تحت عنوان «هل تتذكرون ما تحرقون» يقدم الفنان العراقي هيوا ك معرضه في مركز جميل للفنون، في دبي، والذي يستهله بالعمل الذي يحمل اسم «تقويم قمري»، وهو أحد الأعمال التي أنجزها الفنان لدى عودته الى السليمانية، وبعد فراره من العراق سيراً على الأقدام. تحضر في أعمال هيوا التجربة الشخصية مع الإشارة الى التصاق أعماله بالسياسة، وعرض التجارب الشخصية التي تصبح نتاج الواقع والمنظومات التي تحيط بالإنسان أو الفنان. فهو يرى أيضاً أن الحرب لا يمكن أن تخرج من ذاكرة الانسان. كما يعمل الفنان العراقي على تقديم المنظومات المعرفية في المجتمعات وبنى السلطة وتجارب الحياة المعاشة. نوع من اللعب تتعدد الوسائط الفنية في المعرض بحيث نجد الكثير من الأعمال التركيبية المتنوعة المواد، الى جانب الفيديو، ما يجعل الفنان متوجهاً لمخاطبة الجمهور من خلال العديد من الوسائط ليطلق العنان لهذه الأفكار التي تجتمع تحت ثيمة واحدة تبرز مدى التصاق الفن بالجانب السياسي والسلطة، وكيف تؤثر الأنظمة على الحياة بأكملها. وفي حديثه عن المعرض لـ«الإمارات اليوم»، قال هيوا: «يبرز المعرض مسيرتي خلال 14 سنة، وكيف تنوعت الوسائط الفنية في أعمالي على الرغم من أن الثيمات كانت دائماً مترابطة، فالأعمال كلها تقدم السلطة الثقافية بين الغرب والدول العربية، الى جانب استعراض تبدل الأنظمة المالية في الدول وكيف أثر ذلك في العالم العربي، بحيث يتم النظر الى البلدان العربية كنوع من المادة الخام، فكل عمل في المعرض يروي حكاية مختلفة، فيبدو كما لو انه معرض جماعي لفنان واحد، خصوصاً أن الأعمال متعددة الوسائط، فهو يحمل الكثير من الطفولة والتعامل مع الوسائط بنوع من اللعب». أعمل بحرية يعمل هيوا على وسائط متعددة، فيحضر الفيديو والتركيب، فيبدو المعرض الفردي وكأنه معرض جماعي، ويقول عن هذا النهج في العمل: «أعمل بحرية، وكفنان لست وفياً كثيراً للأفكار، بل أحرص على التغيير في العمل، فالمادة تحتاج الى من يصنع منها ما هو مختلف كي تولد من جديد، وهنا يمكن القول ان الفكرة تحافظ على نفسها وتكون حرة جداً عندما أحافظ على حريتي في التعاطي مع المادة». وعن بساطة المادة وقوة الفكرة، لفت هيوا الى انه لا يوجد قطع بين المحتوى والفكرة، فوظيفة الجلد ليست أن يغطي اللحم في جسم الانسان، فالجلد هو لحم خارجي، وهكذا عملية المحتوى والشكل فهما يتبدلان في كل مرة، ونجد أن الذات والموضوع يتقدمان بشكل مختلف عن الآخر. تتلازم السياسة بالعمل الفني مع هيوا، وهنا ينوه بأنه لا يوجد أي عمل غير سياسي في العالم، حتى إن كان عبارة عن رسم لوردة، فهناك دائماً موقف ما يوضح الجانب السياسي بشكل أو بآخر، لافتاً الى ان الفنان يجب أن يطرح الأدوات في العمل ويترك الإمكانية للمتلقي لفتح أفق الحوار، بحيث يكون العمل جدلياً، فالفنان يجب ان يستحضر الأفكار دون أن تكون محطة للوصول، بل تقدم للناس فرصة لتقديم استنتاجاتهم الخاصة. تاريخ العراق أما عن رواية هيوا لتاريخ العراق، فلفت الى أن أعماله مرتبطة وبشكل وطيد بتاريخ العراق، لأن ذاكرته محملة بكل أحداث العراق وحروبه، وهذا أثر بشكل كبير في الأفكار التي يحملها، فقد عايش الحرب، وهي بالطبع بدلت رؤيته للكثير من الأمور، موضحاً أن الحرب تحول تفكير الإنسان وأحياناً يصبح شاعرياً، فليس شرطاً أن يصبح قاسياً. واعتبر ان الحرب ليست فقط ما نراه، ولكن ما نعايشه ويمتد في الذاكرة، إلا أنه لابد من إيجاد ما هو إيجابي، لأن الحرب لا يمكن ان تخرج من ذاكرة الانسان، ومعايشتها تمنح المرء رؤية مختلفة وجديدة ومغايرة لكل تفاصيل الحياة، وهذا ينعكس على أفكاره وأعماله مستقبلاً، مشيراً الى انه على الرغم من ذلك فهو لا يذهب دائماً للمواجهة المباشرة مع الحرب في أعماله، فأحياناً يقدم ما يعبر بشكل شاعري. ووصف هيوا الفنان بصنبور المياه، فالبعض يتعاطى مع الصنبور فقط ويتم تطريزه بالألوان، بينما البعض يحولون المياه ويقومون بتنقية المياه وتغييرها ضمن قراءة جديدة، موضحاً ان هذه القراءة الجديدة تكون وليدة استنتاجات الفنان لكل ما تلقى، مع ترك المجال للجمهور لطرح استنتاجاتهم الخاصة، بحيث يتيح الفنان للجمهور وضع إسقاطاتهم. وفيما اذا كانت هناك سلطة من الفنان على الجمهور، أكد هيوا أن الفنان يحمل سلطة على الجمهور بشكل أو بآخر، فالعمل الذي لا يحتمل قراءات جديدة يكون الفنان فيه متسلطاً، مشيراً الى أنه يفضل دعوة الناس للعمل كي يكونوا جزءاً منه. سيرة فنية يعمل الفنان هيوا ك بين السليمانية وكردستان وبرلين، وشارك في العديد من المعارض الجماعية في عواصم عالمية وحازت أعماله جائزة هكتور لعام 2019. ويعد معرضه في «فن جميل» المعرض الفردي الأول له في المنطقة. ولد الفنان في العراق وهاجر بعدها الى الغرب، واندمجت في أعماله الهويات المتعددة، وقال عن هذا: «خلال 24 سنة مررت بكل أنواع الخوف والقلق والنشوة والنجاح، ولكنه طريق ومسار أساسي يجب أن يسلكه الإنسان ليتمكن من الحصول على هوية جديدة». - «أعمل بحرية، وكفنان لست وفياً كثيراً للأفكار». - «لا يوجد عمل غير سياسي في الفن، حتى لو كان رسماً لوردة». تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :