تشهد قطاعات النقل بمملكة البحرين، بالرغم من الظروف الاستثنائية الناتجة عن جائحة كورونا، تطورا ملحوظا في تنفيذ خططها ومشروعاتها والبنى التحتية المساندة لها، وذلك بما يضمن رفع كفاءة شبكاتها ومرافقها والخدمات التي تقدمها تنفيذا للاستراتيجية الرامية إلى تعزيز قدرة وتنافسية هذه القطاعات، وزيادة إنتاجيتها كمحور مهم من محاور رؤية البحرين الاقتصادية 2030. ويأتي على رأس هذه المشروعات، توسعة مبنى المسافرين في مطار البحرين الدولي، الذي بدأ تشغيله اليوم الخميس، ويستوعب نحو 14 مليون مسافر سنويا، وهي أربعة أضعاف مبنى المسافرين القديم لتنتقل البحرين عبره إلى آفاق أكثر رحابة في خدمات قطاعات النقل عموما، والنقل والشحن الجوي بشكل خاص، سيما أنه تجري حاليا، وبالتزامن مع تدشين المبنى الجديد، أعمال تنفيذ مبنى آخر لمركز مراقبة الحركة الجوية. ويُنظر لمشروع المطار الجديد باعتباره فرصة استثمارية هائلة، وقادرا على أن يخلق بدوره فرصا متنوعة للأعمال، كما أنه سيفتح آفاقا واسعة أمام رأس المال الوطني، الذي تولي له المملكة أولوية خاصة في عملية التنمية وجذب التدفقات الاستثمارية. ونظرا لما تملكه البحرين من ميزات تنافسية كالانفتاح على سوق منطقة الخليج العربي ككل عبر جسر الملك فهد، وقرب هذا الأخير من ميناء المملكة البحري خلال مدة لا تزيد عن 30 دقيقة، وخلال 10 دقائق فقط من مطار البحرين، فإن مشروع مبنى المسافرين الجديد سيسهم مع غيره من قطاعات النقل الأخرى في زيادة إنتاجية قطاع اللوجستيات عموما ورفع مستوى كفاءتها. وتبدو أهمية قطاع اللوجستيات في المملكة مع تعاظم دوره في تخفيض كلفة الشحن والنقل وتسريعها، ومساهماته الجبارة في دفع القطاعات الاقتصادية الحيوية الأخرى التي تعول على كفاءته وفاعليته، لاسيما لجهة التصدير وإعادة التصدير، وقدرته على ربط مشروعات التنمية الاستراتيجية ببعضها البعض. وكانت المملكة قد أولت خلال السنوات الأخيرة اهتماما كبيرا بقطاعات النقل عموما، وتبنت عددا من المشاريع الاستراتيجية التي أسهمت ويتوقع أن تسهم في زيادة إنتاجيتها، من ذلك، تطوير قطاع النقل الجماعي منذ تدشينه التجريبي عام 2015، وزيادة عدد المستفيدين منه ونسبة تغطيته، إذ وصل عدد ركاب النقل العام خلال الفترة من فبراير 2015 إلى ديسمبر 2020 اكثر 52 مليون راكب، علاوة على تعيين ائتلاف من شركات فنية وقانونية ومالية في ديسمبر 2020 لتحديد تفاصيل المرحلة الأولى لتنفيذ مشروع مترو البحرين ليستوعب 43 ألف راكب في الساعة، كون ان جميع تلك المشاريع الاستراتيجية تستهدف تعزيز قطاعات النقل وزيادة قيمتها المضافة، كما تتواصل جهود البحث والدراسة في أفضل السبل الممكنة لإنشاء مشروع سكة الحديد بدول مجلس التعاون الخليجي، ووضع البرنامج الزمني المتوقع لعمليات تنفيذه. وكانت وزارة المواصلات والاتصالات بالتعاون مع إدارة المرور وشركات النقل قد أولت اهتماما خاصا بوسائل النقل البرية العاملة بالسوق المحلي، وصدَّرت العديد من القرارات التي استهدفت تطوير هذه الوسائل، بما يضمن النهوض بها وبدورها في عمليات النقل والشحن مع العمل على تحسين مستوى خدماتها المقدمة سواء للعاملين والموظفين أو السواح والطلاب والبضائع. ومن بين أبرز القرارات في هذا الشأن، تنظيم أنشطة النقل البري، وتنويع خدمات الأجرة، وكذلك تنظيم عملية تداول تراخيص سياراتها، بالإضافة إلى تسهيل عملية نقل ملكية مركبات النقل بين الشركات، والمرونة في تطبيق الأنظمة والقوانين، وذلك لتهيئة شركات النقل لأوضاعها، وبما يتوافق مع الأوضاع الاقتصادية الراهنة، فضلا عن القيام بالحملات الرقابية والتفتيشية التي تضمن التزام أصحاب النقليات بمعايير الأمن والجودة والسلامة، وهو الأمر ذاته بالنسبة لخدمات النقل البحري، فإضافة إلى إصدار لوائح الخدمات البحرية، وتنظيم ومنح تراخيص الشركات والأرصفة الخاصة التي تخدم قطاع السياحة وغيره، فقد احتفلت المملكة في ديسمبر 2019 بمرور 10 سنوات على تدشين ميناء خليفة بن سلمان الذي أسهم في تطوير حركة النقل من وإلى المملكة باعتباره شريانا تجاريا حيويا. إن نجاحات قطاعات النقل في المملكة، خاصة مع الافتتاح المرتقب لمبنى المسافرين بمطار البحرين، تمثل بداية انطلاقة جديدة نحو زيادة مستوى إنتاجية وتنافسية هذه القطاعات التي تتجه إليها غالبية دول المنطقة والعالم، وباتت تشكل جزءا لا يتجزأ من مشروعات البنية الأساسية، وتقود بدورها وتخدم بقية القطاعات الاقتصادية.
مشاركة :