كشف آخر استطلاع للرأي أن 79 في المائة من اليونانيين يريدون الاحتفاظ باليورو كعملة للبلاد، فيما يعتقد 55 في المائة من اليونانيين أن تسيبراس كان محقا في القبول بخطة مساعدات من 86 مليار يورو على ثلاث سنوات، كما أظهرت نتائج الكثير من استطلاعات الرأي التي أجريت خلال السنوات الأخيرة رغبة نسبة كبيرة من اليونانيين البقاء في منطقة اليورو. ورغم أن رئيس الوزراء اليوناني المستقيل ألكسيس تسيبراس الذي اختاره الشعب اليوناني في يناير (كانون الثاني) الماضي والذي أكد وقتها أن فوزه يعني «نهاية الترويكا»، فإن اليونانيين شهدوا في عهده عودة اليونان تحت وصاية الترويكا التي طالما كرهوها متمثلة في الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى ظهور دائن جديد وهو آلية الاستقرار الأوروبية لتصبح الجهات الدائنة لليونان أربعا بدلا من ثلاث. ويبدو أن اليونانيين الذين أنهكتهم الأزمة الاقتصادية المزمنة مقبلون على تضحيات مؤلمة تتمثل على سبيل المثال في زيادة ضريبة القيمة المضافة وخفض معاشات التقاعد وهي ستضطرهم إلى شد الأحزمة رغم أنهم انتخبوا رئيس الوزراء اليوناني المستقيل ألكسيس تسيبراس قبل ثمانية أشهر فقط لأنه وعدهم بإنهاء إجراءات التقشف. لكن الناخبين اليونانيين يبدون مرهقين من آثار الكساد الاقتصادي و5 عمليات انتخابية خلال السنوات الست الأخيرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2009. ومايو (أيار) ويونيو (حزيران) 2012. ويناير عام 2015، والاستفتاء على خطة الدائنين في يوليو (تموز) الماضي وتلك المرتقبة في سبتمبر (أيلول)، ولهذا أظهرت استطلاعات الرأي تقلصا كبيرا بين حزبي سيريزا ومنافسة حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ. وأكد تسيبراس على ثقته بأنه سوف يحصل على أغلبية مطلقة تحت قبة البرلمان في الانتخابات المقررة بعد عشرين يوما، واستبعد تسيبراس أي تحالف مع أحزاب وصفها بـ«النظام السياسي القديم» مؤكدا أن وحده حزب اليونانيين المستقلين شريكه الحكومي لمدة ثمانية أشهر، قادر على الاضطلاع بهذا الدور. أعرب حزب الديمقراطية الجديدة وباسوك الاشتراكي والنهر (يسار وسط) عن الاستعداد للتعاون مع أحزاب أخرى، وقال زعيم اليمين ايفانجيلوس ميماراكيس في خطاب متلفز بأنه يجب «ضمان الاستقرار السياسي للسنوات الحاسمة المقبلة»، فيما اتهمت زعيمة باسوك الاشتراكي فوفي جينيماتا التي أعلنت تحالفا بين حزبها وحزب اليسار الديمقراطي، اتهمت تسيبراس برفض «التعاون» في حين اعترف بارتكاب «أخطاء». وأعلن حزب سيريزا أن الأولوية وفقا لبرنامجه الجديد الذي وضع في نهاية الأسبوع خلال اجتماع للحزب، هي تحقيق الالتزامات والبحث في آن عن تدابير «للتعويض عن العواقب السلبية» دون التأثير على الخطة الموقعة مع أوروبا، وأن الخطوط الرئيسية للبرنامج الجديد هي إعادة هيكلة قطاع الإنتاج والتركيز على الزراعة وتعزيز القطاع المصرفي ومكافحة الفساد وحماية الوظائف والبيئة، وضمن البرنامج أيضا مسألة إعادة جدولة الديون التي تبلغ 170 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي. ولا يبدو أن الانتخابات المبكرة في اليونان تثير قلق الدائنين، فقد أوضح يروين ديسلبلوم رئيس مجموعة اليورو أنه لا يخشى أن تشكل فترة الانتخابات خطرا على تنفيذ الإصلاحات، فيما أكدت كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي على أن أي شكل لإعادة هيكلة الديون يجب أن يتيح لليونان القدرة على إدارة ديونها غير القابلة للسداد، وقالت لاغارد لوسائل الإعلام بأن أي شكل من أشكال إعادة هيكلة الديون بدلا من شطبها يجب أن يكون كافيا إلى الحد الذي يسمح لليونان بإدارة ديونها غير القابلة للسداد الآن. ولم يوضح صندوق النقد الدولي بصورة قاطعة ما إذا كان سوف يشارك في البرنامج الثالث لدعم اليونان الذي تم التوقيع عليه في بدايات شهر أغسطس (آب) أم لا، وذلك لأنه يرى بأن الديون اليونانية بشكلها الحالي غير قابلة للسداد، واستبعد دائنو اليونان في منطقة اليورو وخاصة ألمانيا شطب الديون إلا أنهم أبدوا استعدادا لمناقشة أشكال أخرى من إعادة الهيكلة مثل تمديد مهلة السداد. وقالت لاغارد حول هذه الاختلافات بخصوص إعادة هيكلة الديون اليونانية: «لم يتم أبدا فتح نقاش بشأن شطب الديون ولا أعتقد أن هناك ضرورة لفتحه إذا سارت الأمور على ما يرام.. نحن نتحدث عن تمديد مهلة السداد، تخفيض الفوائد، إعفاءات لفترة زمنية معينة، ولا نتحدث عن شطب للديون». من جهة أخرى، تواجه شركات سيمنس ودايملر وراينميتال الألمانية اتهامات فساد في دعاوى سوف ينظر فيها القضاء اليوناني، وتعد تلك الشركات ركائز في القطاع الصناعي الألماني، ولم يحدد بعد تاريخ لمقاضاة 19 مسؤولا سابقا في شركة سيمنس للهندسة، إلا أنه يتوقع أن تكون إحدى أكبر المحاكمات المالية في اليونان منذ عقود. ويتابع القضاء أكثر من ستين شخصا في ملف الفساد المشار إليه والذي تم وصفه بأنها أكبر فضيحة تخص شركات في اليونان منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتتهم سيمنس بدفع رشى وعمولات للكثير من المسؤولين اليونانيين لنيل إحدى أكبر ربحية في البلاد، وهي صفقة تحديث شبكة الهاتف المحمول والتي نالتها في آخر تسعينات القرن الماضي، ووفق مصادر قضائية يونانية فإن مقدار الرشاوى والعمولات التي دفعتها سيمنس تقارب 78 مليون دولار. ووفقا لمؤشر إدراك الفساد - الذي تصدره سنويا منظمة الشفافية الدولية - فإن القطاع الحكومي في اليونان هو أحد أكثر القطاعات فسادا في الاتحاد الأوروبي، وفي العام 2011 كشف تحقيق برلماني يوناني أن خزينة الدولة خسرت ملياري يورو جراء تضخم مصاريف صفقات أبرمتها الحكومة، كما سبق للقضاء اليوناني أن أمر بفتح تحقيق في بداية العام الجاري بشأن الاشتباه في دفع شركة دايملر لصناعة السيارات الألمانية رشوة لنيل صفقة لبيع سيارات عسكرية بقيمة 100 مليون يورو، وكانت محكمة ألمانية قد غرمت شركة راينميتال للصناعة العسكرية في العام 2012 بنحو 37 مليون دولار في قضية رشوة بصفقة بيع منظومة صواريخ مضادة للطائرات لليونان بقيمة 150 مليون يورو.
مشاركة :