(١) ما دام أن (للبيت) رباً يحميه من الإثيوبيين وغيرهم من الذين (ثاروا) و(أثاروا) القلاقل في البلاد، التي لم يشهد مثلها أحد، فلتستمر زيارتي لمدينة الرسول على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم، مستمتعاً بالاطمئنان الساكن ببهاء في مسجدها الحرام.. الذي أدون فيه اللحظة هذه (الملاحظات) التي كانت (مادة) هذا النثار (المدني). (٢) يشتكي بعض المصلين -وأنا أولهم وليس آخرهم- في مسجد نبينا الكريم، من كثير من الظواهر والممارسات، التي تصدر من الزائرين من الجاليات الإسلامية المختلفة، والتي تفسد روحانية وطهارة ذلك الجو الإيماني المفعم بجلال النبوة. فما يرتديه بعض هؤلاء يتنافى مع قدسية المكان، فهو ذاته اللباس الذي تراهم به، وهم يمارسون أعمالهم المتنوعة في شوارع بلادنا، والذي يفتقد لكثير من شروط النظافة والوقار اللذين يجب أن يتحلى بهما الزائر والمصلي في مسجد سيد الخلق أجمعين.. فالله تعالى يقول لعباده بصيغة الأمر الجليل: «يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد». والأمر الثاني هو الرائحة التي تنبعث من أجساد كثير من إخواننا الزائرين، وخاصة من القادمين من الدول الجنوبية والشرقية للقارة الآسيوية، والتي تجعل المكان المقدس مفعماً برائحة قوية من أصناف مأكولات (حراقة.. بجد)! وقد نهى المصطفى عليه السلام من دخول المساجد لمن «أكل ثوماً أو بصلاً»، فكيف يكون الحال -إذاً- لمن يشكل البصل والثوم والبهارات ذات الرائحة النافذة عناصررئيسة في طعامه؟! والتي يتأذى منها الملائكة والراقدون بجلال في ثرى المكان والمصلون الآخرون. لا أدري عن مشروعية ووجاهة الرأي الذي ينادي بمكان مخصص لأهل البلاد، يتساوى في قيمته وفضله مع المكان المخصص لأهالينا -أيضا- في البلدان الإسلامية، ولكنه يظل مقترحا ممكناً، في ظل تقارب الممكنات الجسدية، التي تفضي إلى تناغم منسجم في أنشطة الحواس الحسية للإنسان. (٣) كذلك.. فإن كثيراً من هؤلاء الزائرين يفتقدون للوعي الديني، الذي يتسق مع أدبيات زيارة (الحرم) الذي يحتضن جسد سيد الخلق وصاحبيه رضوان الله عليهما.. إذ نجدهم لا يتورعون عن رفع أصواتهم المتناغمة مع صدى جوالاتهم (الرنانة)، كما أنهم لا يجدون غضاضة في الاستلقاء على بطونهم لنوم طويل هانئ، في أي مكان يناسب نداء أجسادهم للدعة والراحة، والبعض منهم نراه يسابق أقرانه في الحصول على حاملات المصاحف الخشبية لجعلها وسادات مغرية لتمام تفاصيل المشهد النومي الآسر! بالتأكيد.. فتلك المشاهد التي تجترئ على جلال المكان منفرة مستهجنة لكل من يستشعر ذلك الجلال والسكينة والوقار، التي يجب أن تعم مسجد النبي الكريم (وكل بيوت الله). هؤلاء الزائرون الذين لم يكتسبوا التوعية الصحيحة بتداعيات هذه الممارسات في بلدانهم، يجب أن يكتسبوا هذه التوعية المنشودة (هنا)، بالتنسيق بين مؤسسات الطوافة والرئاسة العامة لشؤون الحرمين والمراكز الخاصة بالجاليات الاسلامية، حتى لا يتحول المكان الذي احتضن تاريخ السيرة النبوية العطرة إلى (أجنحة فندقية) لمن تساوت لديه الوسيلة والغاية في مشروع زيارة قبر المصطفى والصلاة فيه! (٤) وبعد.. فألا يستحق هذا المكان الجليل أن يكون عبقا برائحة تتسق مع عبق الأجواء الإيمانية داخله؟! لماذا لا نجعل مسجد النبوة زاخراً بروائح مفعمة بذاكرة المسك والعنبر، اللذين يحبهما رسول الله، مع رائحة (البخور) المرتبط في ذهنيتنا باللحظات الراسخة في الوعي والوجدان! لاشك أن انتشار عبق هذه الروائح الجميلة في المكان المقدس، يضفي عليه طابعاً، يجعله يختلف عن كافة فضاءات الأرض، بما يستحقه من فرادة خاصة أبداً. (٥) وأخيراً (بحسب هذه المساحة) فإن سجاد الحرم النبوي قد أكل عليه الدهر وشرب، وآن الوقت لاستبداله بسجاد جديد، يليق بالروح الإيمانية المتجددة المنبثقة -على مر الزمن- من زوايا المكان. وبكل جلاء، فإن اللون (الأخضر) هو اللون المناسب لذلك السجاد المنتظر، لارتباطه الوثيق في الذاكرة الإسلامية أولاً، ثم لاتساقه مع (لون) الطمأنينة والسكينة، للذين يدركون أسرار انبعاثات الألوان في الأماكن المختلفة في حقيقتها وهويتها. (٦) اللهم صلِّ وسلم على رسولنا الكريم.. المصطفى الحبيب. faisal.s.g@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (14) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :