ردت السلطة الفلسطينية على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المتعلقة باستعداده للذهاب إلى رام الله ولقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، برفض الاقتراح واعتباره مجرد أحاديث علاقات عامة. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، إن «حديث نتنياهو مجرد علاقات عامة فارغ المضمون». وأضاف عريقات في حديث للإذاعة الرسمية: «ما قاله نتنياهو فارغ المضمون، لرئيس حكومة مستوطنين، رفضت الإفراج عن الأسرى القدامى، وتنكرت لكل الاتفاقيات الموقعة». وتابع: «نتنياهو يعمل على تدمير خيار حل الدولتين، ويواصل الاستيطان بزيادة شهرية تقدر بـ18 في المائة عن الشهر الذي يسبقه، ويصر على بقاء القدس واللاجئين خارج المفاوضات، ويريد إبقاء جيشه على طول نهر الأردن وفي الجبال الوسطى». وأكد أن نتنياهو «يعمل على تكريس استراتيجية سلطة من دون سلطة، واحتلال من دون كلفة، وإبقاء قطاع غزة خارج الإطار الفلسطيني». وتساءل عريقات: «عن أي سلام يتحدث نتنياهو؟». وشدد على أن إيقاف الاستيطان، وإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى، وقبول ترسيم الحدود على أساس حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، هي مفتاح أي عملية سياسية. وكان نتنياهو، الذي التقى مساء أول من أمس، وفدًا من حركة «نساء يصنعن السلام»؛ قد قال لهن: «ليس لدي أي شرط مسبق للمفاوضات، أنا مستعد الآن أن أذهب إلى رام الله، أو إلى أي مكان آخر للتفاوض بشكل مباشر ومن دون شروط مسبقة»، وأضاف: «نريد التفاوض مع الفلسطينيين. الحل هو دولتان لشعبين.. دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي. إن كنتن ترغبن في لقاء الرئيس أبو مازن، يمكنكن إخباره بأنني مستعد للقائه، ويمكنكن سؤاله إن كان مستعدًا للقائي». وجاء حديث نتنياهو بعد ساعات من تسريب أنباء على نية عباس الاستقالة تدريجيا من مناصبه. وقالت مصادر إسرائيلية إنه بعد فترة من اللامبالاة في إسرائيل، حول توجهات عباس، يبدو أن رسالته وصلت أخيرا. وتزامنت تصريحات نتنياهو مع أخرى مثيرة للاهتمام، جاءت على لسان منسق أعمال الحكومة في الضفة الغربية، الجنرال يوأف (بولي مردخاي)، الذي نفى عقد أي مفاوضات، مباشرة أو غير مباشرة، مع حركة حماس، قائلا، إن «إسرائيل تنسق فقط مع السلطة الفلسطينية وليس مع جهات أخرى». واتهم مردخاي حركة حماس، بتأخير إعادة إعمار غزة. ويبدو أن المسؤولين الإسرائيليين يريدون إرسال إشارات لعباس من شأنها أن تشجعه على البقاء. وتقدر جهات أمنية إسرائيلية أنه ليس هناك من بديل مناسب لمحمود عباس. لكن ليس كل المسؤولين الإسرائيليين أخذوا توجهات عباس على محمل الجد. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي السابق، عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان: «يمكننا فقط أن نأمل بأن تتحقّق تهديدات الاستقالة الخاصة بعباس، لأنه العقبة الكبرى أمام الاتفاق الدائم والتعايش بين إسرائيل والفلسطينيين». مضيفا: «مع الأسف، سمعنا تهديدات أبو مازن بالتقاعد مرات كثيرة، ولكنه لا يزال معنا». وكان عباس أبلغ رفاقه في اللجنتين المركزية لحركة فتح، والتنفيذية لمنظمة التحرير، أنه ينوي ترك مناصبه تباعا لكن من دون أن يترك أي فراغ سياسي. وأصر عباس، على عدم ترشيح نفسه لرئاسة اللجنة التنفيذية للمنظمة، في اجتماع المجلس الوطني منتصف الشهر الحالي. ولا يزال الجدل قائما على الساحة الفلسطينية بشأن هذا الاجتماع الذي وافقت عليه فصائل منظمة التحرير ورفضته حركتا حماس والجهاد والإسلامي. وأكدت اللجنة التنفيذية للمنظمة على ضرورة إنجاح الدورة العادية للمجلس الوطني الفلسطيني، التي قامت رئاسة المجلس بتوجيه الدعوات لعقدها يومي 14 و15 سبتمبر (أيلول) الحالي، وبجدول الأعمال الذي يشمل تعميق الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام، ورفض كل المشاريع المشبوهة الهادفة إلى فصل قطاع غزة عن دولة فلسطين، من خلال ما يسمى الهدنة طويلة الأمد، والدولة ذات الحدود المؤقتة، وتنفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني الصادرة في 2015 والرامية لتحديد العلاقات الأمنية والاقتصادية والسياسية مع سلطة الاحتلال (إسرائيل)، وذلك في ضوء تنكر الحكومة الإسرائيلية لالتزاماتها كافة، ورفضها وقف الاستيطان والإفراج عن الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل أوسلو، والرفض المستمر لترسيم حدود الدولتين على خط الرابع من يونيو (حزيران) 1967. وقالت حركة حماس، أمس، إن عقد جلسة المجلس الوطني الفلسطيني بطريقة منفردة وبشكل يتجاوز جميع الاتفاقيات الوطنية، يشكل «خطوة عملية لشطب جميع الاتفاقات الوطنية وتمزيق الصف الفلسطيني». وعدت الحركة في بيان لها «إصرار محمود عباس على ذلك يمثل عمليًا شطب الاتفاقات الوطنية، وتمزيق الصف الوطني، وتشكيل المنظمة وفق مقاسات عباس الشخصية والحزبية». ودعت الحركة «الفصائل الفلسطينية وأعضاء المجلس الوطني إلى مقاطعة اجتماعات المجلس لقطع الطريق أمام هذه السياسات العبثية». وحذر القيادي في الحركة، أسامة حمدان، من أن انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني بصيغته الحالية، في ظل غياب قوى فلسطينية أساسية عنه، سينتج «مجلسا لا يعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني». ودعا حمدان الفلسطينيين إلى «الحؤول دون انعقاد المجلس الوطني بصورته الراهنة»، قائلا: «عقد المجلس الوطني بالطريقة المطروحة حاليا، وبهذه الخلفية، يشبه حالة اللص الذي سرق شيئا ويريد أن يحتفظ به بعد أن أدرك أن أصحابه يريدون استعادته». وأضاف حمدان: «في اتفاق المصالحة وضعنا قواعد لاستعادة الشعب الفلسطيني منظمة التحرير كإطار شامل للجميع، لكن للأسف، البعض لا يريد ذلك، وعلى هذا الأساس جرى التحايل من أجل الدعوة لانعقاد هذا المجلس، ولذلك فإن ما سينشأ عن هذا المجلس في ظل غياب قوى فلسطينية أساسية، لن تكون نتائجه معبرة عن إرادة الشعب الفلسطيني»، كما قال. وتابع: «المطلوب فلسطينيا هو دعوة الشعب لانتخاب مجلس وطني يكون معبرا عن إرادته، وذلك ضمن الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بين القوى الفلسطينية».
مشاركة :