العملات الرقمية ملاذ الفقراء في أفريقيا

  • 1/27/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

باتت العملات الرقمية ملاذ العديد من الفقراء في كينيا لتفادي الاستغلال الاقتصادي، وذلك بالاستفادة من خدمة دفع ثمن الطعام والماء والمواد الصحية عبر الهاتف من خلال قسائم افتراضية للعائلات. نيروبي - تزايد الاعتماد على العملات الرقمية في محافظة نيروبي في كينيا حتى صارت وسيلة للدفع عبر الهاتف، ما يضمن للفقراء وصولهم للغذاء والمواد الصحية وتجنب الاستغلال الاقتصادي الذي يقوم به المحتالون. جلست غريس وانجاري على مقعد في متجرها في أحد الأحياء الفقيرة في نيروبي، وأخذت حفنة من الحبوب كانت طلبتها زبونة تنتظرها، وبينما كانت تضعها في حقيبة تسوق، كانت الزبونة تتصفح هاتفها لدفع ثمنها. وفي العادة، كان الدفع بالشيلينغ (العملة الكينية)، لكنها فضلت الطريقة الرقمية وتلقّت المال على هاتفها على الفور. وقالت “أنا سعيدة بهذه الصفقة لأنه لا يوجد خطر خسارة مخزوني لصالح المحتالين أو الأشخاص الذين أتوا لشراء البضائع عن طريق الائتمان”. وتمت الصفقة من خلال عملة مجتمعية تساعد الآلاف من سكان الأحياء الفقيرة الكينية على دفع ثمن الطعام والماء والمواد الصحية أثناء التباطؤ الاقتصادي. وأكد روي أودهيامبو، مسؤول الابتكار في جمعية الصليب الأحمر الكينية، إحدى المجموعات التي تقف وراء المشروع، أنه يتم إصدار قسائم افتراضية للعائلات بقيمة 400 شيلينغ كيني (4 دولارات) كل أسبوع، والتي يُمكنهم استخدامها لشراء السلع الأساسية. ويمكن للبائعين بعد ذلك إرسال القسائم إلى غراسروتس إيكونوميكس، وهي مؤسسة اجتماعية مقرها نيروبي شاركت في تطوير العملات الرقمية مع شركة بلوك ساينس الهندسية ومقرها الولايات المتحدة. وقال أودهيامبو إن أكثر من ثلث البائعين في المنطقة اشتركوا بالفعل في المشروع الذي تم إطلاقه في 2019 بهدف مساعدة العائلات في الحصول على الأساسيات اليومية دون القلق بشأن المال. وأشار إلى أن المشروع أصبح شريان حياة للعائلات التي تحاول التغلب على الآثار المالية للوباء. وأضاف أنتوني نجوكا، المنسق الميداني في غراسروتس إيكونوميكس، أن الآلاف من سكان الأحياء الفقيرة ومعظمهم من العمال الموسميين، فقدوا وظائفهم أثناء الوباء. ويمكن أن تساعد العملات الرقمية الكينيين الفقراء على تجنب الاستغلال الاقتصادي، كما قال نيلسون أوتشينغ، وهو ناشط حقوقي وأخصائي اجتماعي في كيبيرا، أكبر الأحياء الفقيرة في نيروبي. وتابع أوتشينغ “يمكن للعملات الرقمية تعزيز التجارة المحلية من خلال الاستفادة من الموارد التي تتجاهلها الشركات الرئيسية. كما أنها تزيد من مستويات الثقة بين أفراد المجتمعات المتعثرة”. وفي حي موكورو كايابا الفقير، الذي يبعد حوالي 9 كيلومترات عن وسط مدينة نيروبي، سجل حوالي 4 آلاف ساكن في الخدمة، وفقا لأودهيامبو. وأشار أودهيامبو إلى أن المنصة التي تم تطويرها بتمويل من مانحين حكوميين عالميين، يمكن أن تحقق ما يصل إلى مليون شيلينغ كيني في المتوسط في المعاملات اليومية. وأوضح أنه على عكس المساعدات النقدية التي يمكن إنفاقها على أي شيء، لا يمكن استخدام هذه العملات إلا لدفع ثمن الضروريات مثل الغذاء والإمدادات الصحية والموارد التعليمية. وأضاف أن جميع المعاملات شفافة ويتم تتبعها، مما يضمن أن الناس ينفقون الأموال على الضروريات فقط. وأشار إلى أن جمعية الهلال الأحمر تعمل مع الصليب الأحمر الدنماركي وإنوفيشن نورواي لطرح المنصة في جميع أنحاء كينيا. إصدار قسائم افتراضية للعائلات بقيمة 4 دولارات كل أسبوع يمكّن من شراء السلع الأساسية وقال أوتشينغ إن “مستغلّي الأوضاع المتردّية يرون أن المنصة تشكل تهديدا، ويعتمدون التلاعب السياسي والمالي لإبعاد الكينيين عنها. ويقوم المقرضون غير الرسميين بتجنيد الأشخاص لنشر شائعات تشوه الحقائق، وهو تكتيك نجح في خنق المشاريع الأخرى القائمة على العملات الرقمية في الماضي”. وأضاف أن “هدف المستغلين يكمن في تحويل الناس عن الابتكارات التي تساعدهم في الوصول إلى الخدمات الأساسية في الأحياء الفقيرة دون الحاجة إلى دفع فوائض”، مشيرا إلى أنهم يجتذبون العملاء بتقديم مبالغ أعلى بكثير مما يمكنهم الحصول عليه من خلال المنصة، مع أسعار فائدة باهظة. وقالت فيوليت مورايا، التي تبيع المياه في حي موكورو الفقير، إن المقرضين غير الرسميين يمكنهم تقديم قروض تصل إلى 10 مرات أكبر من تلك التي توفّرها المنصّة. وتابعت “عندما يواجه الناس حالات طارئة ويحتاجون إلى مبالغ ضخمة من المال، لا يمكنهم استخدام العملة الرقمية. لذا، يذهبون إلى المقرضين غير الرسميين للحصول على المساعدة وينتهي بهم الأمر محاصرين في عبودية مالية”. وقال أودهيامبو إن “جمعية الصليب الأحمر الكيني تدير حملات تثقيفية وتوعوية في المناطق التي تم فيها تنفيذ المشروع، لطمأنة المستخدمين بأن المنصة آمنة وعادلة”. وتابع “في البداية كانت هناك مقاومة بسبب الدعاية. لكن المجتمع قبِل هذه الصفقة غير النقدية لأنهم يعرفون أنها ليست نوعا من تسهيلات الرهان أو القرض”. وفي محل طعام، اصطف العملاء لطلب لفات الخبز المحمص بالبخار والدردشة حول مباراة كرة قدم في الدوري الإنجليزي الممتاز ومشاركة قصص مضحكة عن يومهم. وقال صاحب المحل إن العملة الرقمية ساعدت الناس في مجتمعه على تجنب التشرد أثناء الوباء من خلال السماح لهم بتوفير أموالهم. ويجتمع البعض لدفع إيجار بعضهم البعض من خلال جدول الخدمات المصرفية، وهو شكل من أشكال نظام الادخار أين تساهم مجموعة بمبلغ محدد من المال كل شهر ثم تستخدم هذه الأموال لمساعدة الأعضاء الذين يحتاجون إليها. وتقول جمعيات خيرية إن عمليات التشريد كانت منتشرة في أجزاء من شرق أفريقيا أثناء تفشي الوباء. ففي إحدى الحالات في مايو 2020، أفادت هيومن رايتس ووتش أن أكثر من 8 آلاف شخص يعيشون في حيَّين من نيروبي طردوا من منازلهم. وقال صاحب المحل “لكن لم تحدث أي عمليات تشريد في المناطق التي تستخدم فيها المجتمعات العملة الرقمية، لأن الجميع تمكنوا من دفع الإيجار في الوقت المحدد”.

مشاركة :