أكد القاص والشاعر سيف المرواني أنه يحرص في نصوصه على البساطة، وعلى أن تكون الكلمة قريبة من المتلقي لكي يكون تأثيرها أكبر، مشيرًا إلى أن الكلمات الصعبة تتوه في الغموض المغرق في المجاهل، وقال إنه يحاول التحدث بلسان الناس والتعبير عن مشاعرهم، من خلال التعايش معهم والخوض فيما يدور في خلدهم من قلق يستوطن النفس البشرية، ولذلك فإن نصوصه تخرج قريبة من القارئ، فتعكس أحاسيسه، وتجيب عن أسئلته، وعما يجيش في أعماقه من اضطراب وتوجس وقلق وتداعيات مختلفة.* يقف إنتاجك الإبداعي في منطقة وسطى ما بين القصة القصيرة وقصيدة النثر.. فكيف تصنف هذا الإنتاج؟ - أنا أحلق في سماء الحرف، يأخذني أحيانًا صوب ضفة أبتهج فيها، وتناديني ضفة أخرى لأبحر تجاهها، فمن خلالهما تزهر كافة المرافئ، وأجد ما يدع كلماتي تنثال لتشكل أبجدية تعانق روحًا تنبض بالربيع، وهما أكثر ما أجد نفسي فيه، حيث يتنازعاني بينهما، كتبت النثر فسعدت في رحابه وأمدني بالراحة، وتمطرني القصة فأنتشي في حدودها.قاموس إبداعي* تعتمد في كتاباتك على مفردات بسيطة سهلة حتى إن بعض النقاد قالوا إنك تتعمد صناعة قاموس إبداعي خاص بك.. هل هذا صحيح؟- الكتابة رحلة نمضي من خلالها إلى منارات يشع فيها الحرف وتنتشي الكلمات، فلا نتصنع فيها لأنها تخرج صادقة تعبر عن ما يجيش في القلوب من نبض، وتبحر بها المراكب صوب أفياء يتوهج فيها الإيقاع، وأنا سعيد جدًا برؤية بعض النقاد، ولكن وجهة نظري أن الكلمة القريبة من المتلقي يكون تأثيرها أكبر، لذا فلا أميل للغموض المغرق في المجاهل، الذي تتوه معه الكلمة، ولا أتعمد الصياغة، إنما أدعها تنساب كما يحلو لها؛ لتكون في النهاية نصًا يخرج بصورته النهائية.نبض البشر* الملاحظ أن نصوصك تعكس حالة دائمة من الشجن والقلق.. كيف ترى ذلك؟- حين تتحدث بلسان الناس وتُعبر عن مشاعرهم، لابد أن تعايش وتخوض فيما يدور في خلدهم من قلق يستوطن النفس البشرية، وتراعي تلك الأحاسيس التي تعبر عنها لأنها نبضهم، والأسئلة التي يطرحونها، وما يجيش في أعماقهم من اضطراب وتوجس وقلق وتداعيات مختلفة، ورغبة في بث ما يشجيهم، لذا تأتي النصوص مشعة بما في أرواحهم من هم إنساني ونداءات مضنية وأسئلة حائرة.دور المفارقة* يتوقع القارئ دائمًا أن تنتهي نصوصك بـ«مفارقة» تثير دهشته، فما دور «المفارقة» في أعمالك؟- المفارقة لها دور فيما أكتب رغم ما يتوشح المساحات، لكن سفن حرفي تبحث عن مرافئ الأمل والفرح والانتشاء، والتحليق في آفاق السعادة، والبحث عما يبهج ويسر، والبُعد عن كل ما يضني ويتعب ويحرق، أو يرسم في المدى ما يحزن، فأنا أدعو الجميع للإبحار للمسارات التي تبعث في النفس السرور والراحة، رغم ما يواجه الإنسان أحيانًا من عقبات يجب أن يتجاوزها ليحصد الراحة والأمان.إيقاع النص* يبدو إيقاع العصر واضحًا في سرعة نصوصك وكثافتها، فهل هذا نابع من تأثرك بمواقع التواصل الاجتماعي؟- ليس نابعًا من مواقع التواصل الاجتماعي، إنما النفس البشرية في هذا الوقت تحتاج إلى ومضات مضئية، وما يحرك في داخلي من شعاع بحث لا يأخذ حيزًا كبيرًا من وقته، ومع ذلك لي قصص طويلة، ولي نصوص نثرية أيضًا طويلة، ولي ومضات وتغريدات في كلا الجانبين السردي والنثري، أحلق في رباهما حيثما يفرض النص إيقاعه حين يتدفق إلى أن يتوقف.مشاعر المرأة* المرأة قاسم رئيس في نصوصك، فما الذي تمثله لك المرأة إبداعيًا؟- المشاعر الإنسانية الكل فيها سواسية، يتشاركون دفء النبض وروعة الإحساس وصدق المشاعر والهم، والمرأة هي النصف الآخر للرجل، فهي الأم والأخت والزوجة والبنت والقريبة والملهمة، وهي ينابيع نقاء وصفاء ومنارات تزدان بالضياء، تحدثت في نصوصي كثيرًا على لسان امرأة، وهناك نصوص أخرى كثيرة أيضًا تنساب منها جداول ومشاعر الرجل، فلا فارق لديَّ بينهما، حين أتحدث عنهما أو أسبر أغوار نفوسهما.جمال البساطة* تتسم نصوصك بالوضوح والمباشرة وقلة الرموز.. لماذا؟- كلما كنت قريبًا من المتلقي وجدت منه التصاقا، فالكلمة الصادقة حين تخرج من القلب تمنح المساحات إخضرارًا مختلفًا، ربما هكذا كتاباتي لا أتعمد فيها الغموض والرموز؛ لأدعها تصافح النفس البشرية كما تحتاج، وحيث لا تحتاج إلى تعقيد، فأنا أجد في البساطة كل الجمال، وأجدها أرضية خصبة أحلق فيها بسعادة ويسر، فيشاركني قلمي تلك المتعة، فتنساب الكلمات لتكون شاهدًا على ما يحب ويراعي أن ينسج من نبض تبتهج به الزوايا، فهناك مَنْ يرغب في الوضوح، وهناك مَنْ يود الغموض، وهناك ممن يمزج بينهما، فكل كاتب له اتجاهه ورؤيته.لقاءات المثقفين* أنت أحد أكثر المبدعين مشاركة وإدارة للندوات، فكيف ترى فوائد هذه الندوات في الحركة الأدبية؟- حتما لها فوائد جمة، أولها تعريفك بالمبدعين واكتشاف عوالمهم، وتحريك ركود الساحة الثقافية، ومنح فرصة للمواهب لإظهار إبداعها، والالتقاء بالمثقفين من أطياف ودول مختلفة، والخروج بحصيلة مما يطرح في تلك الندوات، فحتما هذه الندوات تثري المبدع، وأنا من أكثر المؤيدين لاستمرار تلك الفعاليات والندوات والصالونات الأدبية. ضفاف النيل* تمتلك رصيدًا كبيرًا عند النقاد والأدباء المصريين.. كيف صنعت هذا الرصيد؟ - هذا أولًا من فضل الله عليّ، وثانيًا من خلال وجودي في مصر الحبيبة والالتقاء بالأدباء والمثقفين المصريين، ووجودي في الندوات والصالونات الأدبية لما يزيد على عقد من السنين منحني فرصة التوهج، وهذا رصيد يعني لي الكثير، فكتاباتي بنسبة 75 % كتبت بمصر على ضفاف النيل، فكل عام حينما أكون في مصر لا أتخلف عن ندوة أو دعوة توجه لي، ولذلك غمرني الأدباء والمثقفون بلطفهم ودعمهم المتواصل، ما أشعل في آفاقي كل ألوان التوهج والأنس.
مشاركة :