باريس تقف إلى جانب واشنطن وتحض طهران على «الخطوة الأولى»

  • 1/27/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

منذ ما قبل وصوله إلى البيت الأبيض، كشف الرئيس الأميركي الجديد عن رغبته في إعادة بلاده إلى الاتفاق النووي مع إيران الذي خرجت منه في ربيع عام 2018، عادّاً أن قرار سلفه كان «خاطئاً»؛ والدليل أن طهران عادت لتخصب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، وأنها تراكم كميات المخصب منه، وتستخدم طاردات مركزية حديثة؛ لا بل إنها تعمل على إنتاج معدن اليورانيوم المستخدم في تصنيع القنبلة النووية. واشترط الرئيس جو بايدن؛ وهو ما كرره وزير الخارجية المعيّن أنطوني بلينكن أمام مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، أن تعود طهران لاحترام التزاماتها التي تخلت عنها تدريجياً وبشكل تصاعدي في الأشهر الأخيرة.بيد أن إشكالية جديدة طفت على السطح وتتناول هوية الجهة التي يتعين عليها أن تخطو الخطوة الأولى: هل يتعين على طهران أن تتراجع عن انتهاكاتها للاتفاق النووي لتشجيع الولايات المتحدة على العودة إلى الاتفاق، ورفع العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب بدءاً من مايو (أيار) 2018؟ أم إنه يعود لواشنطن أن تقلب صفحة سياسة الرئيس ترمب وأن تضع حداً للعقوبات وتعود للاتفاق؛ الأمر الذي سيشجع الطرف الإيراني على التراجع عن تحلله من الاتفاق؟ وذهب المسؤولون الإيرانيون أبعد من ذلك عندما أكدوا أن ما يعنيهم هو ملف العقوبات وأنهم «ليسوا متعجلين» عودة واشنطن إلى الاتفاق؛ لا بل إنهم يرون أنه «لا حاجة لمفاوضات»؛ يريدها الطرف الأميركي، بالنسبة للملف النووي وتتماته لما بعد عام 2025، ولا بالنسبة للبرامج الصاروخية - الباليستية الإيرانية التي هي «خارج الجدل والتفاوض»، ولا بالنسبة لسياسة طهران الإقليمية باعتبار أن إيران، كما يرى مسؤولوها، هي التي «تحافظ على الأمن والاستقرار في الخليج».في هذا الجدل، تسعى طهران للعثور على داعمين لمقاربتها. وإذا كانت قد استمالت روسيا، وفق ما ظهر من تصريحات وزير خارجيتها سيرغي لافروف أمس، إلا إنها ستكون عاجزة عن استمالة الأطراف الأوروبية الثلاثة؛ فرنسا وبريطانيا وألمانيا، خصوصاً باريس.ففي حديثه إلى الصحافة الدبلوماسية، أمس، عبر مصدر رئاسي عن موقف فرنسي واضح وصارم، وبدا جلياً أن باريس تتبنى المقاربة الأميركية. وما يعطي هذه التصريحات أهمية إضافية أنها جاءت بعد يومين على الاتصال الهاتفي المطول بين الرئيسين ماكرون وبايدن، وفيه تأكيد الطرفين على «رغبتهما في العمل معاً، خصوصاً في الملف النووي الإيراني، والملف اللبناني».وبحسب المصدر الرئاسي الفرنسي، فإنه يتعين على الإيرانيين «إن كانوا جديين بشأن المفاوضات وإن أرادوا التزام جميع الأطراف المعنية بالاتفاق، أن يمتنعوا أولاً عن القيام باستفزازات أخرى، وثانياً أن يحترموا مجدداً ما توقفت (طهران) عن احترامه؛ أي التزاماتها». وبصريح العبارة، فإن باريس تعدّ أن فرصة إيران في أن ترى واشنطن مجدداً طرفاً في الاتفاق النووي، هي أن تخطو الخطوة الأولى التي لها شقان: الأول؛ أن تضع حداً لمبادراتها التي تصفها بـ«الاستفزازية»، وهي تشير بذلك تحديداً إلى الارتقاء بالتخصيب إلى مستوى 20 في المائة وإطلاق السعي لإنتاج اليورانيوم المعدني وتنفيذ تهديدها بمنع الوكالة الدولية للطاقة النووية من القيام بعمليات تفتيش بموجب «البروتوكول الإضافي»؛ لا بل إخراجها من الأراضي الإيرانية.والشق الثاني عنوانه التراجع عما قامت به في الأشهر الـ18 المنقضية. وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان قد قرع الأسبوع الماضي ناقوس الخطر وحذر بأن إيران بصد «امتلاك قدرات نووية» وبالتالي لم يعد هناك متسع لهدر الوقت.لا شك في أن باريس، في الأشهر التي انقضت منذ خروج واشنطن من الاتفاق، الأكثر اندفاعاً في السعي للمحافظة عليه والسعي لتمكين إيران من الالتفاف على العقوبات الأميركية. إلا إنه في الأسابيع الأخيرة، التزمت موقفاً متشدداً من طهران، ويبدو أنها تريد لعب دور «حارس الهيكل» بحيث لا تكون ثمة فسحة لليونة أميركية «زائدة» إزاء إيران، وتحاشي التخلي عن الأوراق الضاغطة على المفاوض الإيراني، وعدم التخلي عن الهدفين الإضافيين اللذين هما «لجم» البرنامج الباليستي الإيراني، ودفع طهران لتغيير أداء سياستها في الإقليم.وفي المنظور الفرنسي، فإن المفاوضات عندما تنطلق ستكون «بالغة الصعوبة»، خصوصاً إزاء رفض طهران إعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي أو استكماله باتفاق إضافي، أو بشأن الملفين الآخرين. وبحسب باريس، فإن اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في إيران يفتح الباب لكل أنواع المزايدات. من هنا؛ فإن هناك «نافذة» للتحرك فيما بين 3 و4 أشهر، بعدها ستصبح الأمور أكثر تعقيداً. لكن المشكلة أن «اتفاق فيينا 2015» استغرق التفاوض بشأنه 10 سنوات، فهل ستكون الأشهر القليلة المقبلة كافية زمنياً لبدء الخروج من عنق الزجاجة؟

مشاركة :