في هذا المقام أرى أن يكون التكريم والتقدير بعد الإنجاز على المستوى الوطني، وأقترح أن يكون من خلال مناسبة وطنية كبرى وهنا تبرز أهمية استثمار مناسبة اليوم الوطني للتكريم والتقدير والتعريف بكافة منجزات أبناء الوطن في الداخل والخارج وفي كافة المجالات، وذلك من خلال حفل سنوي يتزامن مع مناسبة اليوم الوطني وبرعاية كريمة من القيادة العليا إنجازات وجوائز علمية متوالية يحققها طلابنا وطالباتنا المبتعثون في جامعات لها تاريخ وتضم طلاباً من دول مختلفة. هذه الإنجازات تستحق التقدير أولا وتكريم أصحابها، ثم تستحق وقفة تأمل للتعرف على أسباب التفوق وتحقيق الإنجازات. سوف أحاول بداية أن أعرض بعض الإنجازات وأقول (بعض) لأنني لا أدري هل أستطيع حصرها وحتى لو وجدتها موثقة ومن مصدر رسمي فإن المساحة لن تتسع لها وهذا أمر إيجابي. 1- نبدأ بصانع التغيير حسب وصف جامعة كوينز لاند الأسترالية، وهو المبتعث حسام زواوي المبتعث لدرجة الدكتوراه من مستشفى الحرس الوطني الى مركز الأبحاث السريرية التابع لجامعة كوينزلاند. الجامعة كرمت الزواوي لتميزه في مشروعات بحثية ابتكارية تتعلق بحماية صحة الانسان من خطر البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية. 2- المبتعث السعودي يوسف هوساوي حصل على جائزة أفضل باحث على مستوى أوروبا قدمتها الجمعية البريطانية لأبحاث السرطان في المؤتمر الوطني البريطاني لأبحاث السرطان الذي انعقد في ليفربول. بحث الطالب عن الكشف عن الجينات المتسببة لمقاومة سرطان الثدي لدواء التاموكسفين، مستخدما أحدث التقنيات العلمية، ثم أنتج خلايا سرطانية مقاومة لدواء التاموكسفين وتم مقارنة تغير الجينات بالخلايا السرطانية غير المقاومة للدواء، ثم قام بتأكيد تغير الجينات ثم أخذ أهم الجينات ليقوم بتضعيفها حتى يكشف عن تأثيرها على الدواء، وكانت النتيجة أنه بتضعيف هذه الجينات زادت استجابة الدواء في القضاء على الخلايا السرطانية. 3- غادة المطيري توصلت الى تقنية (الفوتون) بديلا للعمليات الجراحية في علاج بعض الأورام السرطانية. وقد نال اختراعها أرفع جائزة للبحث العلمي بأميركا (جائزة الابداع العلمي) وتمنح لأفضل بحث بين 10 آلاف بحث. المواطنة غادة حصلت على البكالوريوس في الكيمياء من جامعة (أو كسيدينتال) بلوس انجلس، وماجستير في الكيمياء الحيوية من جامعة كاليفورنيا، والدكتوراه في الهندسة الكيميائية. 4- حققت الطالبة المبتعثه في أميركا جيلان عبدالله إسماعيل إنجازا في علاج السرطان من خلال استخدام التقنية الطبية في العلاج. واختيرت مع مجموعة من زميلاتها لتمثيل الجامعة في مسابقة علمية تضم عشر جامعات أميركية وحققت الفوز لجامعتها بالمركز الأول. 5- المبتعثون مهنا الشمري، وعلي الصامطي، وعادل البلوي في جامعة توليدو الأميركية توصلوا الى اختراع لمساعدة سيارات الإسعاف والمطافئ والشرطة على عبور الإشارات المرورية بسلام والتحكم بالإشارات الضوئية، إضافة الى جهاز يساعد المكفوفين في التعرف على الإشارات الضوئية. 6- في اليابان تم تكريم طلاب سعوديين في مقر البرلمان من قبل رئيس الوزراء الياباني لتميزهم البحثي في الأوراق العلمية المنشورة والمشاركة في المؤتمرات العلمية. 7- الدكتور هاني شوردي مبتعث من جامعة الملك عبدالعزيز حقق جائزة التميز من الجمعية الأميركية لأبحاث السرطان وتم تعيينه مشرفاً أكاديمياً لطلاب الدراسات العليا ولمشروعات الدكتوراه بجامعة أكسفورد وحصل على جائزة أفضل ورقة علمية في أبحاث سرطان الثدي. تلك أمثلة ونماذج ولا يتسع المجال كما أشرنا الى سرد كل الإنجازات والجوائز وليس الهدف هنا حصرها وانما تسليط الضوء على البيئة الجامعية التي تحفز على البحث والابداع، وابتكار الحلول، وطرح التساؤلات حول ابداع طلابنا وطالباتنا في الجامعات العالمية مقارنة بالجامعات المحلية. من حيث عملية الرصد والتوثيق فإن هناك مشروعا يحمل عنوان (بصمات مبتعث) برعاية الملحقية الثقافية بأميركا يوثق منجزات المبتعثين في الجامعات الأميركية. المشروع قام على وضع أفكاره وآلية العمل عليه طلاب عدد من الطلاب المبتعثين حسب تصريح للملحق الثقافي بأميركا الدكتور محمد العيسى. وتأتي أهمية هذا المشروع من أنه ليس للرصد فقط بل الأفكار والمشروعات الى أرض الوطن حسب رئيس المشروع الأستاذ فيصل اليوسف. أما من حيث بيئة الجامعة البحثية فإنها في جامعاتنا المحلية تحتاج الى اهتمام أكثر كون البحوث من الأنشطة الرئيسة للجامعات تعزز خدماتها ودورها في المجتمع. ويلاحظ أن الإنجازات العلمية لطلابنا وطالباتنا ظهرت بقوة بعد برنامج الابتعاث. هذا دليل واضح على تأثير بيئة الجامعة وحوافزها العلمية. ونلاحظ أيضا أنه حتى في المجال الرياضي يحصد اللاعبون العرب الذين تدربوا في أوروبا وأميركا الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية. لا شك أن السر هو بيئة التعليم والتدريب. أما من حيث التقدير والتكريم لهذه الإنجازات وأصحابها فهو أمر مهم ولا يقل أهمية عن التحفيز والتشجيع والدعم المادي والمعنوي الذي يسبق الإنجاز. في هذا المقام أرى أن يكون التكريم والتقدير بعد الإنجاز على المستوى الوطني، وأقترح أن يكون من خلال مناسبة وطنية كبرى وهنا تبرز أهمية استثمار مناسبة اليوم الوطني للتكريم والتقدير والتعريف بكافة منجزات أبناء الوطن في الداخل والخارج وفي كافة المجالات، وذلك من خلال حفل سنوي يتزامن مع مناسبة اليوم الوطني وبرعاية كريمة من القيادة العليا. إن إيجابيات هذا المقترح كثيرة وقد تطرقت اليها في مقالات سابقة. ونتطلع الى مبادرة إحدى الجهات ذات العلاقة وعلى رأسها وزارة التعليم بتبني هذا المشروع.
مشاركة :