بعد تراجع استمر لنحو عشر جلسات على التوالي، تراجعت خلالها أسعار النفط العالمية لأدنى مستوى لها في سبعة أعوام، قفزت الأسعار بأكبر وتيرة منذ الأزمة المالية العالمية، ليُحقق النفط مكسبا يُقدر بنحو 17 في المائة في يومين فقط. وارتفعت أسعار خام غرب تكساس، القياسي الأميركي، إلى 45.22 دولار للبرميل بنهاية تعاملات الجمعة الماضي، رابحًا أكثر من 6 دولارات، بعدما تراجع إلى 38.6 دولار لدى إغلاق تعاملات يوم الأربعاء الماضي. ويرى خبراء الطاقة أن المضاربين قرروا بدء الانطلاق للقضاء على مراكز التداول القصيرة، لذا من المتوقع استمرار ارتفاع الأسعار على المدى القصير، لكن بوتيرة ضعيفة، لكن تظل التوقعات باحتمالية انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 40 دولارًا للبرميل مرة أخرى واردة. ويعزى انتعاش الأسعار إلى عدد من العوامل؛ أبرزها، انتعاش أسواق الأسهم العالمية، وإغلاق شركة «شل» اثنين من خطوط الأنابيب الرئيسية الناقلة للنفط، وقطع شحنات النفط الآتية من نيجيريا، أكبر منتج للنفط في أفريقيا. ويأتي ارتفاع أسعار النفط بعد انهيار كبير في الأسابيع الأخيرة جاء مدعوما من المخاوف من دخول الاقتصاد العالمي في حالة من الركود وسط التوقعات بتباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط على مستوى العالم. وشهدت سوق النفط العالمية في الفترة الماضية انخفاض الأسعار إلى مستوى تاريخي، حيث انخفض سعر الخام الأميركي لأقل من 39 دولارًا للبرميل في 28 أغسطس (آب) الحالي للمرة الأولى منذ الأزمة المالية عام 2009. وحدد مصرف «مورغان ستانلي» عدة محفزات ممكنة لتحقيق انتعاش أسعار النفط، بما في ذلك مجموعة التحفيز المالي المحتمل لتعزيز النمو الاقتصادي في الصين، ودفع النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة ليُصبح أكثر مرونة، وخفض إنتاج النفط في الولايات المتحدة، وتصويت الكونغرس ضد الاتفاق النووي الإيراني. وأضافت وحدة أبحاث «مورغان ستانلي»، في مذكرة بحثية حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أن أحد أسباب انخفاض الأسعار في الآونة الأخيرة هو احتمال أن إيران يمكن أن توفر أكثر من مليون برميل إضافي يوميًا للسوق العالمية المُتخمة بالفعل بفائض في المعروض النفطي يقدر بنحو مليوني برميل يوميًا. وقال وزير النفط الإيراني بيجان نامدار زنكنه، إن سعر 70 إلى 80 دولارًا للبرميل «سعر عادل، ومعظم أعضاء (أوبك) يؤيدون ذلك»، حسبما ذكرت وكالة أنباء «مهر» الإيرانية أول من أمس السبت. وقال زنكنه: «يجب علينا بذل مزيد من الجهود لزيادة أسعار النفط في الأسواق العالمية»، مضيفا أنه «لتحقيق التوازن في سعر النفط، ينبغي على أعضاء (أوبك) أن يوازنوا من إنتاجهم». لكن «مورغان ستانلي» يرى أن المملكة العربية السعودية والعراق لا يظهران أي علامة على تباطؤ مستويات الإنتاج القياسية، في حين كان إنتاج الولايات المتحدة من النفط أقل مرونة في مقابل تراجع الأسعار. ولا تزال مخزونات النفط عند مستويات قياسية في الولايات المتحدة لهذا الوقت من العام؛ لذا من غير المتوقع أن تقترب أسعار النفط من مستوى مائة دولار للبرميل في أي وقت على المدى القصير أو المتوسط. وتُخطط الحكومة الإيرانية لرفع إنتاجها بمقدار 500 ألف برميل يوميًا مرة واحدة في حال تم رفع العقوبات، التي سيضاف إليها 500 ألف برميل يوميا أخرى بعد وقت قصير من ذلك. وقالت وكالة الطاقة الدولية (IEA) في وقت سابق من الشهر الحالي إن إيران قد ترفع إنتاجها من النفط بمقدار 730 ألف برميل يوميًا من المستويات الحالية بسرعة في حال تمت إزالة العقوبات. وفي الوقت نفسه، هناك دلائل على أن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) تعتزم الحفاظ على إنتاج النفط عند مستويات قياسية، حتى وسط مؤشرات على أن هناك فائضًا من النفط، وبغض النظر عن مدى انخفاض الأسعار وكم من الوقت سيستغرق لتحقيق التوازن في السوق. ويُشير الخبراء إلى أن الصين تواجه استمرارا في الاضطرابات الاقتصادية التي يمكن أن تؤدي إلى استنفاد الطلب على الطاقة في جميع أنحاء العالم، خاصة في أسواق الاقتصادات النامية التي يتم تزويدها بالمواد الخام والسلع المصنعة من الصين. وقال بدر جعفر، رئيس شركة «نفط الهلال» في دولة الإمارات العربية المتحدة، إن «فائض المعروض العالمي لا يزال قائما، مع استمرار بناء مزيد من المخزون في جميع أنحاء العالم». ولا يزال أعضاء منظمة «أوبك» يتوقعون دعم الأسعار في الربع الأخير من العام، لكن مع حد أقصى للأسعار عند مستوى 50 إلى 55 دولارًا للبرميل، في ظل استمرار التخمة في المعروض العالمي من النفط. يذكر أن الركود في سوق النفط بدأ منذ عام تقريبًا، حيث أصبح لدى السوق العالمية وفرة في المعروض وبدأ الطلب في التباطؤ. وجاء الجزء الأكبر من الزيادة في المعروض من الزيادة في الإنتاج من النفط الصخري في الولايات المتحدة. وحصلت السوق النفطية على دعم أدى إلى رفع الأسعار في الربيع، ولكن بدأت الأسعار في الانخفاض مرة أخرى وسط دلائل تشير إلى إغراق الأسواق العالمية بالمعروض، وسط تراجع الطلب على النفط الخام (خصوصا مع ضعف الاقتصاد الصيني). وقد أدى هذا إلى انخفاض الأسعار بنحو 30 في المائة منذ أن بلغ ذروته في يونيو (حزيران) الماضي. وقبل عام، كان النفط يُباع بأكثر من مائة دولار للبرميل، أما الآن فيسعر النفط في نيويورك عند 45 دولارًا للبرميل، بعد ارتفاعه من أدنى مستوى له منذ الأزمة المالية عام 2008
مشاركة :