تجردت ربة منزل من مشاعر الرحمة والإنسانية، خنقت نجل شقيق زوجها البالغ من العمر 5 أعوام للانتقام من أمه بسبب خلافاتهما المستمرة، حيث تقيمان في منزل العائلة وأصبح الشعل الشاغل لكل منهما تدبير المكائد للأخرى. أخفت الجثة أعلى حظيرة الماشية لمدة شهر ثم ألقت بها في إحدى الترع، حيث تم العثور عليها في حالة تعفن تام، ألقي القبض على المتهمة وأمرت النيابة بحبسها على ذمة التحقيق بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار. استيقظ سيد في الصباح الباكر على صوت والدته وهي توقظ أشقاءه الثلاثة ليذهبوا إلى مدارسهم، لكن سيد كان أكثرهم حيوية ونشاطا ونفض الكسل سريعاً وارتدى ثيابه قبلهم جميعاً وبدأ أسطوانته التي يكررها منذ بدء العام الدراسي وهو يطلب الذهاب معهم إلى المدرسة ومن بين دموعه أعاد عليه والده أنه سيذهب إلى المدرسة العام المقبل. انصرف الأب إلى عمله وانشغلت الأم في إعداد الطعام وترتيب المنزل ووجد سيد نفسه وحيدا فخرج إلى الشارع ليبحث عن أقرانه الذين اعتاد اللعب معهم. مر الوقت وعاد الأشقاء من المدرسة ولاحظت والدة سيد اختفاءه، ورغم أنه في القرى لا يشعر الأهل بأية مشاكل أو قلق عندما يغيب طفل أو طفلة عن منزل الأسرة فكل أهالي القرية يعرفون بعضهم البعض، ولا يوجد أي خطر يهدد من قريب أو بعيد حياة الأطفال، ومن المستحيل أن يتوه طفل أو طفلة إلا إذا كانت هناك ظروف غامضة لكن الأم عندما تغيب طفلها عن المنزل خرجت تبحث عنه في الشارع فلم تجده رغم أن الليل حل وعاد كل الأطفال إلى منازلهم، فبدأت في البحث عنه في منازل الجيران لكن من دون جدوى. عادت الأم إلى المنزل مرة أخرى لتبحث عنه في كل مكان عسى أن يكون قد نام في أي مكان في المنزل من شدة التعب بعد أن لعب مع الأطفال لكنها لم تجده، ومع ذلك لم يساورها الشك حتى هذه اللحظة في حدوث مكروه لابنها، فبالتأكيد سوف تعثر عليه في أحد منازل الجيران وربما يكون قد ذهب لشراء شيء من أي محل ما جعله يتأخر، وعندما عاد زوجها من عمله وأخبرته بأن سيد خرج ليلعب في الشارع مع أقرانه لكنه لم يعد، حاول أن يطمئنها وطلب منها ألا تقلق فسوف يخرج للبحث عنه هو وأصدقاؤه وبالتأكيد سوف يعثر عليه. خرج الأب على الفور يبحث في كل منازل القرية عن طفله ومعه جميع أصدقائه وأقاربه يبحثون معه فلم يحدث من قبل أن اختفى أي طفل من أبناء القرية، لكن جميع الجهود ضاعت هباء وفشل الجميع في العثور على الطفل، فكان لا بد من إبلاغ الشرطة. ذهب الوالد إلى مركز الشرطة وأبلغ عن اختفاء طفله في ظروف غامضة ولم يتهم أحداً، وعاد إلى المنزل وانقطع عن العمل وتفرغ تماماً للبحث عن ابنه، وأخذت دائرة البحث تتسع لتشمل جميع القرى المجاورة لكن جميعها لم تسفر عن جديد، نشروا صورته في أبواب المتغيبين في الصحف لكن من دون فائدة أيضا. شهر متصل والأب والأم يواصلان البحث ليلا ونهارا عن طفلهما من دون جدوى حتى عثر أحد الصيادين على هيكل عظمي داخل جوال ملقى في الترعة المارة بالقرية أثناء السدة الشتوية، حيث ينخفض منسوب المياه في الترعة، ومن خلال بقايا الملابس تأكد أنها جثة الطفل سيد. هز الخبر أرجاء القرية وخيم الحزن الشديد على جميع الأهالي وشعروا بالغضب يملأ كل القلوب والكل يتمنى أن يفتك بالجاني المجهول. تلقت الشرطة بلاغاً بالعثور على الجثة وانتقل رجال المباحث إلى القرية لكشف غموض الجريمة. واصل رجال المباحث جهودهم على مدى 10 أيام كاملة وخلالها تم جمع التحريات عن جميع الجيران وكل من يمت بصلة للمجني عليه، ولاحظ رجال المباحث ارتباك علية أبو الفتوح (26 سنة ربة منزل) وهي زوجة سعد شقيق زوج أم الطفل المجني عليه وتبين أن علاقتها سيئة بأم المجني عليه سعدية وحدثت بينهما عدة خلافات انتهت بالقطيعة بينهما وأصبح الشعل الشاغل لكل منهما أن تدبر المكائد للأخرى، حيث إنهما تعيشان معا في منزل العائلة، ومنذ بداية زواج علية بزوجها عاملتها أم سيد بجفاء من دون أسباب مفهومة وإن كانت في الحقيقة تجدها غير ملائمة لمستواهم الاجتماعي، خاصة أنها كانت قد عرضت على سعد شقيق زوجها عددا من العرائس من قريباتها لكنه رفضهن جميعا وفضل علية عليهن وسرعان ما دبت الغيرة النسائية بينهما وكانت أسباب الخلاف كلها تافهة، فمرة بسبب الغسيل الذي يقطر ماؤه على غسيل الأخرى، وأخرى بسبب لعب الأولاد، واحتد الخلاف بينهما ليصل إلى معارك ضارية وتفننت كل منهما في أساليب الكيد والمضايقة للأخرى وامتلأت النفوس بالضغينة والكراهية، وباتت كل منهما تتربص للأخرى وتنتظر منها غلطة لكي تحاسبها عليها، ووصل الأمر أحيانا إلى حد التراشق بالألفاظ النابية أو التشابك بالأيدي أمام الجيران، حتى أصبح ما بينهما نارا لا يهدأ لها أوار، حتى فكرت علية في أن تطلب من زوجها البحث عن سكن آخر بعيدا عن سكن العائلة حتى توقف الحرب التي تشنها زوجة شقيقه عليها، لكنها تراجعت عن فكرتها حتى لا تكون السبب في انفصال الشقيقين واكتفت بأنها أصبحت تقضي أكبر وقت ممكن عند أهلها بعيداً عن زوجة شقيق زوجها، وحتى لا تتيح لها فرصة الاحتكاك واختراع المتاعب، ومع ذلك لم تتوقف سعدية عن مؤامراتها حتى كانت آخر مشاجرة بينهما انتهت بالتزام علية حجرتها واستسلمت لدموعها يعذبها شعور بالقهر والهزيمة وضاقت عليها الدنيا بما رحبت وتدخل الشيطان يوسوس لها بضرورة الانتقام وأن تلقن سلفتها درسا غالياً ورجحت التحريات أنها وراء الجريمة. عندما تجمعت كل هذه الخيوط ضد علية تم إلقاء القبض عليها وبمواجهتها وتضييق الخناق حولها انهارت وأدلت باعترافات تفصيلية عن الحادث وتساقطت دموعها وهي تروي التفاصيل الكاملة لجريمتها الشنعاء وأفادت بأن دافعها الوحيد هو الانتقام من أم الطفل لتحرق قلبها وأن الانتقام أعمى قلبها وألغى تفكيرها، وعقب المشاجرة الأخيرة التي نشبت مع والدة الطفل فكرت في قتلها لكنها تراجعت أمام ضخامة حجمها وعندما وجدت الطفل عائدا بمفرده إلى شقته التي تعلو شقتها تذكرت ما فعلته أمه ولعب الشيطان برأسها ووجدتها فرصة مناسبة لحرق قلبها عليه خاصة أنه أصغر أشقائه وأقربهم إلى قلبها، ونادت عليه فتوجه إليها الصغير ببراءة وأخبرته بأنها اشترت له حلوى واصطحبته إلى غرفة في منزلها ثم انقضت عليه وخنقته حتى تأكدت من موته وأخفت الجثة أسفل السرير حتى جاء الليل وانشغل الجميع بالبحث عن الطفل المفقود فوضعت جثته داخل جوال بلاستيك وألقت به على سقف حظيرة المواشي وسط قش الأرز لمدة شهر، وبعد عدة أيام قامت بحمل الجوال وألقته في الترعة المجاورة للمنزل حيث تم العثور عليه، وعندما عرفت بالعثور على الجثة أخذت تصرخ بطريقة هستيرية وتلطم خدودها من شدة الحزن وأدت واجب العزاء في الطفل القتيل. أمرت النيابة بحبسها على ذمة التحقيق ووجهت إليها تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وقرر قاضي المعارضات تجديد حبسها 45 يوماً أخرى.
مشاركة :