أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق في مؤتمر صحافي عقده أمس أن «أي احتلال أو اعتداء على مؤسسة عامة سوف يتم حسمه من اللحظة الأولى تحت سقف القانون، وبالقوة إذا لم يستجب المعتصمون». وأقر أنّه حصل «يوم 22 أغسطس إفراط في استخدام القوة خلال التظاهرة، لكن هذا الإفراط لديه مسببات ومبررات تتعلق بالساحة التي حصلت فيها الأمور»، لافتا إلى أنّه «قد رميت قنابل مسيلة للدموع واستخدم الرصاص المطاطي، لكن النار أطلق في الهواء وليس على المتظاهرين، وأشرطة الفيديو موجودة وتم تحديد من أطلق النار بالهواء». وقال وائل عبد الله، الناشط في حملة «بدنا نحاسب» التي نظمت مساء أمس مظاهرة في وسط بيروت للاعتراض على قمع المتظاهرين بالقوة في وزارة البيئة يوم الثلاثاء الماضي، إنّهم ماضون بتحركاتهم بمواجهة الفساد بكل أشكاله، مشددا على «عدم إمكانية صد غضب الناس الذي قد يتجلى بتحركات فجائية أو غيرها من الخطوات». وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نعلم تماما أن الطريق طويل في الصراع مع هذه السلطة الفاسدة، ولكن ما دام الشعب يسير معنا يدا بيد، فنحن على يقين من أننا سننتصر في النهاية رغم كل الصعوبات». وعلى وقع التحركات الشعبية التي من المرجح أن تتخذ طابعا «فجائيا» لضمان تحقيق أهدافها، أرجأ رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس الأربعاء جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية للمرة الـ28 على التوالي إلى نهاية الشهر الحالي لعدم اكتمال النصاب القانوني، فيما انطلقت الاستعدادات الرسمية لعقد طاولة الحوار التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في 9 سبتمبر (أيلول) الحالي، على أن تُعقد في حرم مجلس النواب وتضم 17 عضوا معظمهم من قادة ورؤساء الكتل النيابية. وبرزت في الساعات الماضية مخاوف من إمكانية تحول هذه الطاولة إلى اجتماع يضم قيادات الصف الثاني باعتبار أن أمين عام حزب الله حسن نصر الله لن يكون حاضرا، وسينتدب على الأرجح وكما في الطاولة السابقة للحوار رئيس كتلة حزب الله النيابية النائب محمد رعد ليحل مكانه. وعلى الرغم من الوعد الذي قطعه زعيم «تيار المستقبل» للرئيس بري بمحاولة المجيء إلى لبنان للمشاركة شخصيا في الحوار، فإن المؤشرات الحالية لا توحي بوجود قرار لدى الرئيس سعد الحريري بإنهاء مرحلة وجوده خارج البلاد لأسباب أمنية. ولن يكون مستبعدا أن ينتدب رئيس حزب «القوات» سمير جعجع النائب جورج عدوان لتمثيله في الطاولة، نظرا إلى الاحتياطات الأمنية الكبيرة التي يتخذها خوفا من اغتياله. وبذلك ستقتصر الطاولة على وجود 4 فقط من الزعماء اللبنانيين وهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، رئيس حزب الكتائب أمين الجميل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، هذا إذا لم يقرر أحدهم تخفيض مستوى التمثيل نظرا لغياب قيادات أخرى. وعدّت مصادر رئيس المجلس النيابي أن السيناريو السابق ذكره مطروح.. «ففي حال أرادوا الاستخفاف بهذه المحاولة الإنقاذية التي يقوم بها الرئيس بري فسيتحملون عندها كامل مسؤولية أي تدهور إضافي تشهده البلاد»، وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «الكرة حاليا في ملعب الفرقاء المدعوين لتلبية نداء الاستغاثة الذي أطلقناه لإنقاذ البلد الذي يتعثر وينحدر يوما بعد يوم إلى المجهول بسبب تآكل المؤسسات وانهيارها تباعا». وعلى الرغم من الإيجابية التي أبداها الحريري غداة دعوة بري الحوارية، وإعلان حزب «الكتائب» موافقته على المشاركة بالحوار، فإن قوى «14 آذار» لا تزال تقوم بمشاورات لاتخاذ موقف موحد من هذه الطاولة، وهو ما عبّرت عنه الأمانة العامة لقوى «14 آذار» في اجتماعها الأسبوعي، لافتة إلى أن هذه القوى لم تقرر مجتمعة حتى هذه اللحظة المشاركة في طاولة الحوار، «لأن حزب القوات اللبنانية لم يتخذ قراره بعد وهو سيقول كلمته في الوقت المناسب». وقال نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان إن حزبه سيتخذ قراره النهائي بهذا الخصوص خلال 48 ساعة، مشيرا إلى أن مشاركتهم تتوقف على أجوبة عن أكثر من سؤال في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية وبالضمانات التي تؤكد ما إذا كان هذا الحوار سيكون مختلفا عن الحوارات السابقة. وأوضح عدوان في مؤتمر صحافي أن هناك «سلسلة اتصالات سنجريها مع كل الفرقاء، وسأبدأ بلقاء مع الرئيس فؤاد السنيورة لنعرف توجه تيار المستقبل، كما هناك لقاءات أخرى لمعرفة كيف سيتعاطى كل فريق مع هذه الأمور». ونقل عدد من النواب عن الرئيس بري، تأكيده، أن «الحوار بات ضرورة ملحة على أكثر من صعيد»، مشددا على أنه «على اللبنانيين جميعا أن يأخذوا في الاعتبار هذا الواقع في المنطقة المفتوح على كل الاحتمالات؛ إذ إن المرحلة المقبلة لا تزال تؤشر لاستمرار الاشتباكات والتجاذبات على المستوى الإقليمي، لذلك على اللبنانيين أن ينصرفوا جميعا إلى حماية بلدهم وتحصينه من الحرائق الكثيرة المحيطة بلبنان». وأعرب بري عن أمله في أن «تتجاوب جميع الأطراف ليكون الحوار منتجا ويصل إلى قرارات عملية»، مشيرا إلى أن «الحوار اليوم يختلف عن حوار عام 2006 في المضمون، ففي الحوار السابق كانت القضايا المدرجة على جدول الأعمال ذات طابع خارجي، وبالتالي كانت تخضع من حيث التنفيذ لاعتبارات تتجاوز اللبنانيين، أما حوار اليوم فمحصور بالقضايا الداخلية، وبالتالي يمكن في حال حصل اتفاق حولها أن تأخذ طريقها إلى التنفيذ بالإرادة اللبنانية». ويبحث الحوار المرتقب 7 ملفات حصرا هي: رئاسة الجمهورية، وعمل مجلس النواب، وعمل الحكومة، واللامركزية الإدارية، وقانون الانتخابات النيابية، وقانون استعادة الجنسية للمغتربين، ودعم الجيش والقوى الأمنية. ونُقل عن بري جهوزيته لتحويل طاولة الحوار إلى ورشة عمل دائمة بحيث يمكن الدعوة إلى جلسة صباحية وأخرى مسائية إذا وافق المشاركون، مؤكدا أنّه قد يؤمن منامة لمن يريد من المتحاورين. وسلّم موفد عن بري رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان، أمس، دعوة للمشاركة في الحوار، وأكد الأخير أنه سيحمل في جعبته إلى طاولة المفاوضات، الدعوة لعقد المؤتمر التأسيسي «لأن الوطن بات في حاجة ملحة لإعادة هيكلية بنائه وإلا سنذهب أكثر إلى التورط في الأمور الإقليمية والدولية». في هذا الوقت نشطت التحضيرات للمظاهرة التي يعد لها المجتمع المدني بالتزامن مع انعقاد الطاولة الحوارية في 9 سبتمبر الحالي. وقد دعت هيئة التنسيق النقابية للإضراب والاعتصام في اليوم المحدد أعلاه لمطالبة المتحاورين بالقضايا الحياتية. وفي حين كشفت مصادر معنية بالحراك الشعبي إمكانية لجوئها إلى خطوات فجائية تسبق المظاهرة الحاشدة يوم الأربعاء المقبل، لفت ادعاء مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني حلمي الحجار، على 22 موقوفا في أحداث «الشغب» التي حصلت بعد انفضاض مظاهرة 29 أغسطس (آب) الماضي بجرم «الاندساس في تظاهرة سلمية وتشكيل تجمعات شغب». ولفت الادعاء إلى أن الموقوفين «أقدموا على رشق القوى الأمنية بالحجارة وعبوات مولوتوف وأدوات حادة، ما أدى إلى جرح عدد من العسكريين وإحداث تخريب في ممتلكات عامة وخاصة والعتاد العسكري»، مشيرا إلى أن التحقيق استند إلى صور لكل من الموقوفين خلال ارتكاب الشغب.
مشاركة :