الشارقة في 28 يناير/ وام / نظم مجلس إرثي للحرف المعاصرة التابع لمؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة بالتعاون مع علامة "بولغري" الإيطالية للمجوهرات الفاخرة جلسة حوارية بعنوان "استدامة الفعل الثقافي من خلال التراث اللامادي والعمارة" وذلك ضمن سلسلة جلسات افتراضية ينظمها المجلس بهدف بحث ومناقشة ممارسات توثيق التراث الثقافي وتبادل المعارف المتعلقة به. شارك في الجلسة كل من معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة والشباب وسعادة ريم بن كرم مديرة مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة وجان - كريستوف بابان المدير التنفيذي لشركة "بولغري" ونورة الدبل مديرة إدارة برامج الفنون والثقافة في الهيئة الملكية السعودية ونورا السايح - هولتروب رئيسة الشؤون المعمارية في هيئة البحرين للثقافة والآثار وأدارت الجلسة فاطمة ديماس تنفيذي أول - أبحاث المشاريع والتوثيق بمجلس إرثي. وأكدت معالي نورة الكعبي أن دولة الإمارات تبذل جهودا كبيرة للحفاظ على تراثها الثقافي لضمان استدامته ونقله للأجيال القادمة وتعريف العالم على خصوصيته ورسالته من خلال مجموعة من المبادرات والسياسات والتشريعات حيث نجحنا في إدراج مجموعة من العناصر التراثية على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي التابعة لمنظمة اليونسكو ونعمل مع شركائنا محليا وعالميا على إدراج المزيد في السنوات المقبلة. وقالت إن الجميل في هذه التقاليد هو عملية الحفاظ عليها من خلال الممارسة الثقافية المتواصلة عوضا عن حصرها في المتاحف وتعد تجربة إرثي واحدة من الشواهد المميزة على هذه الجهود إذ لم يكتف بالحفاظ على تقاليد صناعة الحرف الإماراتية وإنما عمل على تعزيز الحوار بينها وبين التصميم المعاصر وقدمها بأسلوب جديد ومبتكر. من جانبها أكدت سعادة ريم بن كرم أن استراتيجية الشارقة تقوم على الاستثمار في رأس المال البشري لتعزيز البنية التحتية اللازمة والحفاظ على التراث .. مشيرة إلى أن مجلس إرثي نجح بتقديم رؤية الشارقة ودولة الإمارات من خلال الجمع بين العناصر التقليدية والمعاصرة التي تساعد في المحافظة على الهوية المتميزة للحرف الإماراتية مع تعزيز جاذبيتها على المستوى العالمي ودمجها في الحياة اليومية من خلال التعاون التجاري مع المصممين العالميين والحرفيات الإماراتيات. وقالت " في مجلس إرثي وضعنا منهجا شاملا ومتكاملا لتنظيم جهود الحفاظ على تراثنا المادي وغير المادي فعندما انطلقنا كانت معظم حرفياتنا من الفئة العمرية 50-65 عاما واليوم نجحنا في جذب حرفيات شابات بعمر الرابعة والعشرين وبتمكينهن اجتماعيا واقتصاديا". وأشارت إلى أن الطريقة الوحيدة لإحياء الحرف المميزة والنادرة هي تدريب الشباب وضمان مشاركتهم وتفاعلهم ولهذا يحرص مجلس إرثي على نقل المعرفة إلى الأجيال الناشئة حيث يتعاون المجلس مع المؤسسات الشقيقة والمنظمات المختلفة لدعم الشباب وتعزيز اهتمامهم في الحرف اليدوية التراثية بالإضافة إلى إطلاق برامج متخصصة مثل "مختبرات التصميم" لتمكين الشباب من تجربة مختلف أدوات الحرف والتصميم وممارساتها. وأكد جان- كريستوف بابان أن ضعف التركيز على المهارات اليدوية في الدول الغربية هو ما ألهم علامة بولغري لتأسيس "أكاديمية" خاصة تستقبل سنويا 120 شخصا موهوبا ممن لديهم شغف كبير بتعلم مهارات صناعة قطع فريدة من المجوهرات المصنوعة يدويا والتي تساعد في الحفاظ على التراث الثقافي. وتناولت نورة الدبل مكانة منطقة العلا وكنوزها الأثرية في البرنامج التراثي للمملكة العربية السعودية إذ تعد العلا متحفا حيا مفتوحا.. مشيرة إلى العمل على تطوير مشروع جديد في "مدرسة الديرة" وهي أول مدرسة للإناث في العلا تم التخلي عنها قبل 20 عاما تقريبا حيث ينضوي المشروع على ترميم المدرسة وتحويلها إلى مركز ثقافي يركز على تنمية مهارات الحرفيات في جميع الحرف مثل السيراميك وصناعة المجوهرات وأساسيات التصميم. وأضافت أن البرنامج ساعد الحرفيات المتقدمات بالسن على دمج العناصر والأساليب المعاصرة في الحرف التقليدية التي يمارسنها ما جذب انتباه المصممات الشابات ورواد مشاريع الضيافة والمشاريع التنموية الذين يدرسون إمكانية دمج هذه البرامج الثقافية مع المشاريع السياحية. وتوقفت نورا السايح - هولتروب عند مشاريع حفظ التراث في البحرين وعلى رأسها مشروع "مسار صيد اللؤلؤ" بالإضافة إلى دور العمارة في الجمع بين التراث المادي وغير المادي اللذين وصفتهما بأنهما "وجهان لعملة واحدة. وقالت إن مشروع مسار صيد اللؤلؤ هو تراث مادي نحاول المحافظة عليه وحمايته وجاء نتيجة لتراث غير مادي وهو مسار اقتصاد صيد اللؤلؤ وهذان الجانبان مترابطان بشكل وثيق والمباني التي نسعى لترميمها شاهد مادي حي على اقتصاد صيد اللؤلؤ الذي يمتد لآلاف السنين والذي يعد في معظمه تراثا غير مادي وللمحافظة عليه يتوجب علينا أن نفهم العناصر غير المادية وبشكل خاص قصص تلك المباني وكيف تم استخدامها والمهارات التي استخدمت في بنائها ومن بناها وكيف لأن هذه العملية تضمن عدم الإخلال بالعلاقات غير المادية التي تربط المجتمع المحلي بتلك المباني وبالمدينة. فيما أوضح جان- كريستوف بابان سبب شعور علامة "بولغري" الإيطالية التي تأسست قبل 136 عاما بأن من واجبها رد الجميل لمدينة روما والمساعدة في الحفاظ على معالمها الأثرية من خلال إتاحتها للجمهور. وقال " إننا في بولغري نؤمن بأن القيمة الحقيقية للتراث الثقافي تتمثل بمشاركته مع الجمهور وتمكين الزوار من الوصول إليه والتعرف عليه فعلى سبيل المثال تعمل بولغري على تمويل مشروع ترميم منطقة لارجو دي تور أرجنتينا بالتعاون مع مجلس بلدية روما ووزارة الفنون والثقافة في إيطاليا حيث يعود تاريخ هذا الموقع إلى القرن الرابع قبل الميلاد ويضم معابد ومسارح وهو الموقع الذي تم فيه اغتيال يوليوس قيصر وعلى الرغم من اكتشافه قبل حوالي 100 عام لم يتم إصلاحه وافتتاحه للزوار. وشدد بابان على أن مشروع الترميم الذي سيفتح أبوابه للزوار في النصف الثاني من العام الجاري يؤكد على أهمية الحفاظ على المواقع والأبنية التاريخية وحماية التراث الثقافي.
مشاركة :