في منتصف آب (اغسطس) الجاري، أصدرت ثلاثة معاهد أجنبية هي «كاتو» و «فريزر» و»الليبراليون»، التابع لمؤسسة فريديريش نومان للحرية، مؤشراً لحرية الإنسان في 152 دولة، خلال عام 2012. المؤشر يعتمد على قوة القوانين، والأمن وحرية تنظيم الحركات، وحرية إنشاء التنظيمات الدينية، والعمل غير الحكومي، وحرية الصحافة والتعبير، والحرية الفردية والاقتصادية، وصدرت منه أربع نُسخ منذ العام 2008. وضع المؤشر هونغ كونغ في المرتبة الأولى عالمياً، تليها سويسرا، ثم فنلندا، فالدنمارك، ونيوزيلندا، وحلت الولايات المتحدة في المركز العشرين. وفي منطقة الشرق الأوسط جاءت إسرائيل في المركز الأول محتلة الموقع 51، تليها تركيا في المركز 62، وتأخرت كل الدول العربية التي بدأت من المركز 78، حتى 148، وكان المركز الأخير في القائمة ككل، من نصيب إيران. بصرف النظر عن المستوى العلمي لهذه المعاهد، واتفاقها على نتيجة واحدة، فإن وضع إسرائيل في المرتبة الأولى في حرية تنظيم الحركات، وإنشاء التنظيمات الدينية، والحرية الفردية والاقتصادية، دليل لا يقبل الجدل على أن هذه المعاهد تفتقد أدنى درجات الأمانة والموضوعية في عملها. فالسلطات الإسرائيلية تمارس صنوف العذاب مع المعتقلين الفلسطينيين، وتعاملهم بطريقة لاإنسانية أثناء اعتقالهم واستجوابهم. تكفي صورة الجندي الإسرائيلي الذي يحاول اعتقال طفل لم يتجاوز عمره 12 سنة، وجرى تداولها خلال اليومين الماضيين على نطاق واسع، وهي ذكّرت بجريمة قتل الطفل محمد الدرة بطريقة وحشية. وهذه عيّنة بسيطة من مشاهد همجية «جيش الدفاع»، ناهيك عن الحصار المفروض على حوالى 1.6 مليون فلسطيني في قطاع غزة، والقيود الصارمة المفروضة على تنقُّل العمال الفلسطينيين، واحتجاز حقوقهم، فضلاً عن أن إسرائيل تسمي نفسها دولة يهودية، وهذا يعني ان مَنْ ليس يهودياً حقوقه مهدورة، بحكم النظام العنصري للدولة العبرية، ومع ذلك أُعطيت المركز الأول في حرية إنشاء التنظيمات الدينية. هذا لا يعني الدفاع عن الدول العربية، فتجاوزات معظمها في المؤشرات التي أوردتها التقارير يصعب إنكارها، وحال الحرية فيها تتجه إلى الأسوأ، بخاصة في الدول التي مرّ بها ما يسمى «الربيع العربي». حتى إيران التي جاءت في المركز الأخير تمارس تجاوزات خطيرة، وتفرّق بين مواطنيها لأسباب مذهبية وعرقية، ولكن رغم كل ذلك يصعب قبول وضعها في المركز الأخير، فيما إسرائيل في المركز الأول، بل يصعب قبول وجود إسرائيل في التقرير، لأنها دولة محتلة.
مشاركة :