فاقم فيروس كورونا المستجد الأزمة الاقتصادية في فنزويلا، إذ ساهم في رفع نسب التضخم، التي تعانيها البلاد الغارقة في انكماش اقتصادي عميق منذ نحو سبعة أعوام. ووفقا لـ"الفرنسية"، تعاني المستشفيات العامة وضعا مترديا للغاية، إذ تفتقر إلى التجهيزات والطواقم المدربة، وقد اختار كثر من أفراد الطواقم الطبية والتمريضية الالتحاق بصفوف أكثر من خمسة ملايين فنزويلي هربوا من البلاد، التي يقودها نظام نيكولاس مادورو وترزح تحت العقوبات الاقتصادية الدولية. ولا تزال ويندي دولسي عاجزة عن تصديق كيف أعادت الممرضات استخدام الحقنة نفسها، التي أطعمت فيها تياجو في عملية تنبيب أنفي معد، وقد أصيب مولودها بجرثومة أنهت حياته، على الرغم من المضادات الحيوية. وهي كادت تفقد حياتها بعد نزيف في الرحم، ومنذ وصولها إلى المستشفى الجامعي في كراكاس، الذي كان يضرب به المثل كأحد أهم المؤسسات الاستشفائية في البلاد، لم تتوقف عن التفكير بأنها "لن تخرج أو الطفل سالمين" من المكان، بعدما رأت الأروقة مليئة بالمخلفات". وزادت معدلات وفيات الأطفال في فنزويلا 30.12 في المائة، بين 2015 و2016، مع 11466 وفاة لأطفال رضع لم يكملوا عامهم الأول، وفق وزارة الصحة، كما ازدادت وفيات الأمهات خلال الولادة 65 في المائة. ودخلت فنزويلا في تضخم مفرط في نهاية 2017، حتى تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في تراكمات زيادة الأسعار 3.045.92 في المائة، خلال 2020، ووفقا لخبراء سجلت تضخما سنويا 4000 في المائة، خلال العام الماضي، وذلك عند الكشف عن بيانات ديسمبر الماضي. ودفع معدل التضخم المرتفع التجار والمواطنين بشكل عام إلى تفضيل استخدام الدولار في مواجهة الخسارة اليومية لقيمة العملة المحلية. ويعزو الطبيب خايمي لورنزو من منظمة "ميديكوس أونيدوس" غير الحكومية انهيار منظومة الصحة إلى "ثغرات بنيوية في البنى التحتية وطواقم العمل" في مستشفيات البلاد. وكشفت دراسة أجرتها في 2019 جمعية "هومفنزويلا" غير الحكومية المتخصصة في توثيق الأزمة الإنسانية في البلاد، أن أربعة من كل ستة مستشفيات تفتقر إلى المعدات الأساسية، وثمانية مستشفيات من كل عشرة لا تملك ما يكفي من الأدوات الجراحية أو الأدوية، كما أن نصف دور الولادة الفنزويلية أغلقت خدمات التوليد جزئيا أو كليا في 2019. ويقول لورنزو لوكالة "فرانس برس" "علينا أن نطلب (من المرضى) إحضار كم كبير من الأشياء، التي يحتاجون إليها للمعالجة"، مشيرا إلى أن الاستخدام المتكرر للحقن ينطوي على "خطوة قصوى" ولا يجب اللجوء إليه إلا كخيار أخير. وتشير "هومفنزويلا" إلى أن 57 في المائة، من النساء الحوامل تلقين في 2019 عناية طبية ملائمة، وتقول فانيسا مارتينيز البالغة 28 عاما إن إنجاب الأطفال في فنزويلا "مسألة حظ"، وتضطر حوامل كثيرات إلى البحث في مستشفيات عدة عن مكان ليضعن فيه طفلهن. وبعد ارتفاع كبير في ضغط الدم لديها إثر تناولها مكملات من الحديد، خضعت فانيسا إلى عملية قيصرية طارئة في شهر الحمل السابع، وهي تدرك أنها محظوظة، وتتطلع لعيش "حياة هانئة" مع طفلتها سامنتا، التي تزن 1.945 كيلوجرام وتنام في مهد مغطى بناموسية في المنزل العائلي في كاتيا شرق كراكاس. وتظهر أرقام منظمة الصحة العالمية أن "سبعة آلاف امرأة في العالم تنجب أطفالا ميتين يوميا" كما أن "830 يمتن بسبب مضاعفات متصلة بالحمل أو الولادة". وتحصل أكثرية هذه الحالات في بلدان ضعيفة الدخل ويمكن تفاديها في أغلب الأحيان، وفق المنظمة. وكان قد أشار الرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو إلى أن حكومته أذنت في الربع الأخير من 2020 لأكثر من عشرة بنوك محلية بفتح حسابات بالدولار لتسهيل الدفع عبر القنوات الإلكترونية. ولا يزال نطاق هذه المنتجات غير معروف، لكن مادورو أعلن أن الدولة يجب أن تتحرك "نحو الاقتصاد الرقمي" بغض النظر عن العملة المستخدمة في إجراء المدفوعات. وقال في تصريحات إعلامية: "لقد حددت هدف الاقتصاد الرقمي بنسبة 100 في المائة، بحيث يكون لكل شخص وسائل دفع ببطاقته". واعترف رئيس فنزويلا، بأهمية الدولار في اقتصاد فنزويلا، إذ قال إن "الدولار يعمل كصمام للدخل وللتجارة ولإرضاء قطاعات مهمة من الحياة الاقتصادية الفنزويلية". وأشارت قناة "تيلي سور" الفنزويلية، إلى أن هذه المرة الأولى التي يعترف فيها مادورو الذي يحكم البلاد منذ 2013، ببيانات عن الدولرة الفعلية التي تمر بها البلاد، وقال "لا يمكننا أن نقول إن فنزويلا مثل الإكوادور أو بنما، على سبيل المثال، إنهما اقتصادات دولرة" ، قبل أن يشير إلى أن حكومته ستدافع عن استخدام العملة المحلية وأن من بين الدولار وما يسمى بالثورة البوليفارية هناك تكامل زمني. وقال مادورو، إن الدولار استخدم في 18.6 في المائة، من الأنشطة التجارية لفنزويلا خلال 2020، عندما شهدت البلاد دولرة بحكم الواقع نتيجة لارتفاع التضخم.
مشاركة :