بتشكيل حكومة اختصاصيين لتنفيذ الإصلاحات الضرورية لتلقي مساعدات خارجية، لكن الخلافات السياسية أخّرت العملية منذ ذلك الحين. وأظهر الفيديو المسرب الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي عون يتحدث إلى حسان دياب رئيس حكومة تصريف الأعمال عن الحريري.وسُمع عون في الفيديو وهو يقول "ما في تأليف حكومي، يقول عطاني ورقة.. بيكذّب". وقالت مصادر في مكتب الرئيس إن الحوار اقتُطع من سياقه ولم يكن كاملا.وبعد تداول الفيديو، غرد الحريري على تويتر بآيات من الكتاب المقدس تشير إلى أن الحكمة لا تسكن في أجسام سهلة الانقياد للخطيئة.ويأتي تدهور العلاقة بين عون والحريري في الوقت الذي تستمر فيه البلاد في أزمتها المالية الحادة التي دفعت الليرة إلى الانخفاض بنحو 80 بالمئة.والأزمة بين الحريري وعون ليست الأولى، فقد سبق أن اتهم الرئيس اللبناني رئيس الوزراء المكلف بالتفرد في اختيار تشكيلة فريقه الحكومي المؤلف من 18 وزيرا ما عرقل اعلان الحكومة منذ ذلك الوقت.وكان الحريري قد وعد بالإسراع في تشكيل الحكومة وتعهد بالعمل على إنقاذ لبنان من الانهيار الاقتصادي، لكن وعوده لم تخرج بعد قرابة 3 أشهر على تكليفه، عن سياق التطمينات وتهدئة التوترات.وكان لافتا منذ انفجار مرفأ بيروت وتكليف الدبلوماسي مصطفى أديب بتشكيل الحكومة ثم اعتذاره عن مهامه بعد أن عطّل الثنائي الشيعي (حزب الله وأمل) جهوده بتمسكهما بوزارات بعينها بينها وزارة المالية، أن لبنان دخل متاهة يصعب الخروج منها.وتم تكليف الحريري في أكتوبر/تشرين الأول بتشكيل الحكومة من باب رفع العتب ولإرضاء فرنسا التي ألقت بثقلها في الأزمة اللبنانية لكن من دون جدوى حيث ظل الجمود السياسي على حاله إلى أن دخل مرحلة الانسداد مع خصومة وقطيعة معلنتين بين رأسي السلطة.ولا تلوح في الأفق أي مؤشرات على قرب انتهاء أزمة لبنان وخروجه من دوامة الصراعات بين أضلع السلطة المرفوضة شعبيا، فاحتجاجات 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019 كان شعارها رحيل المنظومة السياسية الحالية برموزها وشخوصها وهي الاحتجاجات التي رفعت فيها أيضا شعارات رافضة للطائفة ومنددة بحزب الله المدعوم من إيران.ولم تخرج الجهود الحالية لحل الأزمة عن الدوران في فلك المنظومة القديمة وسط صراعات على النفوذ والمناصب بين مختلف القوى.ويقول محللون إن الطبقة السياسية هي المستفيد من حالة الجمود والانسداد السياسي وأنها سعيدة بالوضع الراهن الذي يجعلها تعيد إنتاج نفسها رغم اعتراضات الشارع، معتبرين أن الكل في المنظومة السياسية يعمل على تأمين عدم مغادرته لمربع السلطة.وفي مؤشر على خصومة معلنة بين تيار المستقبل الذي يمثل سنّة لبنان، والتيار الوطني الحرّ بزعامة جبران باسيل وزير الخارجية الأسبق وصهر الرئيس عون، كان قرار قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت بتحميل حسان دياب رئيس حكومة تصريف الأعمال وثلاثة وزراء سابقين من حلفاء حزب الله (أمل وتيار المرده) قد أغضب كتلة المستقبل اللبنانية التي اعتبرته انتقاء وتصفية حسابات وخرقا للدستور، ملمحة إلى أنه قرار مدفوع لاستهداف سنّة لبنان، مشيرة بأصابع الاتهام إلى ميشال عون.وشكلت تلك التطورات بداية الأزمة بين عون والحريري إلى أن وجه عون اتهامات للأخير بالتفرد في تشكيل الحكومة.وعلى ضوء التطورات الأخيرة من المتوقع أن ينفتح المشهد اللبناني على المزيد من التأزيم والتصعيد خاصة إذا تمسك كل طرف بموقفه ولم يغلب المصلحة الوطنية. وقد تخرج القطيعة الحالية بين عون والحريري من نطاقها الثنائي إلى الحزبي والطائفي، فيما يقف لبنان على حافة الانهيار على جميع المستويات مع حالة إفلاس مالي وقروض ومنح دولية معلقة. وتشترط الدول المانحة تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ برنامج إصلاحات كشرط للإفراج عن نحو 11 مليار دولار لمساعدة البلد صاحب أعلى معدل دين في العالم.ويواجه لبنان إلى جانب الأزمة الاقتصادية والمالية والسياسية، أزمة صحية هي الأسوأ مع تفشي فيروس كورونا وعجز المستشفيات عن مجابهة الوضع مع قطاع صحي هو ذاته على حافة الانهيار.

مشاركة :