المملكة الدولة الوحيدة التي حققت تقدماً اقتصادياً رغم تداعيات “كورونا”

  • 1/28/2021
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

شعلة علم أنارت واستنارت به، في كنف أسرة مهدت لها دروب النجاح، حيث اتخذت من تخصصها بالمجال الاقتصادي المحاسبي، معراجاً قادها للتبحر في قراءة أحوال الأسواق المالية، وأسواق النفط على وجه التحديد. الأكاديمية بقسم المالية والاقتصاد في كلية الأعمال بجامعة جدة خلود بنت إبراهيم مسعودي، طالبت في حوارها الذي خصت به (اليمامة) ومن واقع تخصصها العلمي الأكاديمي، بمنح القطاع الخاص مزيداً من الشفافية والتمكين، وتوفير المناخ الأكثر جذباً للاستثمار، مؤكدة على أن بلادنا خطت خطوات شجاعة لجذب المستثمر الأجنبي، مع تأكيدها على دور البنوك المهم في تنمية وتنويع الاقتصاد. كما أكدت على أن تداعيات فيروس كورونا طالت غالبية الدول العربية المصدرة والمستوردة للنفط على حدٍ سواء.. وقضايا أخرى تطرقت إليها الضيفة عبر هذا الحوار. * من واقع تخصصكِ الدقيق في المجال المحاسبي المالي.. أنشأت المملكة العربية السعودية نظاماً مالياً قوياً خلال العقدين الماضيين، حرصت فيه على بناء مؤسسات مالية قوية، ورفع كفاءة السوق المالي.. ما مدى قدرة هذه المؤسسات في تحقيق رؤية المملكة القائمة على بناء قاعدة صناعية متنوعة، تدعم نمو الصناعة التحويلية فيها؟. - عندما نتحدث عن المؤسسات المالية يتم التركيز على البنوك بالذات باعتبارها لاعباً مهماً في الاقتصاد. فقد لعبت البنوك وما زالت تلعب دوراً مهماً في قطاع التمويل سواء تمويل قطاع الأعمال أو المستهلكين والشركات الصغيرة والمتوسطة (إضافة بيانات الإقراض للقطاع أو نسب النمو خلال العشر سنوات بما في ذلك بيانات تمويل الأنشطة الاقتصادية) بالإضافة إلى تمويل القطاع الحكومي عبر شراء السندات الحكومية (بيانات). ولا شك أن دور القطاع المالي ككل سيظل مهماً لتمويل الأنشطة الاقتصادية ونعول مستقبلاً على دور أفضل للتمويل عبر إصدار أدوات الدين الخاص (صكوك وسندات.) فيما يتعلق بالرؤية تحديداً، يبقى للبنوك دورها المهم في تنمية وتنويع الاقتصاد – وهو من الأهداف الاستراتيجية للرؤية – من خلال تمكين هذه المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص والذي ما زال يحتاج للمزيد من الجهود والتنسيق بين البرامج والمبادرات الحكومية والخاصة، خاصة فيما يتعلق بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة التي نتطلع أن تسهم أكثر في الناتج المحلي، وتوفير فرص عمل أكبر، والذي حتماً سينعكس إيجاباً على اقتصاد الدولة. * هل يمكن القول، إن السوق المالية السعودية - بما لديها من إمكانات-، قادرة على أن تكون سوقاً مالية تدار من خلالها الأصول العالمية، استناداً للتطورات الاقتصادية والمالية للمملكة، والتي منحتها الفرصة كي تصبح عاشر أكبر بيئة استثمارية على مستوى العالم، خصوصاً بعد دخولها بوابة المؤشرات العالمية؟. - أعتقد أن سوق رأس المال في المملكة وبالذات الأسهم تعد متطورة جداً تشغيليًا واداءً وتضاهي الكثير من الأسواق العالمية. واستمرار تطورها يعتمد على استمرار مقومات النمو الاقتصادي المحلي. وأعتقد أن انضمام السوق للمؤشرات العالمية مثل فوتسي راسل (FTSE Russell)و إس أند بي داو جونز (S&P DJI) أضفى عوامل دعم جيدة للسوق تخدمه وتخدم الاقتصاد المحلي وسمعته. وكما صرح معالي رئيس هيئة السوق المالية الأستاذ محمد القويز “إن 2019 عام مفصلي للسوق السعودية؛ وذلك لتنوع المستثمرين بعد أن كان يقتصر على المستثمر المحلي فقط. إضافة إلى ذلك تحتل السوق المالية السعودية “تداول” المرتبة 24 كأكبر سوق للأوراق المالية بين 67 عضواً في الاتحاد العالمي للبورصات، والمرتبة السابعة بين الأسواق الناشئة، وأكبر سوق على مستوى الخليج. أما من الناحية التشغيلية، فأتفق بأن لديها القدرة ولكن لتعزيز الجاذبية نحتاج للمزيد من العمل على تعزيز مقومات السوق المالية بما في ذلك توفير المزيد من الأدوات (أدوات الدخل الثابت والمشتقات) وتعزير مقومات الاقتصاد الكلي عبر زيادة الشفافية واستقرار السياسات الكلية. كما أحب أن أنوه بأن السوق المالية السعودية “تداول” قد أعلنت عن إطلاق سوق المشتقات في 30 أغسطس 2020م، وصرحت بأن أول منتج “العقود المستقبلية للمؤشرات”. وبالتأكيد فإن وجود أدوات تمكن المستثمر من إدارة التحوط من المخاطر في السوق سيحفز المستثمرين على حمل الأسهم لمدة أطول. أضف إلى ذلك، أنه وفي نفس التاريخ المذكور آنفا تم انطلاق عمليات شركة مركز مقاصة الأوراق المالية والذي يسعى إلى دعم تطوير السوق عن طريق تحسين البنية التحتية لعمليات ما بعد التداول، وتعزيز الكفاءة التشغيلية للسوق. * ما أهم التحديات التي تحول دون تحقيق رؤية 2030 واقعاً معاشاً كما خطط لها؟. - الرؤية ذات أهداف طموحة جداً. ومستهدفاتها تركز على النهوض باقتصاد الوطن وخدمة المواطن ومن أهم التحديات التي تواجهها تقلبات أسعار النفط. لذا فإن الهم الأكبر والمتطلب الأهم هنا بدء العمل على التنوع الاقتصادي مثل بناء عدد من الصناعات وقطاع الخدمات من خلال استغلال الموارد المالية والبشرية المتاحة في المملكة. كذلك من التحديات، تحويل الرؤية إلى برامج عملية على أرض الواقع ووفق جداول زمنية محددة مع مراعات الأولويات. وأنا أؤمن بأن لدينا نخب سعودية قادرة بإذن الله على تحويل الرؤية إلى واقع نعيشه وتعيشه الأجيال القادمة. أضف إلى ذلك، غياب بعض المؤشرات الاقتصادية الهامة والتفاصيل المتعلقة بحجم ومعدلات الاستثمار السنوية المراد توظيفها، والاستثمارات غير النفطية وغيرها يزيد من صعوبة إجراء تقييم أولي على الأقل للرؤية، لأن التقييم يحتاج لمقارنة بين ما هو مخطط له، وما تم إنجازه على أرض الواقع. تحسن الأوضاع الأمنية في المنطقة وانتهاء الحرب في اليمن بأسرع ما يمكن من شأنه أن يخلق مزيداً من الاستقرار والثقة في الرؤية. * لتحقيق رؤية شجاعة.. ألا ترين ضرورة أن تفتح المملكة آفاقها للتجارة الحرة والاستثمار والزائرين الأجانب ولمعايير عالمية من التصرف، كالشفافية والقوانين التي تستجذب المستثمر الأجنبي؟. - لا شك أن المملكة خطت في هذا المجال خطوات شجاعة ولا أحد يستطيع أن يتجاهل ذلك من تشريعات، وقوانين، وتطورات ملموسة في التعاملات الحكومية، بالإضافة للمشاريع الاستثمارية العملاقة، مثل: (مدينة نيوم، أمالا، برج جدة، مشروع البحر الأحمر، القدية وغيرها)، أضف إلى ذلك تمكين المرأة بشكل عام في السعودية. جميعها عوامل حيوية تزيد من فرص جذب الاستثمار الأجنبي. وأتفق أن المزيد من الشفافية، وتمكين القطاع الخاص بشكل أكبر وتوفير مناخ أكثر جذباً للاستثمار يظل أمراً مطلوباً. * هل هذه الإجراءات ترى أنها جاذبة للمستثمر الأجنبي في ظل الوضع الاقتصادي الذي نعيشه اليوم؟. - أعتقد أننا بمستوى الطموحات المرسومة في رؤية المملكة، ونحتاج المزيد من العمل والتطوير وبشكل مستمر بما في ذلك تطوير الأنظمة والقوانين والشفافية. وهناك بعض المؤشرات التي تدعم التطورات الماثلة أمامنا بما فيها مؤشر التنافسية حيث تقدمت المملكة من المرتبة 26 إلى المرتبة 24 في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، وذلك من بين 63 دولة هي الأكثر تنافسية في العالم، وشخصياً أعتبر ذلك إنجازاً كبيراً على الرغم من الظروف الاقتصادية القاهرة الناتجة عن آثار جائحة كورونا. كما أثبت التقرير الصادر عن مركز التنافسية العالمي أن المملكة تعد الدولة الوحيدة التي حققت تقدماً على مستوى الشرق الأوسط. وهذا يدل على وجود إصلاحات حقيقية في الأداء الاقتصادي، والكفاءة الحكومية، وكفاءة الأعمال في القطاع الخاص، بالإضافة للبنية التحتية للمملكة حيث تعد هذه أهم المحاور التي تقاس بها التنافسية. * برأيك ما حجم التأثير الذي تركه انخفاض أسعار النفط على دول منطقة الخليج العربي، والدول العربية إجمالاً؟. - من المؤكد أن هبوط أسعار النفط بأكثر من 50 % كان له أثر ضاغط على جميع الدول المصدرة، ولكن ولله الحمد لم يستمر هذا الانخفاض طويلاً، حيث بدأت الأسعار في التعافي شيئاً فشيئاً. ونتمنى ألا تكون ردود فعل السياسات لدينا ذات أجل قصير؛ لأن تغيرات أسعار النفط دورية، والسياسات يفضل أن تتسم بالثبات. وهنا لعلي أُذكر بأهمية التنوع الاقتصادي وحث السير فيه. ولا يخفى على الجميع بأن الجائحة تسببت في حدوث اضطرابات حادة في التجارة العالمية ككل، حيث أدى هذا التباطؤ في النشاط العالمي في مختلف القطاعات لقلة الطلب على النفط. ولكن دولة بحجم المملكة لديها صناديق سيادية كونتها من فوائضها المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط في سنوات سابقة، ستفيد المملكة كثيراً في هذه الأزمة. وللتفصيل في هذا الشأن، فإنه بحسب صندوق النقد العربي “أنه بحكم العلاقات التجارية القوية بين الدول العربية وباقي دول العالم وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي والصين وانكشاف الدول العربية على الاقتصاد العالمي أكثر من غيرها من مجموعات الدول الأخرى، سوف تطال تداعيات فيروس كورونا غالبية الدول العربية المصدرة والمستوردة للنفط على حدٍ سواء” . * في الوقت الذي يقلل فيه بعض وزراء النفط العرب، من تداعيات هبوط أسعار النفط، نجد في المقابل خبراء اقتصاديون يتحدثون عن صعوبة استقرار الأسعار.. بماذا نفسر هذا التناقض؟. - أسواق النفط تعتمد على أساسيات السوق، وتتأثر بالعوامل الجيوسياسة وتطور بدائل النفط خاصة في ظل الضغط نحو المزيد من العمل على مواجهة التغير المناخي. والحقيقة من الصعب قراءة المتغيرات بشكل واضح حتى من المتخصصين أنفسهم. * خفض الإنتاج عبر الأوبك، هل بالضرورة أن يفضي مباشرة لرفع الأسعار، كما كان هذا دارجاً في الثمانينات والتسعينات؟، أم أن الأمر تغير؟. - بلغ إنتاج أوبك من النفط الخام 84.27 مليون برميل في فبراير 2020 بانخفاض 510 برميل يومياً عن يناير 2020 ويعتبر أقل مستوى إنتاج خلال الخمس سنوات الماضية. بالطبع الوضع في ليبيا، سوريا، والعراق له تأثيره على سوق النفط العالمي، والعقوبات على إيران كذل أسهمت في خفض الإنتاج ولكن أيضاً هناك التزام للدول العربية باتفاق أوبك لتخفيض الإنتاج من أجل ضمان توازن السوق.

مشاركة :