عندما كان ريال مدريد الاسباني يوجه أنظاره نحو لاعب سواء في الأندية الأوروبية الكبرى أو غيرها، كان الأمر يبدو بمثابة مهمة واجبة النفاذ أمام رئيس النادي الملكي فلورنتينو بيريز ولا ينقصها سوى بعض الوقت لإتمام الإجراءات. لكن في الساعات الأخيرة من سوق الانتقالات التي أغلقت مساء أمس (الإثنين)، تغيرت الصورة شيئا ما إذ فشلت صفقة ضم حارس المرمى ديفيد دي خيا من مانشستر يونايتد الإنجليزي في مفاجأة من العيار الثقيل أثارت استياء ودهشة النادي الملكي وجماهيره. ويفخر بيريز بنجاحه في التعاقد مع نجم بارز في كل فترة انتقالات صيفية، فقد نجح في ضم خايمس رودريغيز وأنخيل دي ماريا وكريستيانو رونالدو ومايكل أوين وديفيد بيكهام ورونالدو وزين الدين زيدان ولويس فيغو، من خلال إقناعهم بنفسه. ولكن بيريز، الذي لا يحتاج منذ فترة طويلة لمدير كرة ويبرم صفقات بيع وشراء اللاعبين بنفسه، يبدو أنه فقد لمسته الساحرة في حسم الصفقات. وكان بيريز يسعى هذا الصيف للتعاقد مع حارس مرمى مانشستر يونايتد ديفيد دي خيا ليحل مكان الحارس المخضرم إيكر كاسياس، الذي لم تكن علاقته جيدة مع بيريز طوال فترة تواجده بالفريق. ورحل كاسياس إلى بورتو البرتغالي في يوليو/ تموز الماضي ليجد بيريز نفسه في مواجهة ضغوط وانتقادات الجماهير، ورفض المدير الفني لمانشستر يونايتد لويس فان غال رحيل دي خيا في البداية على رغم أن عقده لا يتبقى عليه سوى عام واحد. وأدى هذا الرفض إلى أحداث غريبة وقعت مساء الإثنين، إذ توصل الناديان بالفعل إلى اتفاق حول انتقال دي خيا إلى ريال مدريد مقابل الحصول على خدمات كيلور نافاس، بالإضافة إلى 20 مليون يورو (22.4 مليون دولار)، ولكن النادي الإنجليزي أرسل الوثائق المطلوبة إلى رابطة أندية المحترفين الاسبانية بعد موعد غلق سوق الانتقالات في منتصف الليل. وتشير قوانين الاتحاد الدولي إلى إمكان إجراء تعاقدات في الفترتين الصيفية الحالية أو الشتوية (في يناير/ كانون الثاني) باستثناء حالات خاصة منها للاعبين الذي تكون عقودهم منتهية. وأشارت صحيفة «آس» الاسبانية إلى أن أوراق انتقال دي خيا لم تصل سوى بعد 28 دقيقة من إقفال باب الانتقالات؛ لذا تم رفضها من قبل رابطة الدوري الاسباني، فيما رأت «ماركا» إن ريال لديه إثباتات بان الأوراق وصلت قبل دقيقة من منتصف الليل، وبالتالي يتوقع الفريق الملكي التصديق على الصفقة. وتسبب الأمر في إحراج كبير لبيريز وأثار غضبه، وقد انتقد اختلاف موعد غلق سوق الانتقالات بين اسبانيا وإنجلترا وهدد برفع القضية إلى الاتحاد الدولي للعبة (الفيفا). ولكن الوضع ظل كما هو ببقاء دي خيا مع مانشستر تحت قيادة فان غال كما بقي نافاس مع ريال مدريد، بعد أن علم أن بيريز حاول كثيرا الاستغناء عنه. ونشرت صحيفة «ماركا» عنوانا ذكرت فيه «أمر مثير للسخرية!» إذ تحول موقفها في الأعوام الأخيرة من الدعم المفرط لبيريز إلى توجيه الانتقادات الحادة له. وعلقت إذاعة «كادينا سير» أمس (الثلثاء) «إنه وضع مثير للشفقة، حقا مثير للشفقة». وأضافت «لقد تخبط بيريز حقا. لقد أظهر أمام العالم كله أنه يريد دي خيا بدلا من نافاس، ولكنه الآن مضطر للاعتماد على الأخير حتى يناير/ كانون الثاني المقبل على الأقل». وعاش دي خيا تلك الساعات داخل منزل خطيبته ايدورني، وهي تعمل مطربة، في العاصمة الاسبانية مدريد، فيما قضى نافاس تلك الفترة داخل المقار الإدارية للنادي الملكي لاستكمال المفاوضات حول عقده الجديد. وفي نهاية الأمر، استقر المقام بدي خيا داخل النادي الذي كان اللاعب قد أعلن في وقت سابق عن رغبته في الرحيل عنه وسط رفض جماهيره، بينما سيستمر نافاس مع الفريق الذي رغب في بيعه. وسعى ريال هذا الصيف جاهدا لضم دي خيا ما عجل في رحيل قائده ايكر كاسياس إلى بورتو البرتغالي وتركه النادي الملكي الذي التحق به العام 1990 وهو في سن التاسعة من العمر فقط وتدرج في فرقه العمرية حتى طرق باب الفريق الأول العام 1999، علما بأنه استقدم حارس اسبانيول فرانسيسكو «كيكو» كاسيا مقابل 6 ملايين يورو. وسبق لكاسيا (28 عاما) إن لعب في الفرق العمرية لريال مدريد من 2004 حتى 2007 قبل الانتقال إلى كاتالونيا من اجل الدفاع عن مرمى اسبانيول الذي أعاره بين 2008 و2011 إلى قادش وكارتاخينا. وللمرة الأولى خلال أكثر من 30 عاما، أخفق ريال مدريد في إبرام أية صفقات مهمة خلال سوق الانتقالات الصيفية، وهو ما سيعقد الوضع ويثير انتقادات الجماهير ضد بيريز بالتأكيد في حالة أي تعثر للفريق تحت قيادة مديره الفني رافاييل بينيتيز. وكان بيريز قد فجر مفاجأة قبل أيام ببيع لاعب خط الوسط آسيير إياراميندي لريال سوسييداد بنصف سعره، بعد عامين من ضمه، وكذلك بإعارة لوكاس سيلفا إلى مارسيليا بعد 8 أشهر من ضمه ومشاركته في 3 مباريات فقط مع الفريق. وأكمل نافاس المشهد السريالي بعد أن أصبح الحارس الأول لأحد أهم الأندية في العالم ولا أحد يعلم إذا كان ذلك لتاريخ محدد ولكن على الأقل يمتلك الحارس الكوستاريكي الآن فرصة لإثبات الذات وكسب تعاطف ودعم جماهيره إذا ما قدم موسما جيدا. وما يخفف الضغوط شيئا ما على بيريز هو عدم قدرة الغريم التقليدي برشلونة على إشراك لاعبيه الجديدين أليكس فيدال وأردا توران حتى يناير المقبل؛ نظرا للحظر المفروض على النادي من قبل الفيفا؛ بسبب ارتكابه مخالفات في التعاقد مع لاعبين قاصرين أجانب. وهكذا، أسدل الستار على المفاوضات الأكثر جنونا في التاريخ الحديث لكرة القدم ولا أحد يعلم ما هي النتائج التي ستترتب على ذلك.
مشاركة :