(كونا) - تصدرت صورة مؤلمة لجثة طفل سوري جرفتها الامواج قبالة السواحل التركية امس الصفحات الاولى لصحف بريطانيا الصادرة اليوم وجميع مواقع التواصل الاجتماعي. واعربت وسائل الاعلام المختلفة بالمملكة المتحدة عن تعاطفها مع الطفل الذي غرق برفقة 12 آخرين بعد غرق زورقين متجهين من مدينة (بودروم) الساحلية جنوب غربي تركيا الى جزيرة (كوس) اليونانية وقررت وضع صورة الطفل السوري على صدر صفحاتها الاولى. وقال مراقبون ان صورة الطفل السوري التي يجري نشرها مرارا وتكرارا تدعو اوروبا المنقسمة على نفسها في التصدي للهجرة غير الشرعية لاسيما رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون للتعامل مع هذه الازمة بمنظور انساني وان تستقبل المزيد من هؤلاء اللاجئين الذين يبحثون عن الامن. واضافوا ان بريطانيا وافقت على استقبال عدد من السوريين في مخيمات اللجوء الا انهم اشاروا الى ان العامل الاهم هو احلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط. ومن جهتها وصف متحدث باسم الحكومة البريطانية صورة الطفل السوري بانها "صادمة" مؤكدا ان بلاده تبذل جهودا كبيرة لمساعدة اللاجئين في الشرق الاوسط. وبدوره قال وزير التنمية الدولية السابق اندرو ميتشل من حزب المحافظين لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) ان المملكة المتحدة وفرت "كما هائلا من الدعم الانساني" الى دول عدة منها سوريا. واضاف ان "بريطانيا لو لم توفر هذا الدعم لكان هناك مئات الآلاف من اللاجئين القادمين الى دول اوروبا" مشيرا الى ان بلاده قدمت بمفردها دعما ماليا "اكثر من كل من الاتحاد الأوروبي مجتمعة". وفي هذا الاطار اعرب بعض النواب المحافظين عن تأييدهم لمطالبة النائب المحافظ عن (بليموث مور) جنوب غرب انجلترا جوني ميرسر الحكومة البريطانية ببذل المزيد من الجهد في استقبال اللاجئين لاسيما وان "بريطانيا تأتي في مقدمة الدول التي تقدم المساعدات لمن هم غير قادرين على الاعتناء بأنفسهم". ومن جانبه قال النائب عن (انفيلد) شمال لندن ديفيد بوروز بحسب هيئة الاذاعة البريطانية ان "على بريطانيا استقبال الالاف من اللاجئين وليس المئات". واوضح انه سيدعو الحكومة البريطانية خلال جلسة مجلس العموم الاسبوع المقبل الى بذل المزيد من الجهود لمساعدة اللاجئين الذين يضحون بأرواحهم وارواح ابنائهم لعبور البحر المتوسط. وبدورها جددت المرشحة لرئاسة حزب العمال البريطاني المعارض ايفيت كوبر دعوتها حكومة كاميرون لاستقبال عشرة آلاف لاجئ من الدول التي تعاني من الصراعات. وقالت كوبر "انه امر محزن ما يحدث في قارتنا.. لا يمكن ان ندير ظهورنا ويجب علينا بذل المزيد" لمساعدة هؤلاء اللاجئين. من ناحيته قال زعيم الديمقراطيين الأحرار الجديد تيم فارون لصحيفة (اندبندنت) اليوم تعليقا على الطفل السوري "انها صورة مروعة ودعوة ليقظة (رئيس الوزراء) ديفيد كاميرون". وفي رد فعل غاضب صبت صحيفة (غارديان) جام غضبها على رئيس الوزراء البريطاني بعد "ان اصر على ان حكومته لن تستقبل اي لاجئ آخر من منطقة الشرق الاوسط التي مزقتها الحرب" في حين أبدت المنظمات الاهلية استعدادها لاستقبال الالاف منهم. وبينما يواجه كاميرون انتقادات حادة من الكنيسة الكاثوليكية التي تدعو لمساعدة اللاجئين ترى الحكومة البريطانية ان قبول الآلاف من اللاجئين لن يساعد في حل مشكلة الملايين من المشردين. وعلقت صحيفة (تايمز) على صورة الطفل قائلة ان "صورة مروعة لطفل صغير يرقد بلا حراك ويقف الى جانبه شرطي تكشف بشكل واضح حجم الخسائر البشرية جراء اكبر هجرة تشهدها اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية" في ظل عجز القادة السياسيين حتى اللحظة عن حل الازمة. واوضحت انه في خضم هذه الاوضاع تعاني دول اوروبا الشرقية من تبعات الاعداد الهائلة للاجئين ما دفعها الى طلب المساعدة من المانيا لاستقبال وتنظيم توزيعهم في اوروبا. وذكرت ان رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر سيعلن الاسبوع المقبل عن آلية تنظم استقبال المهاجرين في الدول الاوروبية بعد أن يجري سلسلة لقاءات في براغ غدا مع قادة سلوفاكيا والتشيك والمجر وبولندا لبحث هذه الالية. وفي سياق الضغوط التي تتعرض لها حكومة لندن طالبت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل رئيس وزراء بريطانيا بالتنازل عن بعض القيود واتخاذ تدابير فاعلة لتخفيف العبء على دول الاتحاد الاوروبي على غرار ما تقوم المانيا التي تستضيف 43 في المئة من مجموع اللاجئين. ومن المتوقع ان تهيمن هذه القضية على شؤون الاتحاد الأوروبي لعدة أشهر قادمة وكذلك على المهمة التفاوضية بشأن بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي. وقال احد المراقبين لصحيفة (تايمز) ان ديفيد كاميرون يقف ضد رأي الناخبين المعتاد ويمكن ان يتغير موقف حكومته فجأة بطبيعة الضغوط والانتقادات الحادة التي تمارس عليها كونها "حكومة مهتمة بتقديم المساعدة الانسانية".
مشاركة :