قال وزير المالية التونسي، إن تونس ستصدر هذا العام سندات قد تصل إلى ثلاثة مليارات دولار، وتسعى للحصول على ضمان قرض بمليار دولار من إدارة الرئيس الأميركي جو بادين، بينما تستعد لسداد ديون قياسية في 2021، وتدشين حزمة إصلاحات عاجلة لإنعاش اقتصادها العليل. وكشف وزير المالية والاقتصاد ودعم الاستثمار علي الكعلي في مقابلة مع «رويترز» عن أن تونس قد تصدر أيضاً صكوكاً بالسوق المحلية بقيمة 300 مليون دينار في النصف الأول من العام، ورجح أيضاً إصدار صكوك بالسوق الدولية في وقت لاحق. وفي ظل عجز مالي بلغ 11.5 بالمئة العام الماضي، ودين عام تجاوز 90 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، تخطط تونس كذلك لإصلاحات عاجلة لمعالجة فاتورة الأجور العامة، التي تقول إنها مرتفعة للغاية، وخفض الدعم وإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة ذات الأداء الضعيف. تبلغ الأجور العامة في تونس أكثر من 20 مليار دينار هذا العام، من إجمالي ميزانية البلاد البالغة 52 مليار دينار. وقال الكعلي: «نحن في وضع صعب، لكن هذا لا يعني أننا في وضع لا يسمح لنا بدفع الرواتب أو سداد ديوننا»، مضيفاً أن تونس يمكنها سداد المدفوعات التي تستحق في النصف الأول من 2021. تزيد الاحتجاجات التي تهز تونس منذ نحو أسبوعين الضغوط على الحكومة التي تواجه مطالب من المقرضين للشروع في إصلاحات. وستحتاج تونس في 2021 إلى قروض بنحو 19.5 مليار دينار (7.2 مليار دولار)، تشمل قروضاً أجنبية بحوالي خمسة مليارات دولار. مدفوعات الديون وستصل مدفوعات الديون المستحقة هذا العام إلى 16 مليار دينار، وهو مستوى قياسي، ارتفاعا من 11 مليار دينار العام الماضي، وثمانية مليارات في 2019. وكانت لا تتجاوز ثلاثة مليارات في 2010. وقال الكعلي، إن تونس تأمل في الحصول على ضمان قرض من الولايات المتحدة لتسهيل مهمتها بسوق السندات. وأضاف أن الحكومة تأمل في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج تمويل جديد، وأن المشاورات الأخيرة تحت المادة الرابعة كانت خطوة نحو ذلك. لكن وزير المالية أضاف أن تونس لا تريد اتفاقا مع صندوق النقد للتمويل فحسب، إذ تعي بحاجتها إلى إصلاحات لإنعاش الاقتصاد. وتابع أن تونس لم تقرر حجم التمويل الذي تسعى إليه، وأنها تتخذ خطوات لتحسين تصنيفها الائتماني، وكسب تأييد صندوق النقد لهذه الخطوة. وأضاف: «أعتقد أن هناك إمكانية حقيقية للذهاب إلى الأسواق لإصدار سندات بقيمة مليار دولار على الأقل خلال 2021، ويمكننا الوصول إلى سندات بقيمة ثلاثة مليارات دولار إذا وجدنا الظروف الملائمة لذلك». وذكر أنها قد تصدر، بشكل منفصل، صكوكاً في السوق المحلية قبل يوليو، مضيفاً أنها قد تكون بنحو 300 مليون دينار. الدعم الموجه قال وزير المالية، إن تونس ستتحول إلى الدعم الموجه في الأشهر القليلة المقبلة، وستعلن عن خطط لإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة بعد شهر رمضان، الذي ينتهي هذا العام في منتصف مايو. ومضى يقول، إن رواتب الموظفين وصلت إلى «الحد الأقصى»، مضيفاً أن الحكومة ستدرس خياراتها لاحتواء الأجور. لكنه قال، إن أزمة كورونا قد تؤدي إلى تأجيل بعض الإصلاحات لتجنب زيادة الأعباء الاقتصادية على التونسيين ولأنه ليس الوقت المناسب لجذب استثمارات محتملة في الشركات الحكومية. وقال الكعلي، إن الإعانات الموجهة ستشمل توزيع بطاقات رقمية على ذوي الدخل المنخفض، إلى جانب إجراءات أخرى، بهدف وصول الدعم لمستحقيه وتقليل الأعباء عن الدولة. وقال وزير المالية والاقتصاد، إن مثل هذه البطاقات أثبتت بالفعل جدواها في توصيل الدعم أثناء الفترة الأولى من تفشي الوباء العام الماضي. وأوضح الكعلي أن الحكومة تعكف على تقدير عدد مستحقي المساعدة بهذه البطاقات، ومقدار المنتجات التي يجب دعمها، مع تحاشي التسبب في ارتفاع كبير للتضخم. كان صندوق النقد دعا إلى احتواء الأجور والتحويلات المخصصة للشركات العامة وخفض الدعم، محذراً من أن النكوص عن هذه الإجراءات قد يوسع العجز المالي إلى نحو تسعة بالمئة من الناتج الإجمالي هذا العام. إصلاح الشركات كان رئيس الحكومة هشام المشيشي قد قال، إنه لا توجد خطوط حمراء في عملية إصلاح المؤسسات العامة، التي يتجاوز عجزها الستة مليارات دينار، وإن من المقرر إقامة وكالة وطنية للإشراف على إصلاح الشركات، لكن الكعلي أوضح أن تفاصيل الإصلاحات لن تُعلن قبل الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة. وقال إن الحكومة ستبيع حصصها في بعض الشركات لكنه لم يحدد أي منها. وقال: «هل الدولة بحاجة إلى امتلاك أسهم أقلية في بعض الشركات؟ وهل هي بحاجة إلى امتلاك حصص في 12 بنكاً كما هو الحال؟». حصيلة الخصخصة وقال إن أي حصيلة للخصخصة سيُعاد ضخها في شركات أخرى مملوكة للدولة تريد الحكومة إعادة هيكلتها. كان اتحاد الشغل، النقابة الرئيسية في البلاد، قد عبر في وقت سابق عن رفضه لخصخصة الشركات الكبرى، داعياً إلى تطوير إدارتها وتوفير مناخ تنافسي. لكن الكعلي قال إنه لا يتوقع حدوث مشكلات في هذا الصدد، مضيفاً أن الحكومة لا تسعى إلى المواجهة. تعاني شركات عامة عديدة، مثل الخطوط التونسية عجزاً كبيراً بسبب سوء الإدارة على مدى سنوات وتحميلها بعمالة لا تحتاج إليها، فضلاً عن تسيير رحلات إلى وجهات خاسرة. وقال الكعلي، إنه يدرس سبلاً شتى لاحتواء فاتورة الأجور العامة، مثل تقليص محدود لأجور الراغبين في ساعات عمل أقل. وتابع «طرق السيطرة على كتلة الأجور يمكن أن تكون مختلفة، وسيكون ذلك محور نقاش وتمعن».
مشاركة :